برأت محكمة الاستئناف العليا الجنائية مدير مطعم ومساعدته من تهمة الاتجار في 4 عاملات، وألغت المحكمة حكم أول درجة بمعاقبة المتهمين بالسجن 5 سنوات، بعد أن تبين للمحكمة كيدية البلاغ بسبب مستحقات مالية متأخرة أن المجني عليهن يمتلكن هواتفهن الخاصة ويستطعن الخروج من مسكنهن بكل حرية وهذا ينافي القول الذي أفادن به سابقاً بأنهن تحت الاحتجاز القسري.
وتعود تفاصيل الواقعة إلى قيام مفتش بهيئة تنظيم سوق العمل بزيارة تفتيشية لأحد المطاعم بمنطقة العدلية، وفوجئ باستغاثة المجني عليهن الأولى والثانية والثالثة والرابعة، واللاتي أبلغنه بأنه تم التعاقد معهن للعمل في المطعم لتقديم الطعام للزبائن بأجر شهري 300 دينار، لكن تبين لهن أن صاحب المطعم ومساعدته قد أجبرهن على مجالسة الزبائن.
وقد تمثل فعل الإكراه في تعدي المتهمة الثانية على المجني عليها الثانية والرابعة لرفضهما الجلوس مع الزبائن وحجز جوازات سفرهما لدى المتهم الأول، وقاما بمنعهما من الخروج من السكن وأغلقا عليهما الباب بالمفتاح، بينما سمحا لهما فقط بالخروج للعمل أو التسوق تحت مراقبة المتهم الثالث فضلا عن عدم حصولهن على الراتب والاعتماد على الإكراميات التي يتحصلن عليها من الزبائن والعمل 12 ساعة يوميا دون الحصول على إجازات، فيما قالت المجني عليها الأولى بأنها تتحصل من عملها على 300 دينار ولم يتم تحرير عقد عمل لها بذلك، كما تم إجبارها على الجلوس مع الزبائن دون رغبتها وتحملها مصاريف العلاج والخروج تحت حراسة المتهم الثالث.
أسندت النيابة العامة إلى المتهمين الثلاثة تهمة الاتجار في شخص المجني عليهن حيث قاموا باستقبالهن في حالة ظرفية لا يمكن الاعتداد برضائهن بها، وذلك بغرض استغلالهن في العمل القسري وإساءة استعمال السلطة بأن قاموا بإجبارهن على العمل دون أجر ولساعات طويلة ودون إجازات بالمخالفة لقوانين العمل وإجبارهن على مجالسة الزبائن تحت التهديد، كما حجزوا المجني عليهن دون وجه حق ومنعهن من الخروج وإجبارهن على العمل.
إلا أن محكمة الاستئناف قالت في حيثيات حُكمها بأنها بعد التحقق من الدعوى وظروفها عن بصر وبصيرة رأت بأن الاتهام المُسند إلى المدير ومساعدته يحيطه ظلال من الشكوك والريب، ولا سيما بأن الواقعة الفعلية للدعوى تختلف عن التي شهد بها المجني عليهن، بعد إقرارهن بالتنازل عن الدعوى لأن المدير ومساعدته لم يجبراهن على الجلوس مع الزبائن، ولم يحتجزا حريتهن وكان لهن كامل الحرية بمغادرة مسكنهن وحتى الذهاب إلى التسوق، وأنهن أقدمن على تلك الدعوى الكيدية لإجبار المدير ومساعدته على دفع أجورهن المتأخرة.
وقالت المحكمة اطمأنت لصحة أقوالهن واقتنعت بحقيقة الأمر الذي يقضي بأن المجني عليهن قدما الدعوى لإجبار المدير ومساعدته على دفع أجورهن، وحيث إن ذلك في صحيح القانون لا يشكل جريمة جنائية وإنما يندرج تحت مفهوم المطالبة بدين مدني وبالتالي فإنه يخرج عن دائرة التأثيم الجنائي، ولاسيما أن المجني عليهن يمتلكن هواتفهن الخاصة ويستطعن الخروج من مسكنهن بكل حرية وهذا ينافي القول الذي أفادوا به سابقاً بأنهن تحت الاحتجاز القسري، كما إنهن كانا يمتلكن القدرة على اللجوء للجهات المختصة وسفارة البلد أو مراكز الشرطة للإبلاغ بحقيقة الأفعال التي ارتكبها المدير ومساعدته في حقهن عوضاً عن الاستنجاد بطاقم التفتيش الحاضر للمطعم، لذا قضت ببراءة المدير ومساعدته بما نُسب إليهما من تهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك