تصوير: محمد عبدالله
لأكثر من 45 عاما يمارس جاسم العرادي تجارة الأقمشة في سوق المنامة القديم، الموقع الأول والرئيس لممارسة هذه التجارة في البحرين حتى ما قبل دخول الملابس الجاهزة.
ورث العرادي هذه المهنة من أبيه الذي ورثها بدوره من أجداده، وبدأ بممارستها في عام 1973 بعد تخرجه من المرحلة الثانوية مباشرةً، ليفتتح أول متجر له في سوق الكراشية بسوق المنامة القديم، وذلك بشارع الشيخ عبدالله، حيث لم تتجاوز مساحته 2.25 متر مربع.
بقي المتجر على ما هو عليه حتى افتتاح مجمع مدن بنفس السوق في ثمانينات القرن الماضي، لينتقل العرادي إلى المجمع ويفتتح متجره الثاني، تلحقه العديد من المتاجر التي توزعت في أنحاء المملكة.
لم يكن جاسم العرادي وحده من مارس هذه المهنة خلال فترة السبعينيات، بل كان العشرات من أفراد عائلته يمتلكون متاجر متفرقة في سوق المنامة وخارجها، من بينهم إخوته صادق وإبراهيم وجعفر وسلمان ومهدي وميرزا، وكان عدد الأسر التي كانت تمارس هذه المهنة من نفس العائلة يبلغ نحو 8 أسر. أما الآن، فتقلص عدد الأفراد الذين يمارسونها إلى 6 أشخاص فقط. ومن أشهر ممارسي هذه المهنة من نفس العائلة خلال فترة السبعينات كل من سلمان ومرتضى وحسن كاظم.
كانت المنامة العاصمة الخليجية الأولى لتجارة الأقمشة في المنطقة، حيث كان تجارها يستوردون الأقمشة من الهند واليابان، والبلد الأخير هو الأكثر تصديرا للأقمشة للبحرين حتى الثمانينات، سواء الرجالية أو النسائية. وكذا سوق المنامة القديم كان يعد المصدر الأول والوحيد في البلاد لبيع الأقمشة حتى وصول تجارة الملابس الجاهزة.
ويبين العرادي «كان الناس يترددون على سوق المنامة لاقتناء الأقمشة خلال موسم الحج من أجل تفصيل الحرامات وخلال فترة الأعياد من أجل التجهيز لملابس العيد». ويطلق على أقمشة الماضي مسميات خاصة مثل قماش أبونقطة وشعر شاديا وشعر صباح وضرب الخيل.
أما اليوم فيستورد تجار الأقمشة في البحرين من كل من الصين واندونيسيا والهند، والأخيرة بكميات أقل من السابق، وبأسعار أعلى.
وتحدث العرادي عن تعاون تجار البحرين مع تجار دول الخليج العربي في مجال استيراد تجارة الأقمشة منذ سنوات طويلة، حيث تشترط الشركات المصدرة أن يتم استيراد 10 آلاف «وار» متر من كل لون لكل نوع من الأقمشة، وذلك لأن السوق البحريني الصغير لا يستوعب هذه الكميات. وتلقى الأقمشة في البحرين طلبا خليجيا، لتنوع الخيارات والأشكال.
وأشار إلى أن أنواع الأقمشة منذ الماضي وحتى يومنا هذا لم تتغير، فلازالت تباع الأقطان والمخمل والوايل والحرير والشيفون والتور. لكن المختلف هو إضافة مواد لتلك الأنواع من الأقمشة، على خلاف السابق حيث لم يكن يضاف لها أي مادة بتاتا، فعلى سبيل المثال، اليوم يتم خلط القطن مع البوليستير.
ولفت العرادي إلى ان الغسل الكهربائي لبعض الأقمشة يعمل على تغيير معالمها سريعا، في حين أن الغسل الجاف أو اليدوي يمنحها عمرا اطولا، إذ كانت تعيش قطعة القماش التي تغسل غسلا يدويا لما يقارب 20 عاما.
وتطرق إلى عودة اقتناء الأقمشة وتفصيل الملابس خلال الآونة الأخيرة، حيث أن الملابس الجاهزة المستوردة لا تتناسب مع الأشخاص من ذوي المقاسات الكبيرة وحتى المحجبات. لكن العرادي في الوقت ذاته توقع أن تتقلص هذه المهنة خلال السنوات المقبلة لتبقى في نطاق ضيق بسبب الإقبال على شراء المستورد الجاهز الأقل سعرا.
ووفقا للعرادي، فإن أعداد الخياطين المهرة من الجالية الآسيوية تراجع خلال وقت الجائحة، بسبب ترك المهنة والسفر إلى ديارهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك