أقرت محكمة التمييز حكما بعدم نفاذ عقد بيع بيت وأرض صادر عن بحريني قبل وفاته لزوجته الثانية، بعد أن تبين للمحكمة أن التصرف في العقارين كان (تصرفا مضافا إلى ما بعد الموت) كونه صدر منه لأحد ورثته ولكنه احتفظ بحيازته حتى وفاته دون علم أبنائه، حيث أكدت المحكمة أن الأبناء ظلوا يشغلون البيت منذ تصرف والدهم فيه لزوجته حتى وفاته، ومن ثم فإن عقد البيع لم يكن ناجزا وإنما كان تصرفا إلى ما بعد الموت.
وقال المحامي عبدالرحمن غنيم وكيل الأبناء إن والدهم تزوج من سيدة عقب وفاة والدتهم، وإن الأب توفي بعد معاناة مع المرض استمرت عدة سنوات وبعد وفاته وأثناء انهاء إجراءات توزيع التركة رفضت زوجته الثانية دخول العقارين ضمن التركة كونها تحوز عقد بيع للعقارين صادرا من أبيهم قبل وفاته بالرغم من كون الأبناء يقطنون في البيت، حيث طلبت منهم الاخلاء لعدم أحقيتهم في الإقامة في العقار.
وقد رفعوا دعواهم أمام محكمة أول درجة طلبا لعدم نفاذ عقد البيع كونه تصرفا صدر في مرض موت ابيهم بالإضافة إلى صورية العقد من خلال الثمن المثبت بعقدي البيع، إذ لم يدفع فيه ثمن وأن الدافع من هذا التصرف هو حرمانهم من حقهم في الميراث وتمكين الزوجة الثانية بغير حق من تملكها دون مقابل اضرارا بحقهم الشرعي، ولا سيما أن الأبناء يقيمون في العقار ولا ينفذ تصرف والدهم فيه كونه تصرفا مضافا إلى ما بعد الموت وتجري عليه أحكام الوصية، حيث قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى فطعنوا على الحكم أمام محكمة الاستئناف التي قضت بإلغاء الحكم وعدم نفاذ عقد البيع وإعادة العقارين إلى وعاء التركة.
إلا أن الزوجة لم ترض وطعنت أمام محكمة التمييز، وادعت أن عقد البيع واضح ومنجز لآثاره القانونية ويمثل تصرفا فيه كافة شروط القانون والتزام البائع بتمكينها من العقار وبحقها في الريع الناتج عنه وأن الثمن المدفوع في العقار كان قليلا بطلب من زوجها الذي أراد تعويضها، بالإضافة إلى أن عدم اقامتها في البيت عقب شرائه كان بسبب حاجته إلى الصيانة.
إلا أن محكمة التمييز أكدت أن الأصل لمالك الشيء أن يستعمله وأن يستغله ويتصرف فيه في حدود القانون سواء كان لوارث أو لغير وارث حتى لو قصد في الواقع حرمان بعض الورثة من حقوقهم الشرعية، وقالت إنه يحق للوارث بكل الطرق القانونية إثبات حقيقة أن تصرف الموروث يهدف إلى حرمانه من حقه الشرعي وإن كان هذا التصرف منجزا إلا أنه في حقيقته يخفي وصية إضرارا به أو أنه صدر في مرض الموت جاز له أن ثبت ذلك.
وأضافت أن ذلك الحق يستمده الوارث من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثه الضارة والتي قصد بها الاحتيال على قواعد الميراث، ولذلك أكدت المادة 912 من القانون المدني أنه إذا تصرف شخص لأحد ورثته بعين واحتفظ بأي طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف بها وبحقه في الانتفاع بها مدى الحياة اعتبر هذا التصرف مضافا إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك. وقالت إنه لما كان الحكم المستأنف عليه بنى قضاءه بعدم نفاذ تصرف موروث طرفي النزاع في العقارين في حق باقي الورثة لما ذهب إليه من تصرفه ببيع العقارين إلى زوجته، وثبت انتفاعه بالعقارين اثناء حياته وبتمكين الأولاد وهم باقي الورثة في الإقامة في أحد العقارين وحيازتهم له منذ تصرف أبيهم فيه حتى وفاته، فيعد ذلك تصرفا غير ناجز مضافا إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية، منها أنه لا وصية لوارث ومن ثم يتعين اعادتهما إلى وعاء التركة، ولهذه الأسباب قضت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضة وإلزام الطاعنة بمصروفات الدعوى.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك