كتب أحمد عبدالحميد:
تقدم عدد من النواب باقتراح بقانون بشأن تطوير قانون الخبرة الجديد، مؤكدين أن الخبرة القضائية أحد أبرز وأهم الوسائل لمعاونة القضاة في أعمالهم، لافتين إلى أن المشرع البحريني بموجب المرسوم رقم 28 لسنة 2021 سمح للخصوم من تلقاء أنفسهم حق اللجوء إلى الخبرة قبل رفع الدعوى، حيث نصت المادة 132 من المرسوم على أن «للخصوم من تلقاء أنفسهم حق اللجوء إلى الخبرة ويجوز لهم ذلك قبل رفع الدعوى كما يجوز لأي منهم تعيين خبير مستقل عن الآخر أو الاتفاق على تعيين خبير مشترك».
ويقصد بالخبير كل شخص طبيعي أو معنوي لديه المعرفة والدراية الكافية في المسألة الفنية أو العملية المعروضة عليه ويكون قادرا على إعداد تقرير خبرة فيها.
ويقصد بالخبرة الرأي الفني اللازم لإثبات مسألة تحتاج إلى معرفة فنية أو عملية متخصصة
وقال مقدمو الاقتراح وهم النواب أحمد السلوم وباسمة عبدالكريم مبارك وخالد بوعنق وحنان فردان ود. مريم الظاعن في المذكرة الايضاحية للاقتراح بقانون أنه بالرجوع إلى نصوص مواد القانون نجدها تخدم من الناحية الظاهرية العدالة، إلا أن الواقع العملي بعد تطبيق القانون أظهر العديد من العيوب التي شابت تعديل القانون في مجال الخبرة الفنية التي يقوم بها الخبراء، والقصور في حماية الحقوق والحريات التي يتناضل من أجلها أطراف النزاع أمام القضاء.
وأضافوا أن اشتراط تمتع الخبير بالحيدة والنزاهة في عمله تجاه أطراف الدعوى شيء جيد من الناحية النظرية حيث يتقدم باستمارة افصاح إلا أن هذا غير كاف، ولن يتحقق إلا من بإنشاء جهاز رسمي يتبع وزير العدل للرقابة على أعمال الخبرة الفنية تكون من ضمن مهامه الرقابة على أعمال الخبرة الفنية إبان مباشرتهم لمأموريتهم، وهل قاموا بأداء مأموريتهم بحيادية تامة أم لا، وهل بالفعل الخبير المعين في النزاع المطروح أمام محكمة الموضوع خبير فني مختص لمباشرة المأمورية في هذا النزاع أم لا، مشيرين إلا أنه ليس كل خبير هندسي مثلا يستطيع أن يفحص النزاع المطروح أمام محكمة الموضوع.
وأوضحوا أن النزاع الهندسي الإنشائي يختلف عن النزاع الهندسي الميكانيكي وبخلاف النزاع الهندسي المعماري، وذات القول بالنسبة للنزاع المحاسبي فهناك نزاع تكاليف ونزاع تدقيق.
وطالبوا بأن يكون من ضمن اختصاصات هذا الجهاز أيضا توقيع الجزاء التأديبي على الخبراء إن صدرت منهم أي مخالفات بحيث تتراوح من الإنذار إلى اللوم والمنع من مزاولة المهنة، ومحو الاسم نهائيا من الجدول أو عدم التصريح له بتقديم أي تقرير خبرة استشاري، وذلك مع وضع جزاء تأديبي بتغريمهم ماليا، مع عدم الإخلال بحق الطرف المتضرر من تقاريرهم باللجوء للقضاء لطلب التعويض وعدم السماح للخبراء المشطوبين سابقا لأسباب تتعلق بالأمانة والنزاهة بالعودة للعمل ضمن قانون الخبراء الجديد.
وأشاروا إلى أن الوضع الحالي يكشف أن الخبراء يعملون من دون وجود أي جدول لاعتمادهم وتصنيفهم حسب اختصاصاتهم الدقيقة ومؤهلاتهم ولا توجد جهة رقابية على أدائهم لأعمالهم وما قد يبدر منهم من مخالفات مهنية وقانونية وهو ما يفسح المجال للتلاعب والإساءة إلى الحق في العدالة.
وتطرقوا إلى أنه لا بد من تعديل نص المادة 137 من المرسوم رقم 28 لسنة 2021 والخاص بتعديل بعض أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية والتي تنص على أنه «لا يجوز لأي وزارة أو جهة حكومية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة أو أية جمعية تعاونية أو شركة أو منشأة فردية أو أي شخص طبيعي أو معنوي أن يمتنع بغير مبرر قانوني عن إطلاع الخبير على ما يلزم الاطلاع عليه تنفيذا للأمر الصادر بتمكين الخبير».
كما طالبوا بتعديل المادة 145 من ذات المرسوم والتي تنص على أنه «لا يجوز لأية وزارة أو إدارة حكومية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة أو أية جمعية تعاونية أو شركة أو منشأة فردية أو أي شخص طبيعي أو معنوي أن يمتنع بغير مبرر قانوني عن اطلاع ما يلزم الاطلاع عليه مما يكون لديه من دفاتر أو سجلات أو مستندات أو أوراق تنفيذا للحكم الصادر بندب الخبير»، مشيرين إلى أنه يجب أن يكون هناك جزاء يوقع على الخصم الذي يعوق مباشرة الخبير لمأموريته وذلك بأن يكون هذا الجزاء بتغريمهم ماليا أو السماح باستخدام الخبير للقوة الجبرية من خلال الاستعانة بالسلطة المختصة لتمكينهم من أداء مأموريته واستلام المستندات المطلوبة في الدعوى.
وأكدوا أن النص القائم قد جاء من دون فرض أي جزاء على من لا يتعاون مع الخبير الذي يتم تمكينه من المحكمة مما يسمح للخصم المتعنت أن يستمر في عدم تعاونه مع الخبير لإعاقته من أداء مأموريته ومن ثم حجز الدعوى للحكم من دون تقديم تقرير الخبرة الفنية المطلوبة وهو ما يشكل اضرارا برافع الدعوى، وعدم التوسع في منح الخبراء صلاحيات أوسع من نطاق الدعوى المنظورة أمام القاضي لحماية حقوق ومصالح الآخرين، بحيث لا يتم الموافقة على تمكين الخبير إلا بعد أن يتحقق القاضي من جدية الدعوى وارتباط المأمورية بموضوع الدعوى، مشيرين إلى أن الواقع العملي أظهر تسجيل دعاوى كيدية بين متنافسين الغرض منها هو تمكين خبراء للاطلاع على الأسرار التجارية للخصم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك