أقرت براءة طبيبتين من التسبب في وفاة جنين لعدم ثبوت الأدلة
أكدت محكمة التمييز مبدأ دستوريا يشدد على أن تقرير اللجنة الطبية لتقرير الأخطاء المهنية والأخلاقية لمزاولي مهنة الطب البشري لا يعدو أن يكون تقريرا فنيا غير ملزم للقاضي ولا يصادر سلطته وحريته في تقدير المستمد منه، وله أن يكون عقيدته في النزاع المعروض عليه من الدليل الذي يطمئن إليه. جاء ذلك في حيثيات إقرار المحكمة لبراءة طبيبتين من تسببهما في وفاة جنين وذلك بعد أن رجح التقرير الخطأ الطبي سببا للوفاة دون أن يؤكدها.
وكانت النيابة العامة أحالت الطبيبتين إلى المحكمة الصغرى الجنائية الخامسة بتهمتين، الأولى وهي التسبب بخطئهما في وفاة الجنين نتيجة إخلالهما بما تفرضه عليهما أصول مهنتهما، كما تسببا في المساس بسلامة جسم المجني عليها «الأم»، وارتكنت تدليلا على ذلك إلى تقريري الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، واللذين انتهيا لوجود خطأ طبي من المتهمتين تمثل في عدم قدرتهما على قراءة تخطيط نبض الجنين بصورة صحيحة ما أدى إلى اختناقه وقصور الأكسجين لديه مدة لا تقل عن ساعتين.
وقالت محكمة أول درجة في حكمها ببراءة الطبيبتين لعدم اطمئنان المحكمة إلى الأدلة وخلو أوراق الدعوى من دليل يصح معه إدانتهما، وأوضحت المحكمة بالنسبة إلى الجريمة محل البند ثانياً أن أوراق الدعوى خلت تماماً مما يفيد تعرض المجني عليها «الأم» لثمة إصابة من خلال الواقعة محل الدعوى ولم يعزز ذلك الاتهام ثمة أقوال أو شهادة من أي طرف من أطراف الدعوى وبما فيهم المجني عليها بحد ذاتها التي لم تفد بأنها تعرضت لإصابة أثناء عملية الولادة وجاءت التقارير الفنية كذلك خالية من ثمة تطرق لتعرض المجني عليها لأية إصابة، فطعنت النيابة على الحكم بالاستئناف حيث أيدت المحكمة حكم أول درجة، فطعنت عليه بالتمييز.
وأشارت محكمة التمييز إلى أن تأسيس إدانة المتهمتين ومعاقبتهما على ظن واحتمال، يتعارض مع الأحكام الجنائية، ولكي تجزم المحكمة بوجود خطأ طبي من قبل المتهمتين للقضاء بإدانتهما، لا بد أن تفصح الأوراق أن إتيانهما فعلا ماديا أو الامتناع عن أداء عمل واجب عليهما، قد أدى إلى حدوث الوفاة للمولود سيما وأن دخول المجني عليها غرفة العمليات وإجراء عملية الولادة للجنين الذي توفي في حينه يكون قد تداخلت عدة عوامل أخرى أو إجراءات صحية لم تفصح عنها الأوراق من أي من العاملين والقائمين على عملية التوليد أو العناية المبدئية بالطفل، وهو ما يساور وجدان المحكمة الشك في توافر علاقة السببية بين الخطأ والنتيجة.
وأشارت أن تقرير اللجنة «مرجحاً» لسبب موت الطفل لا جازماً به، بما لا يتصور معه التعويل عليه في إدانة المتهمتين، وإن الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين، ودليل ذلك ما ثبت بتقرير اللجنة الفنية لتقرير الأخطاء المهنية والأخلاقية لمزاولي مهنة الطب البشري وتحديداً بالبند رقم 6 بالصفحة التاسعة منه أنه بمناقشة الحالة مع الخبراء الفنيين في اللجنة أن الأرجح أن موت الطفل قد حدث لسبب إهمال تخطيط نبض الجنين غير الطبيعي خلال الثلاث ساعات الماضية قبل ولادة الجنين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك