العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

من أجل أجيالنا القادمة

هذا‭ ‬تعبير‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬يجب‭ ‬التوقف‭ ‬عنده‭ ‬مطولا‭. ‬

نعني‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬جلالته‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصحفي‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬الالتزام‭ ‬بتنفيذ‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه،‭ ‬وإن‭ ‬تنفيذه‭ ‬قد‭ ‬آن‭ ‬أوانه‭ ‬‮«‬كي‭ ‬تنال‭ ‬أجيالنا‭ ‬القادمة‭ ‬حقها‭ ‬من‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬والحياة‭ ‬الآمنة‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬العبارة‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬بليغة‭ ‬تجسد‭ ‬تفكيرا‭ ‬حكيما‭ ‬بعيد‭ ‬المدى‭.‬

بالطبع‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬قال‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬والعمل‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬وما‭ ‬يجب‭ ‬اتخاذه‭ ‬والاتفاق‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬وإجراءات‭ ‬عربية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭. ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬إذا‭ ‬تأملنا‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬جيدا‭ ‬فسوف‭ ‬نجد‭ ‬أنها‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬معانٍ‭ ‬كبرى‭ ‬هي‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

1‭ ‬‭ ‬إن‭ ‬الوضع‭ ‬العربي‭ ‬الحالي‭ ‬وما‭ ‬تواجهه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬جسيمة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يحتمل‭ ‬عدم‭ ‬اتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬وإجراءات‭ ‬عملية‭ ‬تحمي‭ ‬الأمة‭ ‬وعدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بما‭ ‬يتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه‭.‬

2‭ ‬‭ ‬إن‭ ‬القضية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬مواقف‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬إجراءات‭ ‬محددة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭. ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬تنفيذ‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه‭.‬

3‭ ‬‭ ‬إن‭ ‬القيادات‭ ‬العربية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬أنها‭ ‬تتحمل‭ ‬اليوم‭ ‬مسئولية‭ ‬تاريخية‭ ‬جسيمة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تواجهه‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭. ‬هذه‭ ‬المسئولية‭ ‬لا‭ ‬تحتِّمها‭ ‬فقط‭ ‬ضرورة‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الحالية‭ ‬وحماية‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬وإنما‭ ‬تحتِّمها‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬وربما‭ ‬أكثر‭ ‬المسئولية‭ ‬التاريخية‭ ‬تجاه‭ ‬الأجيال‭ ‬العربية‭ ‬القادمة‭. ‬هذه‭ ‬الأجيال‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬حقها‭ ‬أن‭ ‬نؤمِّن‭ ‬لها‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬وآمنة‭.‬

كي‭ ‬نفهم‭ ‬هذه‭ ‬المعانيَ‭ ‬لما‭ ‬قاله‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نضعها‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الموضوعات‭ ‬والقضايا‭ ‬التي‭ ‬بحثها‭ ‬جلالته‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري،‭ ‬وأيضا‭ ‬مع‭ ‬العاهل‭ ‬الأردني‭.‬

كان‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬بحثها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬جهود‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬مأساة‭ ‬أهلنا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬وأيضا‭ ‬ضرورة‭ ‬الدفع‭ ‬عربيا‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬منح‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬دولته‭ ‬المستقلة‭.‬

ومن‭ ‬القضايا‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬بحثها‭ ‬جلالته‭ ‬ضرورة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والحيلولة‭ ‬دون‭ ‬اتساع‭ ‬الصراع،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬تقويض‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭.‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬القضايا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬التي‭ ‬بحثها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬ضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ ‬والارتقاء‭ ‬يه‭ ‬بحيث‭ ‬تتمكن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الجسيمة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭.‬

بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬المفهوم‭ ‬أن‭ ‬مباحثات‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬المسئولية‭ ‬التي‭ ‬تتحملها‭ ‬البحرين‭ ‬باستضافة‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬القادمة‭.‬

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬كرئيس‭ ‬للقمة‭ ‬العربية‭ ‬حريص‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬منذ‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬نجاح‭ ‬القمة‭. ‬جلالته‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬القمم‭ ‬العربية‭ ‬بحكم‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬تعقد‭ ‬في‭ ‬ظلها،‭ ‬وبحكم‭ ‬الآمال‭ ‬الشعبية‭ ‬العربية‭ ‬الكبيرة‭ ‬المعلقة‭ ‬على‭ ‬القمة‭.‬

القمة‭ ‬تعقد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أخطار‭ ‬وجودية‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة‭ ‬تواجهها‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭. ‬ومواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الأخطار‭ ‬وحماية‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬يتطلب‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬الالتزام‭ ‬وأعلى‭ ‬مستويات‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭.‬

‭ ‬المعيار‭ ‬الأساسي‭ ‬لنجاح‭ ‬القمة‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬صدور‭ ‬مواقف‭ ‬أو‭ ‬بيانات‭ ‬نظرية‭ ‬إنشائية،‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬خطوات‭ ‬وإجراءات‭ ‬عملية‭ ‬عربية‭ ‬مشتركة‭ ‬والالتزام‭ ‬بتنفيذ‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه‭. ‬وهذا‭ ‬بالضبط‭ ‬هو‭ ‬المعنى‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬أكده‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭.‬

وحين‭ ‬يضع‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬الجسيمة‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬القمة‭ ‬العبية‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬حتمية‭ ‬ضمان‭ ‬حق‭ ‬الأجيال‭ ‬العربية‭ ‬القادمة‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬والحياة‭ ‬الآمنة،‭ ‬فإنما‭ ‬يريد‭ ‬جلالته‭ ‬أن‭ ‬ينبه‭ ‬إلى‭ ‬الأهمية‭ ‬التاريخية‭ ‬الحاسمة‭ ‬للعمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ ‬العملي‭ ‬والجاد‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الراهنة‭.‬

من‭ ‬أجل‭ ‬الأجيال‭ ‬العربية‭ ‬القادمة‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بداية‭ ‬لصحوة‭ ‬عربية‭ ‬ولعهد‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬الأمة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬والأخطار‭ ‬وحماية‭ ‬دولنا‭ ‬وشعوبنا‭ ‬في‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا