قضت محكمة الاستئناف العليا الشرعية بتطليق سيدة طلقة أولى بائنة للهجر بعد أن هجرها الزوج مدة قاربت 10 سنوات، حيث أكدت المحكمة أن الهجران يعدّ من أشد ضروب الضرر على المرأة المتزوجة، ومن شأنه أن يجعلها كالمعلقة فلا هي زوجة ذات بعل ولا هي مطلقة.
وقالت محامية الزوجة رقية الجزيري إن موكلتها لجأت إلى محكمة الاستئناف الشرعية بعدما رفضت محكمة أول درجة دعواها، وقالت الجزيري إن موكلتها المستأنفة تزوجت بالمستأنف ضده، ورزقا على فراش الزوجية بولدين، إلا أنه تركها بلا نفقة أو منفق منذ ما يقرب من 10 سنوات، وأصبحت كالمعلقة بعد رفضه الطلاق فلا هي زوجة ذات بعل ولا هي مطلقة.. ولتضررها منه بسبب ذلك، فإنها تقيم دعواها الراهنة بطلبها الآنف الذكر.
قالت محكمة الاستئناف في ضمن حيثيات حكمها إن الضرر الذي يقع على الزوجة من زوجها وتطلب التطليق عليه بسببه له صور مختلفة ومعايير متعددة، منها الضرر المادي والمعنوي كالضرب والسب والشتم والطعن في الشرف، ومنها الهجر، وهي أسباب يختلف كل منها عن الآخر، ويكفي لوقوع الضرر ثبوت صورة من صوره التي تتحقق بها المضارة، ولا شك أن هجر الزوجة في الفراش وعدم وقاعها لسبب راجع إلى الزوج يعتبر من أشد ضروب الضرر الموجب للتطليق القضائي، لأن استطالته تنال من الزوجة بأبلغ الضرر، ومن شأنها أن تجعلها كالمعلقة فلا هي زوجة ذات بعل ولا هي مطلقة.
وأضافت المحكمة أن البين من أقوال شهود الإثبات الذين شهدوا أمام محكمة الدرجة الأولى وأمام هذه المحكمة الذين تطمئن هذه المحكمة لصدق شهادتهم ولسلامة أقوالهم وقد جاءت شهادتهم حسية، أن المستأنفة متضررة من زوجها المستأنف عليه بسبب الهجران الذي تجاوزت مدته ثماني سنوات، إذا إنه سافر خارج البلاد منذ أبريل 2014 ويرفض الرجوع كما أنه لم يدعوها إلى العيش معه في محل إقامته، فضلا عن امتناعه عن الإنفاق عليها وعلى ولديها منه طيلة تلك المدة.
وذكرت المحكمة أن الهجران يعد من أشد ضروب الضرر على المرأة المتزوجة، إذ يحرمها الزوج من الفراش مدة طويلة -مع حاجتها إلى ذلك- من دون سبب مشروع، ومن شأن ذلك أن يجعلها كالمعلقة فلا هي زوجة ذات بعل ولا هي مطلقة، بحيث تخشى على نفسها الفتنة والوقوع في الحرام، وبما أن المستأنفة شكت الضرر الواقع عليها من المستأنف عليه والمتمثل في الهجر الذي عجزت عن احتماله من الناحية النفسية، وقد تسبب في تصدع الحياة الزوجية بينها وبين زوجها المستأنف عليه، مما يجعل دوام العشرة بينهما على هذه الحالة أمراً متعذراً، ويغدو التفريق بينهما بسبب الهجر هو الحل استناداً للقاعدة الفقهية العامة (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام)، لأن هجر الزوج لزوجته فترة طويلة بما لا تتحمله عادة وبغير مسوغ مشروع يعدّ ضرباً من ضروب الأذى والضرر ويندرج في أفعال الأضرار التي يبيح للقاضي الشرعي المختص التطليق القضائي جبراً على الزوج إذا ما طلبت الزوجة ذلك.
وأشارت المحكمة إلى أنها منحت أجلاً للمستأنف عليه للحضور وأعلنت بالدعوى، إلا أنه لم يمتثل ولم يحضر جلسات المحاكمة، ولم يبد رغبته في الرجوع إلى زوجه المستأنفة والإقامة معها، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بتطليقها عليه طلقة باتنة أولى للهجر الذي تجاوز مدة ثماني سنوات من دون سبب مشروع وذلك استناداً إلى نص الفقرة (ب) من المادة (98) من قانون الأسرة رقم (19) لسنة 2017.
ولهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بتطليق المستأنفة على زوجها المستأنف عليه طلقة أولى بائنة للهجر بعد الدخول، ولا تحلّ للمستأنف عليه إلا بعقد ومهر جديدين، وليس لها الزواج من رجل آخر إلا بعد صيرورة هذا الحكم نهائياً بمضي مدة الطعن بالتمييز، وإيقاع صيغة الطلاق شرعاً، وإلزامها العدة الشرعية ثلاثة أقراء وإصدار وثيقة طلاق بذلك.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك