العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

دعوهم يفرحوا.. العيد للجميع

في‭ ‬أول‭ ‬أيام‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬المبارك،‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬مجمع‭ ‬تجاري،‭ ‬كبير‭ ‬وجديد‭.. ‬شاهدت‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الناس‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬الزوار‭ ‬والمقيمين،‭ ‬من‭ ‬الجاليات‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬والآسيوية‭ ‬وغيرها‭.. ‬سعدت‭ ‬كثيرا‭ ‬بحجم‭ ‬الإقبال،‭ ‬وعمليات‭ ‬الشراء،‭ ‬وطوابير‭ ‬الانتظار‭ ‬عند‭ ‬المطاعم،‭ ‬ودور‭ ‬السينما،‭ ‬ومراكز‭ ‬الترفيه‭.. ‬هذه‭ ‬الحيوية‭ ‬الإيجابية‭ ‬تنعش‭ ‬السوق،‭ ‬وتحرك‭ ‬السياحة،‭ ‬وتنمي‭ ‬الاقتصاد‭.‬

حينما‭ ‬تذهب‭ ‬مع‭ ‬أسرتك‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬دبي‭ ‬مول‮»‬‭ ‬في‭ ‬الإمارات،‭ ‬وعندما‭ ‬تزور‭ ‬‮«‬مجمع‭ ‬الأفنيوز‮»‬‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬أو‭ ‬تتجول‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الحسين‭ ‬بالقاهرة،‭ ‬ولحظة‭ ‬سفرك‭ ‬إلى‭ ‬لندن‭ ‬وزيارة‭ ‬حديقة‭ ‬‮«‬الهايد‭ ‬بارك‮»‬‭ ‬مثلا‭ ‬وغيرها‭.. ‬تشاهد‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الزوار،‭ ‬ومن‭ ‬ينعش‭ ‬الأسواق‭ ‬والمطاعم،‭ ‬والفنادق‭ ‬والحدائق،‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭ ‬والسياح‭.. ‬لا‭ ‬يخرج‭ ‬أحد‭ ‬هناك‭ ‬ليقول‭: ‬‮«‬الأجانب‭ ‬ترسو‭ ‬البلد‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الآسيويين‭ ‬يضايقوننا‭ ‬في‭ ‬المجمعات‮»‬‭.. ‬لا‭ ‬ذنب‭ ‬لهؤلاء‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬بعض‭ ‬أهل‭ ‬البلد‭ ‬لا‭ ‬يستثمرون‭ ‬ولا‭ ‬يستغلون‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬من‭ ‬مرافق‭ ‬وخدمات،‭ ‬وشواطئ‭ ‬ومجمعات،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يحجموا‭ ‬عن‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬المتنزهات،‭ ‬ويفضلوا‭ ‬المقاهي‭ ‬والأماكن‭ ‬الأقل‭ ‬ازدحاما‭.‬

لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التسارع‭ ‬في‭ ‬بث‭ ‬وتناقل‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬وصور‮»‬‭ ‬أفراد‭ ‬من‭ ‬‮«‬جالية‭ ‬آسيوية‮»‬‭ ‬مثلا،‭ ‬يقومون‭ ‬بممارسة‭ ‬الفرحة‭ ‬والسعادة‭ ‬والبهجة‭ ‬في‭ ‬العيد‭ ‬والمناسبات،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬كتابة‭ ‬التعليقات‭ ‬المسيئة‭ ‬عليها،‭ ‬عبر‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬‮«‬السوشيل‭ ‬ميديا‮»‬،‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬التعصب‭ ‬والتحامل،‭ ‬ونوع‭ ‬من‭ ‬العنصرية‭ ‬المرفوضة،‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬شيم‭ ‬وأخلاق‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬الكرام،‭ ‬المعروف‭ ‬عنهم‭ ‬وعن‭ ‬طبائعهم‭ ‬الحميدة،‭ ‬الأصيلة‭ ‬والراسخة،‭ ‬الانفتاح‭ ‬والتعايش،‭ ‬وقبول‭ ‬الآخر‭ ‬والتسامح،‭ ‬والتنوع‭ ‬والتعددية‭. ‬

إن‭ ‬كان‭ ‬بعض‭ ‬أفراد‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬جالية‭ ‬‮«‬آسيوية‭ ‬مثلا‮»‬‭ ‬يقومون‭ ‬بتجاوز‭ ‬القانون‭ ‬والخروج‭ ‬عن‭ ‬الآداب‭ ‬والذوق‭ ‬العام،‭ ‬فهناك‭ ‬جهات‭ ‬مختصة،‭ ‬وقانون‭ ‬يحتكم‭ ‬إليه‭ ‬الجميع،‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬أن‭ ‬ينصّب‭ ‬البعض‭ ‬نفسه‭ ‬‮«‬مقيّما‮»‬‭ ‬للناس،‭ ‬ويفرض‭ ‬عليهم‭ ‬شكل‭ ‬فرحتهم‭ ‬وابتهاجهم،‭ ‬طالما‭ ‬التزموا‭ ‬بالقانون‭ ‬والثقافة‭ ‬العامة‭.‬

الأعياد‭ ‬للجميع،‭ ‬وكذلك‭ ‬هي‭ ‬المناسبات‭ ‬الوطنية،‭ ‬حينما‭ ‬يشارك‭ ‬فيها‭ ‬أفراد‭ ‬من‭ ‬الجاليات‭ ‬المقيمة‭ ‬عندنا،‭ ‬برفع‭ ‬صورة‭ ‬وطنية،‭ ‬أو‭ ‬علم‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬أو‭ ‬رقصة‭ ‬جماعية‭ ‬فلكورية‭ ‬من‭ ‬ثقافتهم،‭ ‬هي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الشراكة‭ ‬والفرحة‭.. ‬فلماذا‭ ‬يريد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬فرحة‭ ‬الأعياد‭ ‬والمناسبات‭ ‬فقط‭ ‬لأهل‭ ‬البلد‭ ‬دون‭ ‬سواهم؟‭ ‬لماذا‭ ‬هذه‭ ‬الانتقائية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ممارسة‭ ‬الإسقاطات‭ ‬غير‭ ‬الأخلاقية‭ ‬التي‭ ‬تمتزج‭ ‬بأمور‭ ‬سياسية؟‭ ‬لماذا‭ ‬نرفض‭ ‬‮«‬فرحة‮»‬‭ ‬هؤلاء‭ ‬في‭ ‬العيد‭ ‬والمناسبات‭ ‬في‭ ‬بلادنا،‭ ‬ونحن‭ ‬نقوم‭ ‬بالفرحة‭ ‬في‭ ‬بلادهم،‭ ‬ونتسابق‭ ‬لتصوير‭ ‬المهرجانات‭ ‬والكرنفالات‭ ‬عندهم‭ ‬وننشرها‭ ‬على‭ ‬هواتفنا؟؟

هل‭ ‬شاهدت‭ ‬يوما‭ ‬أن‭ ‬جمهور‭ ‬نادي‭ ‬برشلونة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الإسبان‭ ‬طردوا‭ ‬مشجعا‭ ‬خليجيا‭ ‬من‭ ‬المدرجات‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يحمل‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسبانية؟‭ ‬هل‭ ‬حصل‭ ‬أن‭ ‬رفض‭ ‬الجمهور‭ ‬الإنجليزي‭ ‬لنادي‭ ‬ليفربول‭ ‬فرحة‭ ‬مشجع‭ -‬عربيا‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬مسلما‭- ‬جالس‭ ‬بينهم‭ ‬بحجة‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬انجليزي‭..‬؟؟‭ ‬

المجتمع‭ ‬البحريني‭ -‬منذ‭ ‬القدم‭- ‬يعتز‭ ‬ويفتخر‭ ‬باحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬ولا‭ ‬تمييز‭ ‬فيه‭ ‬بين‭ ‬الأجناس‭ ‬والأعراق‭ ‬والألوان،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬إسلامية،‭ ‬ومبادئ‭ ‬إنسانية،‭ ‬وثوابت‭ ‬وطنية،‭ ‬وطبائع‭ ‬أخلاقية‭.. ‬وما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬‮«‬فرحة‭ ‬وبهجة‮»‬‭ ‬الوافدين‭ ‬والمقيمين‭ ‬في‭ ‬الأعياد‭ ‬والمناسبات‭ ‬يخالف‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬ويجعل‭ ‬المجتمع‭ ‬‮«‬طاردا‮»‬‭ ‬للزوار‭ ‬والسياح‭.‬

يقول‭ ‬أرسطو‭: (‬العقل‭ ‬الضيق‭.. ‬يقود‭ ‬صاحبه‭ ‬دائما‭ ‬إلى‭ ‬التعصب‭).. ‬البلدان‭ ‬تتقدم‭ ‬بالتنوع‭.. ‬والأوطان‭ ‬تبنى‭ ‬بالتسامح‭.. ‬والمجتمعات‭ ‬تستمر‭ ‬بالتعايش‭.. ‬والبشرية‭ ‬تنمو‭ ‬بقبول‭ ‬الآخر‭.. ‬والحضارة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬الناس‭.. ‬والدول‭ ‬تزدهر‭ ‬بالتعددية‭.. ‬دعوهم‭ ‬يفرحوا‭.. ‬فالعيد‭ ‬للجميع‭.. ‬والوطن‭ ‬للجميع‭.. ‬والقانون‭ ‬فوق‭ ‬الجميع‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا