أكدت المحكمة الكبرى الإدارية أن لفت نظر الموظف أو توجيهه من رئيسه لا يمنع إحالته إلى التحقيق أو توقيع عقوبة تأديبية بحقه، مؤكدة أنه من سلطة الرئيس الإداري بل من واجبه أن يوجه مرؤوسيه إلى أخطائهم أثناء العمل خارج نطاق التأديب، بقصد العمل على رفع كفاية إنتاجهم، وأن لفت نظر الموظف إلى أخطائه بهذا المعنى لا يعتبر عقوبة تأديبية، وقد يلجأ بعض الرؤساء، ويصوغون توجيهاتهم في أسلوب قاس، قد يجاوز التعابير التي ترد في عقوبات الإنذار أو اللوم أو التوبيخ أيا كانت تسمياتها.
جاء ذلك في حيثيات طعن ممرضة على قرار خصم 7 أيام من راتبها بدعوى أنه سبق أن تلقت لفت نظر من رئيسها المباشر، مدعية أن لفت النظر من رئيسها يمثل عقوبة ولا يجوز معاقبتها مجددا، وذلك بعد ثبوت إهمالها في العمل، بنسيان مريضة في المركز بعد الدوام الرسمي.
إذ رفعت دعواها وطلبت إلغاء القرار الإداري الصادر بمجازاتها بخصم 7 أيام من الراتب وما يترتب عليه من آثار وإلزام المهن الصحية بأن تؤدي لها مبلغ 150 دينارا مقابل أتعاب المحاماة، مع إلزامها بالرسوم والمصاريف القضائية، وقالت إنها تعمل بوظيفة (ممرضة) وأصدر الرئيس التنفيذي لمراكز الرعاية الصحية الأولية قرارا بشأن تشكيل لجنة تحقيق في واقعة خطأ طبي وقعت في المركز الصحي الذي تعمل به كانت مسؤولة عنه، وتم توجيه إنذار كتابي إليها مع كافة العاملين في النوبة بخصوص الواقعة كإجراء إداري متخذ من الجهة الإدارية.
وأضافت أنه بعد ذلك تم استدعاؤها وآخرون للمثول أمام لجنة التحقيق، وبعد التحقيق معها انتهت لجنة التحقيق إلى مجازاتها بعقوبة الخصم من الراتب بواقع 7 أيام عمل.
فيما أشارت المحكمة إلى أن المخالفة التأديبية هي إخلال الموظف بواجبات وظيفته إيجاباً أو سلباً أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه، ويتأتى ذلك بأن يخالف الواجبات التي تنص عليها القوانين أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته التي يجب أن يقوم بها لنفسه، أو يقتصر في تأديتها بما تتطلبه من حيطة ودقة وأمانة إنما يرتكب ذنبا إدارياً يستوجب تأديبه.
وقالت: لما كان الثابت أن المدعية تعمل بوظيفة (ممرضة) وقد أصدر المدعى عليه المدخل الرئيس التنفيذي لمراكز الرعاية الصحية الأولية قرار بشأن تشكيل لجنة تحقيق مع المدعية في واقعة خطأ طبي، وقد خلصت تلك اللجنة بعد التحقيق مع المدعية إلى ارتكابها مخالفة الإهمال وعدم الاهتمام بالعمل كونها من قامت بإكمال الخطة العلاجية للمريضة وهي المعنية لإكمال تلك الخطة، وانتهت اللجنة إلى التوصية بمجازاة المدعية بعقوبة خصم سبعة أيام من الراتب، ولما كانت المدعية لم تقدم ما ينفي تلك الوقائع المنسوبة إليها وثبت بحقها المخالفة وعدم الاهتمام بالعمل المنصوص عليها من جدول المخالفات والجزاءات الملحق باللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية والمقرر لمرتكبها جزاء الإنذار الكتابي إلى 10 أيام خصم من الراتب في المرة الأولى ومن ثم يكون القرار الطعين الصادر بمجازاة المدعية بالخصم من الراتب قد صدر ممن يملك سلطة إصداره وفي حدود النصاب القانوني المقرر للسلطة الإدارية ، متناسبًا مع ما اقترفه المدعي من مخالفة تأديبية، متفقًا وصحيح حكم القانون بمنأى عن الإلغاء عند الطعن عليه.
وأشارت المحكمة إلى أنه لا ينال من ذلك ما تنعاه المدعية من عدم مشروعية القرار المطعون عليه لانطوائه على توقيع جزاء ثان على المدعية بالمخالفة لقاعدة عدم جواز توقيع أكثر من جزاء واحد على المخالفة ذاتها وذلك لسبق توجيه إدارة المركز الصحي التابعة له المدعية إنذارا كتابيا لها بعد الواقعة محل التحقيق بيومين.
حيث أوضحت المحكمة أن من سلطة الرئيس الإداري بل من واجبه أن يوجه مرؤوسيه إلى أخطائهم أثناء العمل خارج نطاق التأديب، بقصد العمل على رفع كفاية إنتاجهم، وأن لفت نظر الموظف إلى أخطائه بهذا المعنى لا يعتبر عقوبة تأديبية، وقد يلجأ بعض الرؤساء، ويصوغون توجيهاتهم في أسلوب قاس، قد يجاوز التعابير التي ترد في عقوبات الإنذار أو اللوم أو التوبيخ أيا كانت تسمياتها، ومع ذلك، فإن القضاء مستقر أيضًا على أنه أيا كان الأسلوب الذي يفرغ فيه التوجيه أو لفت النظر، فإنه ليس من شأنه أن يغير طبيعته ويحوله إلى عقوبة تأديبية.
وقالت لما كان ذلك البين من مطالعة الخطاب الموجه للمدعية من قبل مشرفة التمريض بشأن الوقعة محل الدعوى والذي تضمن تنبيه وتحذير للمدعية من تكرار ذلك الخطأ لتأثير ذلك تقييم أدائها وأنه سيتم قياس أدائها شهريا، فإنه لا يعدو أن يكون مجرد إجراء مؤسسي من قبيل إبداء الملاحظات من جانب مصدره بما له من سلطة اشراف ومتابعة ولفت نظر وتبصيره المدعية إلى أخطائها لتفادي تكررها، وذلك لضمان انتظام العمل واطراده على وجه سليم، فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعية المصروفات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك