في دراسة فريدة من نوعها على أشهر قطعة أثرية بمملكة البحرين (رأس الثور الدلموني)، تمكن الكيميائي حسين عبدالله الحلواجي من التوصل إلى التركيبة الكيميائية الدقيقة وخلطة السبك (الصب) ومصدر النحاس المستخدم في صنع رأس الثور.
كما توصل الباحث إلى نتائج تاريخيّة مذهلة ومهمة تؤكد أن رأس الثور صنع على أرض البحرين ولم يجلب من الخارج. أجريت الدراسة بالتعاون مع متحف البحرين الوطني وهيئة البحرين للثقافة والآثار، وتم نشرها مع حفظ الحقوق الفكرية للباحث بمجلة علوم الآثار العالمية التي تتخذ من هولندا مقراً لها.
قام الباحث بأخذ عيّنة من تحفة رأس الثور وقياسها في هولندا بأحد أجهزة أشعة إكس المتطورةEDXRF ، ومقارنتها بـ8 قطع نحاسية تعود إلى نفس الحقبة الزمنية لحضارة دلمون، تم جمعها من موقع مدينة حمد وموقع سار الأثري. وتوصلت الدراسة إلى أن رأس الثور يحتوي على نحاس خالص بنسبة 97.7%.
كما أثبتت الدراسة وجود مادة القصدير في جميع العينات الدلمونية ما يدل على استخدام البحرينيين القدماء مادة القصدير لصنع خلطة السبك الشهيرة (النحاس مع القصدير) لصناعة أدوات نحاسية ذات جودة عالية.
وبمقارنة مستويات عنصر القصدير في جميع العينات تبين أن هناك نمطا معينا لنسبة القصدير وطريقة معينة اتبعها الدلمونيون في صنع الأدوات النحاسية، فجميع العينات بما فيها عينة رأس الثور تحتوي على نسبة قصدير منخفضة جدا ويعود مصدره إلى عمليات إعادة التدوير للمواد النحاسية المستخدمة. وقادت هذه النتيجة العلمية الباحث إلى الاستنتاج أن تحفة رأس الثور لم تختلف عن باقي القطع الدلمونية في طريقة الصنع، أي أنها صنعت بنفس الطريقة التي صنعت بها الأدوات الدلمونية، ومما لا شك فيه أن رأس الثور الدلموني صنع بأيدٍ بحرينية وعلى أرض البحرين.
كما قامت الدراسة بمقارنة تحاليل رأس الثور والعينات الدلمونية الأخرى مع تحاليل لعينات من النحاس العماني والأردني واليمني، وباستخدام طرق إحصائية متقدمة قام بها فريق إحصائي متخصص من إيطاليا ومملكة البحرين أثبتت الدراسة أن نتائج العينات الدلمونية تتطابق تماما مع النحاس العماني الذي يتميز بارتفاع نسبة عنصر النيكل فيه، ما يدل على أن رأس الثور الدلموني قد صنع من النحاس العماني؛ وهذا يدل على العلاقة التاريخية التي كانت تربط البحرين وعمان في فترة دلمون، وهذا ما أكدته أيضا الدراسة السابقة.
يذكر أن الكيميائي حسين عبدالله الحلواجي هو نائب رئيس جمعية الكيميائيين البحرينية والأمين المالي لاتحاد الكيميائيين الخليجي، وله عدة أبحاث علمية تم نشرها بمجلات عالمية محكّمة، وخاصةً في مجال صناعة الألمنيوم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك