قضت محكمة الاستئناف العليا المدنية الثانية بأحقية أستاذ جامعي في الحصول على تعويض بقيمة 26 ألف دينار، مقابل قيامه بتدريس بعض المقررات الدراسية الإضافية على مدار 4 سنوات بناء على قرار مجلس الجامعة تعيينه في 2017، بعد تسوية بينهما وتعهده بتنفيذ حكم قضائي صدر ضده في 2013 ألزمه بسداد تكاليف ابتعاثه للخارج إلى الجامعة بسبب إخلاله بالعقد في ذلك التوقيت، حيث رفض جهاز الخدمة المدنية تلك الإجراءات، وأخطر الجامعة بضرورة إنهاء العلاقة بين الطرفين مع ضرورة تنفيذ الحكم الصادر ضده الأستاذ الجامعي الذي الزمه بدفع تكاليف عقد الابتعاث الذي أخل به.
وقالت المحكمة إن قرار التعيين صدر من الجامعة ومارس الأستاذ الجامعي عمله، إلا أن موجبات العدالة التي تعد أصلاً من أصول القضاء البحريني تأبى أن يحرم شخص من تعويضه عما أداه من عمل مشروع لجهة الإدارة متى كان بإذنها، وبذلك فإن الأستاذ الجامعي يستحق تعويضا عن المقررات الدراسية الإضافية التي قام بتدريسها خلال 4 سنوات والتي قدرت بناء على تقرير خبير منتدب، بما يقرب من 26 ألف دينار، وألغت المحكمة حكم أول درجة الذي قضى بأحقية الأستاذ الجامعي في الحصول على 85 ألف دينار قيمة راتبه الأساسي وتدريسه لمقررات إضافية، حيث أشارت محكمة الاستئناف إلى عدم أحقيته في الحصول على الراتب الأساسي لكون إجراءات التعيين لم تستكمل.
رفع الدعوى
وكان المدعي قد رفع دعوى أشار فيها إلى أنه التحق بالعمل لدى الجامعة المدعى عليها منذ أكثر من 20 عاما، وفوجئ بعدم رصد مواد تدريس له في أحد الفصول الدراسية في 2022، فتقدم بخطاب إلى رئيس الجامعة بطلب رصد النصاب الأكاديمي ورصد جدول تدريس له، فتم الاجتماع به واخباره أنه سيتم تدارس موضوعه ومخاطبة جهاز الخدمة المدنية، مدعيا أنه منذ أكثر من 10 سنوات لم يتم صرف أي رواتب له رغم قيامة بالعمل.
فرفع دعواه أمام محكمة أول درجة وطلب إلغاء قرار المدعى عليها عدم رصد أي مواد تدريسية أو جدول تدريس للمدعي وخاصة أنه محبوس على ذمتها وتحت تصرفها للعمل لديها، مطالبا الجامعة بأن تؤدي له 247 ألف دينار، بالإضافة إلى فائدة 9% من تاريخ رفع الدعوى حتى السداد التام كفوائد تأخير عن عدم صرف مستحقاته.
إلا أن الجامعة دفعت بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لانقطاع العلاقة الوظيفية بينهما منذ انقطاعه عن العمل في 2010، كما دفعت بسقوط الحق للتقادم ومرور الزمان ورفض الدعوى لانتفاء إثبات الالتزام سبب الدعوى كون الجامعة ابتعثت المدعي للحصول على درجة الدكتوراه، ولم يلتزم ببنود الاتفاق وصدر حكم بإلزامه رد رسوم الابتعاث.
وقد انتهت محكمة أول درجة إلى سقوط حق للتقادم للفترة ما قبل 2017 لمرور خمس سنوات، مع خلو الأوراق مما يفيد بتقديمه أي مطالبة كتابية أو قضائية تقطع مدة عدم سماع الدعوى بينما قالت إنه ثبت إعادته إلى عمله في الجامعة منذ 2017 وباشر اعمال وظيفته حتى 2021 إلا أن قرار تعيينه كان موقوفاً ولم تستكمل إجراءات التعيين رسميا، والمقابل الذي كان يفترض أن يحصل عليه شاملا راتبه الأساسي والعلاوات الأخرى والمكافأة 85 ألف دينار، ولا ينال من ذلك ما تتمسك به الجامعة بأن التعاقد معه كان بنظام العمل الجزئي لكون قرار الجامعة نص على الموافقة على تعيينه بوظيفـة مـدرس، ولم يشر من بعيد او قريب إلى تعيين المدعي بنظام الدوام الجزئي.
استئناف الأستاذ الجامعي
استأنف الأستاذ الجامعي وطالب بإحالة الاستئناف للتحقيق ليثبت أن عدم مطالبته قضائياً سابقا بمستحقاته كان بسبب وجود مانع أدبي يمنعه من اللجوء إلى القضاء في ذلك الوقت، وإن عدم اعتماد ديوان الخدمة المدنية لقرار الجامعة ليس للمستأنف علاقة بما يترتب عليه من موافقة جهاز الخدمة المدنية، حيث إن تعيين المستأنف تم.
إلا أن المحكمة أشارت إلى أن الحقوق المالية الوظيفية، والحقوق المالية الدورية -تقادم الحق في المطالبة بها- تصبح المرتبات وما في حكمها من المبالغ التي تكون مستحقة قبل الجهة الإدارية حقا مكتسبا إذا لم تتم المطالبة بها قضائيا أو إداريا خلال خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق، إلا إذا قام مانع قانوني يستحيل مع وجوده المطالبة قانونا.
وأضافت: إن الثابت بالأوراق أن المستأنف أقام دعواه بطلب الحكم بإلزام الجامعة المستأنف ضدها أن تؤدي له 247 ألف دينار عبارة عن رواتبه منذ 2004 حتى 2022، بالإضافة إلى الفوائد، وإذ لم يقم للمطالبة بهذه المستحقات إلا في 2022، فلا يحق له المطالبة بتلك المستحقات فيما زاد على خمس سنة سابقة على تاريخ رفع الدعوى المستأنفة، ولما كانت دعواه رفعها في 2022 فلا أحقية له في المطالبة بمستحقاته السابقة عن 2017ن وذلك بغضّ النظر عن مدى اعتبار المستأنف خلال هذه الفترة تربطه علاقة وظيفية بالجامعة باعتبار أن المدة السابقة على هذا التاريخ لا تسمع عنها الدعوى لسقوطها بالتقادم، مما يحق له المطالبة بمستحقاته في الفترة ما بعد 2017.
وردت على أن عدم مطالبته قضائياً كان بسبب وجود مانع أدبي يمنع المستأنف من اللجوء إلى القضاء في ذلك الوقت، وأن المقرر قانوناً يجب أن تكون المطالبة التي تقطع المدة المقررة لسماع الدعوى مطالبة قضائية أو مطالبة كتابية من الموظف وهو الملزم بإثبات ذلك، وإذ خلت الأوراق مما يثبت قيام المستأنف بتقديم مطالبة كتابية للجامعة المستأنف ضدها للمطالبة بمستحقاته المتأخرة قبل رفعه للدعوى المستأنفة فإن ما يتمسك به يمثل قولاً مرسلاً لا يسانده دليل من الأوراق، كما أن العلاقة بينه وبين الجامعة ليست من شأنها وجود مانع أدبي يحول دون لجوء المستأنف إلى القضاء للمطالبة بمستحقاته، وهو ما تؤيده المحكمة بسقوط حق المطالبة للفترة ما قبل 2017 للتقادم.
استئناف الجامعة
من جانبها استأنفت الجامعة مطالبة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزامها بمبلغ 85 ألف دينار، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، وإلزام المستأنف ضده المصاريف عن درجتي التقاضي على أساس أن تعيين المستأنف ضده كان موقوفاً لعدم الحصول على موافقة جهاز الخدمة المدنية، ورغم ذلك عاد وقرر أن المستأنف ضده كان معينا على نظام التعيين الدائم، فضلاً عن أن عدم موافقة جهاز الخدمة المدنية على تعيين المستأنف ضده ينفي عن العلاقة الوظيفية صفة الديمومة.
حيث أشارت المحكمة إلى أن الأصل هو أن الأجر مقابل العمل، ومتى انقضت علاقة العمل بين الموظف وبين الجهة الإدارية، سواء بالاستقالة أو لأي سبب آخر، ودون أن يتم تعيينه أو إعادة تعيينه من جديد، فإنه تنقضي عنه تبعاً لذلك صفته الوظيفية التي كانت تخوله الحصول على كافة الحقوق المالية المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية.
وقالت إن من موجبات العدالة -التي تعد أصلاً من أصول القضاء البحريني- تأبي أن يحرم شخص من تعويضه عما أداه من عمل مشروع لجهة الإدارة متى كان بإذنها، فإنه ينبغي أن يكون هذا التعويض -الذي تتولى محكمة الموضوع تقديره- في حدود الغاية التي شرع من أجلها وإلا كان إثراء بلا سبب، وحيث إن الثابت من الأوراق أن الأستاذ الجامعي سبق أن انتهت علاقته بالجامعة لعدم التزامه ببنود الابتعاث سابقا وصدر حكم بإلزامه رد تكاليف الابتعاث وانتهت العلاقة بين الطرفين بموجب أحكام قضائية.
وحيث عادت الجامعة ووافقت على طلب عودته إلى العمل لديها بموجب قرار مجلس اعتباراً من 2017 وإجراء تسوية لرد تكاليف ابتعاثه من مستحقات المالية، إلا أنه لم يتم استكمال إجراءات تعيينه لعدم موافقة جهاز الخدمة المدنية -الذي يجب موافقته على ذلك التعيين وطالب الجامعة بأنه لا مناص أمامها إلا إنهاء خدمة المستأنف ضده بالاستقالة الضمنية تطبيقاً لصحيح حكم القانون مع ضرورة تنفيذ الحكم الصادر ضده والذي ألزمه بدفع تكاليف الابتعاث، الامر الذي تستخلص منه المحكمة أن المستأنف ضده قد فقد وظيفته، كما أن تعيينه في 2017 لم يتم استكمال إجراءاته لرفض جهاز ديوان الخدمة المدنية التعيين، الأمر الذي يضحي معه المستأنف ضده وفقاً لذلك غير مرتبط بعلاقة وظيفية دائمة بالجامعة.
إلا أن الثابت من الأوراق وتقرير الخبرة أن المستأنف ضده قام بتدريس بعض الشعب الدراسية وذلك بموافقة الجامعة، فإن موجبات العدالة تأبي أن يحرم الأستاذ الجامعي من تعويضه عما أداه من عمل مشروع للجامعة وبإذن منها؛ وبمراعاة أن ذلك التعويض الذي يستحقه عما بذله من جهد برضاء الجامعة لا يسقط إلا بالتقادم الطويل؛ ومن ثم يستحق المستأنف ضده تعويضا عن الشعب الدراسية التي قام بتدريسها خلال الأعوام الدراسية من العام الدراسي 2017 حتى 2021، والمحكمة في مجال تقدير ذلك التعويض ترى أحقيته في مقابل تدريس الشعب التي درسها تلك الفترة والتي يستحق معها تعويضاً عن تلك المقررات الدراسية ما يقرب من 26 ألف دينار بموجب تقرير الخبير ورد الجامعة.
وإذ قضى الحكم المستأنف بإلزام الجامعة المستأنفة أن تؤدي له 85 ألف دينار على أساس أنه يستحق رواتبه بالإضافة إلى الشعب الإضافية خلال الفترة المذكورة، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون بما يستوجب إلغاءه، والقضاء مجدداً بإلزام الجامعة أن تؤدي له ما يقرب من 26 ألف دينار ومصروفات الدعوى.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك