أول امرأة بحرينية تترأس مجلس إدارة الأزمات والطوارئ بالاتحاد العربي للنقل الجوي، وتتقلد منصب مدير في أمن الطيران من الاتحاد العالمي للنقل الجوي وفي إصدار تعليمات الطيران للطيارين وأطقم الضيافة، ومدربة لأطقم الضيافة بشركة طيران الخليج، وتشكل فريقا للمساعدات السريعة في حالة حوادث الطيران.. هالة محمد عزام لـ«أخبار الخليج»:
يقول الفيلسوف أرسطو عن الإرادة: «حقيقة أن لا قوة يمكنها منعنا من فعل اختيار شيء لنحظى بالسيطرة عليه»!
بالفعل، الإرادة هي ما يدفعك للخطوة الأولى على طريق الكفاح، والعزيمة هي ما يبقيك على هذا الطريق حتى النهاية، لتصبح في النهاية بطلا لمشوار ملؤه الكفاح والنجاح، فالأبطال لا تتم صناعتهم في صالات التدريب، بل من أشياء عميقة في داخلهم أهمها الإصرار والمثابرة والحلم.
منذ طفولتها حلقت بحلمها في الفضاء، وتمنت أن تصبح جزءا من عالم الطيران الذي وجدت فيه شغفها، وبالإرادة تمكنت من أن ترى حلمها يتحقق على ارض الواقع بعد أن انتصرت على كل التحديات، لتصنع سعادتها بنفسها.
هالة محمد عزام، مدير إدارة الأزمات والطوارئ بشركة طيران الخليج، أول امرأة بحرينية تترأس مجلس إدارة الأزمات والطوارئ بالاتحاد العربي للنقل الجوي، وتعين مديرا متخصصا في أمن الطيران من الاتحاد العالمي للنقل الجوي وتشكل فريقا للمساعدات السريعة في حال حوادث الطيران، وتعمل مدربة لأطقم الضيافة بطيران الخليج، ومديرة لإصدار تعليمات الطيران للطيارين وأطقم الضيافة.
حول هذه التجربة الحالمة الملهمة كان الحوار التالي:
كيف أثرت نشأتك على مسيرتك؟
لقد نشأت في دولة قطر لظروف عمل الوالد، وكنت أول ابنة في أسرتي، وتربيت على الاستقلالية وتحمل المسؤولية وحرية القرار، وأدين لوالدي بالكثير حيث غرس في تلك القيم منذ نعومة أظفاري، وأذكر أنه كان يتحدث لي منذ الصغر عن حياتي بعد التقاعد، وماذا يمكن أن أقدمه في هذه المرحلة، كما كان يؤكد لي دوما أهمية العمل وإتقانه، وأن يحتل المرتبة الأولى في سلم أولوياتي، وكنت أمارس العديد من الهوايات التي أسهمت في صقل شخصيتي مثل كرة اليد والسباحة وغيرها، وقد مثلت منتخب كرة اليد في قطر.
ماذا كان حلم الطفولة؟
كان حلمي منذ الصغر أن أصبح مضيفة طيران في المستقبل، فقد سحرني هذا العالم بشدة في طفولتي، وعشقته بدرجة كبيرة أثناء سفرياتي العائلية المتعددة حول العالم، وفي السنة الرابعة من البكالوريوس قررت الانضمام إلى شركة طيران الخليج، وبدأت رحلتي معها كمضيفة جوية، وكان لدي شغف كبير بزيارة مختلف البلدان والتعرف على عادات وتقاليد الشعوب المتعددة، وبعد سبع سنوات من الطيران أصبحت المسؤولة الأولى على الطائرة، وهنا شعرت بأنه ليس هناك أي تطور مهني ينتظرني، فقررت الانتقال إلى العمل الإداري.
أول محطة بعد الطيران الجوي؟
بعد ترك العمل الجوي أصبحت مدربة لأطقم الضيافة مدة ست سنوات، ثم تم تعييني في قسم التخطيط في دائرة العمليات لتحديد عدد أطقم الطائرة المطلوب بحسب حجم الأسطول وشبكة الرحلات، وذلك لحوالي خمس سنوات، ثم ترقيت إلى مدير إصدار التعليمات الخاصة بالتشغيل لأطقم الضيافة والطيارين، بعدها تقلدت منصب مدير إدارة الأزمات والطوارئ، وذلك منذ عام 2010 حتى الآن، وكنت أول امرأة بحرينية تحتل تلك المناصب الوظيفية بشركة طيران الخليج.
أهم تحدٍ واجهك؟
أهم تحدٍ واجهني كان إثبات مقدرة المرأة البحرينية على الإنجاز والنجاح والتقدم في المجالات المختلفة في عالم الطيران، وخاصة أنني تقلدت عدة مناصب مهمة في شركة طيران الخليج كأول بحرينية، وبالطبع كان لزاما علي عكس صورة مشرفة تؤكد جدارة المرأة بتحمل مسؤولية تلك المهام المتعددة وعلى انجاز كل ما يحققه الرجال فيها، وللأمانة يمكن القول بأنني وجدت كل الدعم والتشجيع من العنصر الرجالي في تلك المواقع، ولا شك مرحلة البداية كانت الأصعب، ومع الوقت أصبحت الشركة عائلتي الثانية.
بماذا أفادك عملك بالطيران؟
عملي في مجال الطيران مثل ركيزة أساسية في صقل شخصيتي، وتحقيقي لأهداف كثيرة لم أكن أحلم بها، وأهمها الانفتاح على ثقافات وشعوب أخرى لم اكن لأطلع عليها بدون عملي في هذا العالم، وترسيخ مبدأ التعايش مع الآخر بداخلي، وأذكر أنني حين التحقت بشركة طيران الخليج كان وجود المرأة العربية بها محدودا في تلك الفترة، ولله الحمد استطعت أن أترك علامة مميزة في كل موقع تقلدته.
هل مثل عملك حائلا دون تكوين أسرة؟
لا لم يمثل عملي بمجال الطيران حائلا دون تكوين أسرة، ولم أواجه أي مشكلة في هذا الشأن، وحين تركت الطيران الجوي كان ذلك بمحض إرادتي وليس بسبب الزواج، حيث كان هدفي التقدم في مشواري الوظيفي، ويمكن القول بأن هذه المهنة أضافت نوعا من الرونق إلى علاقتي بزوجي بعيدا عن الروتين والملل، وحدث الانجاب بعد فترة التدريب في قسم التخطيط، ورزقني الله بأجمل ثلاثة أبناء، وحاولت أن أغرس بداخلهم القيم التي نشأت عليها وأهمها تحمل المسؤولية والاستقلالية والالتزام بتعاليمنا وعاداتنا الشرقية والإسلامية برغم دراستهم خارج الوطن.
ما الخطر الأهم على الجيل الجديد؟
أرى أن الجيل الحالي بصفة عامة منفتح على العالم بلا قيود أو حواجز، وهو متفائل بلا حدود، إلى درجة عدم ادراكه للتحديات والصعوبات الموجودة على أرض الواقع، وهذا هو الخطر الأكبر الذي يتهدده من وجهة نظري.
مبدأ تسيرين عليه؟
مبدئي في الحياة الذي أضعه دوما نصب عيناي منذ بداية مشواري هو عبارة «لا يصح الا الصحيح»، ومن ثم اعتدت أن أبحث بصفة مستمرة عن كل ما هو صحيح، الأمر الذي مدني بالقوة والصلابة والثبات حتى أنهم لقبوني بالشركة بالمرأة الحديدية وذلك بسبب تفكيري الإيجابي المستمر حتى في أصعب المواقف والتجارب وفي مقدمتها محنة وفاة والدي وكذلك والدتي والتي صنعت منها منحة.
كيف تحولت محنة الفقد إلى منحة؟
الفقد من التجارب الصعبة والمؤلمة بشدة، وقد شعرت بمرارته عند وفاة الوالدين، ولكني لم استسلم لمشاعر الحزن، بل شعرت بأنني يجب أن احمل الراية من بعدهما لأصبح السند والعون لمن حولي، وخاصة مع وفاة الوالد وبالفعل تمتعت بالصبر والقوة، والذي ساعدني على ذلك هم أبنائي حيث شعرت بانهم التعويض الذي منحني الخالق إياه للاستمرار والمواصلة، ومن هنا جاء لقب المرأة الحديدية، ولا شك أن والدي له الفضل الكبير في ذلك فقد زرع بداخلي بذرة قوية تتحمل كل التحديات والمواقف الصعبة بكل ثبات، هذا فضلا عن الثقة في الله سبحانه وتعالي وفي نفسي فهي المحرك والعامل الرئيسي للنجاح على المستوى الشخصي أو العام أو المهني.
نصيحتك للخروج من الأزمات بسلام؟
العبور من الازمات بسلام وبأقل الخسائر يتطلب عدم إنكارها وفهم أبعادها واللجوء إلى المختصين للمساعدة في تجاوزها، ولعل أكبر أزمة تعرضت لها على صعيد العمل كانت معايشة جائحة كورونا والتعامل مع المتغيرات العديدة التي فرضتها، فقد كان من الصعب التواصل بين جميع أفراد فريق إدارة الازمات والطوارئ والذي يضم 35 فردا، لذلك تم الاكتفاء بحضور الحد الأدنى منهم، على أن يكون التعامل مع باقي أعضاء الفريق أون لاين، ومن ثم كان استمرارية التعاون والتنسيق فيما بيننا في مقدمة التحديات، ولله الحمد عبرت الشركة هذه الأزمة بسلام، وأثبتت الناقلة الوطنية كفاءة كبيرة عند التعامل مع أي مستجدات أو أزمات ونجحت في هذا الاختبار بامتياز.
كيف ترين المرأة البحرينية اليوم؟
اليوم أرى المرأة البحرينية تحظى بكل الدعم والتشجيع على خوض كل المجالات التي كانت حكرا على الرجل، ومنها بعض المواقع الوظيفية في مجال الطيران، وكل ما أتمناه هو مزيدا من الاحتضان والمراعاة للمرأة العاملة فيما يتعلق بالتشريعات الخاصة بذلك، ولا يفوتني هنا التوجه بالشكر والامتنان إلى سمو الأميرة سبيكة على جهودها الجبارة لتمكين المرأة ودعمها على مختلف الأصعدة، الأمر الذي أسهم في عدم إضفاء صفة الذكورة على مملكتنا الغالية وذلك من خلال المجلس الأعلى للمرأة..
حلمك القادم؟
على الصعيد المهني أتمنى قيادة عملية التوعية والتدريب للفتيات البحرينيات للدخول بثقة في عالم الطيران في مختلف المواقع، كما أحلم بمؤسسة تعليمية متخصصة لتدريس مبادئ الطيران بصورة حرفية، أما على المستوى الشخصي فكل ما أطمح إليه هو ان أري أبنائي ناجحين سواء في عملهم أو حياتهم بشكل عام.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك