العدد : ١٧٠٥٦ - الثلاثاء ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٦ - الثلاثاء ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

العرب وتحولات الغرب

تشهد‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والموقف‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭. ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬ويجب‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬استثمارها‭ ‬عربيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والمواقف‭ ‬العربية‭ ‬عموما‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬اصطفت‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ودعَّمته‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يشنها،‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬تدعمه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬بالسلاح‭ ‬والدعم‭ ‬السياسي‭ ‬والإعلامي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬والمجتمعات‭ ‬الغربية‭ ‬شهدت‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬الرسمية‭.‬

من‭ ‬المفهوم‭ ‬بالطبع‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬حدثت‭ ‬نتيجة‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬من‭ ‬وحشية‭ ‬وهمجية‭ ‬لم‭ ‬يعرفها‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬ونتيجة‭ ‬ما‭ ‬اكتشفه‭ ‬الكثيرون‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭.‬

يمكن‭ ‬أن‭ ‬نلخص‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬فيما‭ ‬يلي‭:‬

أولا‭: ‬الانتفاضة‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وإدانة‭ ‬للاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

هذه‭ ‬الانتفاضة‭ ‬تجسدت‭ ‬في‭ ‬المظاهرات‭ ‬الشعبية‭ ‬العارمة‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬وتشهدها‭ ‬عواصم‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬نصرة‭ ‬لفلسطين‭. ‬وتجسدت‭ ‬في‭ ‬انتفاضة‭ ‬طلاب‭ ‬الجامعات‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وامتدت‭ ‬إلى‭ ‬باقي‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬وغير‭ ‬هذا‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬الاحتجاج‭ ‬الشعبي‭.‬

هذه‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الشعبية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬اتساع‭ ‬نطاقها‭ ‬ومن‭ ‬حيث‭ ‬الموقف‭ ‬الحازم‭ ‬الذي‭ ‬تتبناه‭. ‬

وقد‭ ‬نجحت‭ ‬هذه‭ ‬الانتفاضة‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬إجبار‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬تعديل‭ ‬بعض‭ ‬مواقفها‭ ‬ومحاولة‭ ‬إظهار‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تؤيد‭ ‬الإبادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بشكل‭ ‬أعمي‭ ‬أو‭ ‬إنها‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

ثانيا‭: ‬إنه‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬تنطلق‭ ‬وعلى‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬مطالبات‭ ‬باتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬جذرية‭ ‬حازمة‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مطروحة‭ ‬بهذا‭ ‬الوضوح‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬المطالبة‭ ‬بوقف‭ ‬تصدير‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬لإجبارها‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الوحشية،‭ ‬أصبحت‭ ‬مطالبة‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬على‭ ‬مستويات‭ ‬كثيرة‭.‬

هذه‭ ‬المطالبة‭ ‬لم‭ ‬تنطلق‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬وفي‭ ‬الجامعات،‭ ‬وإنما‭ ‬أصبحت‭ ‬تصدر‭ ‬من‭ ‬نواب‭ ‬وساسة‭ ‬ومسئولين‭ ‬في‭ ‬الغرب‭.‬

هذا‭ ‬المطلب‭ ‬بوقف‭ ‬تصدير‭ ‬السلاح‭ ‬للكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬ويعكس‭ ‬تحولا‭ ‬هائلا‭. ‬

يرتبط‭ ‬بهذا‭ ‬أيضا‭ ‬المطالبات‭ ‬التي‭ ‬انتشرت‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬بمقاطعة‭ ‬الشركات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بقطع‭ ‬العلاقات‭.‬

ثالثا‭: ‬الانشقاق‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬مواقفها‭ ‬الرسمية‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والقضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬فيه‭ ‬أمريكا‭ ‬وأغلب‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬تدعم‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬ومازالت‭ ‬أبعد‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬عن‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالحقوق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المشروعة،‭ ‬وجدنا‭ ‬دولا‭ ‬أوروبية‭ ‬تنشق‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭. ‬

قرار‭ ‬النرويج‭ ‬وإيرلندا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬الاعتراف‭ ‬رسميا‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬خطوة‭ ‬كبرى‭ ‬تجسد‭ ‬هذا‭ ‬الانشقاق‭. ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬النتائج‭ ‬العملية‭ ‬لهذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬تمثل‭ ‬دعما‭ ‬كبيرا‭ ‬لقضية‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وإدانة‭ ‬مباشرة‭ ‬واضحة‭ ‬للكيان‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬كما‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬تحرج‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الأخرى‭ ‬وتظهر‭ ‬مدى‭ ‬دعمها‭ ‬للاحتلال‭ ‬وتنكرها‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬والحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

هذه‭ ‬بعض‭ ‬التحولات‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭.‬

كما‭ ‬ذكرت‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نقلل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬وما‭ ‬تعنيه‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭. ‬هي‭ ‬تحولات‭ ‬تاريخية‭ ‬فعلا‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الصهيوني‭.‬

القضية‭ ‬المهمة‭ ‬هنا،‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للعرب‭ ‬أن‭ ‬يستغلوا‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬ويستثمروها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين‭ ‬والقضايا‭ ‬العربية‭ ‬عموما‭.‬

للحديث‭ ‬بقية‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا