حكمت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة على المتهم بقتل فتاة سند بالسجن المؤبد عما اسند إليه في تهمة القتل العمد بعدما استبعدت ظرف سبق الإصرار كما حكمت عليه بالحد الاقصى لجريمة الاعتداء على عرض بالحبس لمدة ثلاث سنوات، وقالت المحكمة في حيثيات حكمها أنها ترى عدم توافر سبق الإصرار بحق المتهم كون سبق الإصرار في جريمة القتل حسبما هو مستقر يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيداً عن ثورة الانفعال، مما يقضي الهدوء والروية قبل ارتكابها.
وكانت النيابة قد تلقت بلاغاً من مركز شرطة جنوب العاصمة بمديرية شرطة محافظة العاصمة بالعثور على جثة متحللة تعود لأنثى بناحية نائية بمنطقة سند، فانتقلت النيابة آنذاك وناظرت الجثة وأجرت معاينة لمكان العثور عليها دلت على قيام شبهة جنائية في الوفاة.
وفي إطار التحقيقات ندبت النيابة العامة خبراء مسرح الجريمة لرفع العينات والآثار المشاهدة بالمكان وفحصها. كما ندبت الطبيب الشرعي للكشف على الجثة لتحديد سبب الوفاة، فيما كلفت الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية بإجراء التحريات وصولاً لتحديد شخصية المجني عليها وظروف وملابسات الوفاة. وعقب التعرف على هوية المجني عليها من خلال فحص الحمض النووي (DNA)، وبناء على ما توصلت إليه تحريات المباحث الجنائية التي كشفت تفاصيل الواقعة والتوصل إلى المتهم مرتكب الجريمة وضبطه، فقد جرت تحقيقات النيابة بسماع أقوال الشهود وذوي المجني عليها، وتم استجواب المتهم الذي أقر بقتله المجني عليها بعد أن عقد العزم على التخلص منها، وذلك على إثر خلافات نشبت بينهما، وكذا قيامه بإخفاء جثتها بإلقائها بالمنطقة النائية مكان العثور عليها. كما اعترف أيضاً بسبق اعتدائه على عرضها، وإزاء ما قام ضد المتهم من أدلة قولية ومادية ومما خلصت إليه التقارير الفنية فقد أمرت النيابة العامة بإحالته محبوساً إلى المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة.
من جانبها قالت المحكمة في حيثيات الحكم أنها عند دراسة الدعوى عن بصر وبصيرة والمامها التام بظروف الدعوى وملابساتها اخذت بما ساقته النيابة بأدلة الاثبات فلم يثبت لهيئة المحكمة بان المتهم عند ارتكابه جريمة القتل العمد قام بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها في هدوء وروية قبل ارتكابها بعيداً عن ثورة الانفعال، إنما اطمأنت المحكمة الى ان حضور المتهم للقاء المجني عليها كان دون تخطيط مسبق لقتلها انما كان بهدف التفاهم معها بسبب بعض الخلافات بينهما.
وأشارت الى أنه من جراء تصرفات المجني عليها عند مقابلة المتهم التي اخرجت المتهم عن طوره وادخله في ثورة غضب شديدة فتولدت لديه فكرت قتل المجني عليها والتخلص منها في لحظتها فقام بضربها بعنقها بقصد قتلها فوراً وكانت تنتابه نوبة غضب وانفعال وانغلاق عقلي شديد تحول دون امكانية السيطرة على نفسه ومن ثم قام بالجثم عليها وخنقها إلى أن لفظت المجني عليها انفاسها الأخيرة.
فلما كان كل ما تقدم فالمحكمة لا تطمئن لتوافر ظرف سبق الاصرار بجريمة القتل العمد بحق المتهم وترى أن الواقعة بما ساقته المحكمة من ادلة تساند بعضها البعض تشكل جريمة القتل العمد المؤثمة بالمادة 333/1 من قانون العقوبات والتي تنص على أنه «من قتل نفسا عمدا يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت»، واختتمت المحكمة حيثيات حكمها بأنها في سبيل تقديرها للعقوبة التي تنزلها بالمتهم أن تتوقف عما كان من المتهم من إجرام وخطورة.
ولما كان المتهم قد ارتكب جنحة الاعتداء على عرض المجني عليها وارتكب جناية القتل العمد بأن قتل المجني عليها التي لم يتجاوز سنها عمر زهور الشباب الامر الذي ترى معه المحكمة بأن فعل المتهم الذي أقدم عليه ينم عن خطورته الإجرامية إذ أن ما أتاه المتهم من فعل تنفيذا لما سول له الشيطان من قتله للمجني عليها عمداً وإزهاق روحها إذ عميت بصيرته غافلا لما لهذه الروح الإنسانية من حرمة ومنزلة حتى جعل الله عز وجل أن قاتلها بغير حق كأنما قتل الناس جميعا.
واضافت المحكمة بحيثيات حكمها بأن ما اقترفه المتهم يحتاج صاحبه لجزاء رادع تتحقق به غايات العقوبة الجنائية للردع العام والخاص ومن ثم تقضي المحكمة بمعاقبة المتهم بأقصى وأشد عقوبة نص عليها القانون لجريمة القتل العمد التي لا يتوافر فيها ظرف سبق الاصرار وهي السجن المؤبد واقصى عقوبة نص عليها القانون بجريمة الاعتداء على عرض وهي الحبس لمدة ثلاث سنوات دون استعمال رأفة لانتفاء موجباتها حق المتهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك