3 قرى بحرينية قديمة نطقت بلهجة آرامية
كتبت- زينب إسماعيل
على هامش معرض "عملات في منعطفات التاريخ" الذي يستضيفه متحف البحرين الوطني، نظمت هيئة البحرين للثقافة والآثار ندوة ثقافية بعنوان "التبادل الحضاري بين العرب والروم"، وذلك الخميس (15 يونيو 2023).
وتطرق الباحثون خلال الندوة إلى الحضارة الرومانية والثقافة العربية قبل وبعد الإسلام وكيفية تعايش هاتين الحضارتين، إلى جانب طبيعة علاقات التبادل الثقافي والحضاري فيما بينهما. وقال الباحث محمد العرادي أن 3 قرى بحرينية قديمة كانت تنطق بإحدى لهجات اللغة الآرامية.
التبادل التجاري
أكد الباحث إبراهيم التميمي أن الحضارة الرومانية أو البيزنطية كانت على علاقة تجارية مع الحضارات العربية قبل وبعد الإسلام، حيث شهدت العلاقة اتفاقيات مع القبائل العربية (مثل الغساسنة ). كما كانت الدولة الفارسية الساسانية على إتفاق مع بعض قبائل اللخميين، حتى إن الغساسنة وبنو لخم كانا في اقتتال لدافعهما عن الأراضي البيزنطية والساسانية، وخاضتا الحروب الكبرى في المنطقة مثل الحرب البيزنطية الساسانية الأولى (بين جاستن الثاني الإمبراطور البيزنطي وبين خسرو الأول أنو شيروان الحاكم الفارسي)، وذلك بالرغم من إنشغال قبائل عربية في ذلك الوقت بحرب داحس والغبراء التي استمرت 40 عام. ونفس القبائل خاضت الحرب الساسانية البيزنطية الثانية بين هرقل عظيم الروم وخسرو الثاني الحاكم الفارسي، وتم تخليد هذه الحرب في سورة الروم في القرآن الكريم.
وتابع بالقول "في عام 24 ميلادي، أمر الإمبراطور أغسطس واليه في مصر بالإبحار من مصر إلى منطقة نجران العربية ليلتقي بوزير الأنباط صالح بعدما تم الإتفاق مع ملك الإنباط (عبادة الثاني) على إرشاد الأنباط إلى منطقة اليمن السعيد لما سمعوا عنها من خيرات، وأهلها يتاجرون بالبخور والعطور واللبان والفضة والذهب .كما ذكرت سورة قريش في القرآن الكريم رحلة الشتاء لقبيلة قريش التي تتجه إلى الحضارة الحميرية في اليمن ورحلة الصيف التي تتجه إلى الشام للحضارة البيزنطية.
تداول العملات والتدوين
وتحدث الباحث محمد حكيم العرادي عن العملات البيزنطية ( الأفلاس والدنانير الذهبية)، والتي تم تداولها في جزيرة العرب، بجانب الدراهم الساسانية والعملات الحميرية، مبينا أن الدينار البيزنطي كان مصدر أساس لتطور الدينار الإسلامي من ناحية نقاوة الذهب والفئات والأوزان المتقاربة والعبارات، وتم تداول الدينار البيزنطي حتى عهد جاستينان الثاني لما سك الخليفة عبد الملك ابن مروان الدينار العربي.
وقال إن النسطوريين ساهموا في تدوين النصوص السريانية، خصوصا وأن العرب كانوا يعتمدون على النقل الشفهي بدلا من التدوين، بينما كان الرهبان يدنون الكتب، وذلك حتى العصر العباسي. وكان من أشهر من دون تلك النصوص، ألفونس منغانا (وهي لهجة تابعة للغة الآرامية، ولهجة أهل الدير وسماهيج وقلالي سابقا، واللغة القريبة من لغة المسيح). واستطاع أن يجمع مخطوطات سيريانية وعربية نشرها في 3 كتب.
وأشار إلى أن "القرآن الكريم -وإن كان كتاب ديني بالأساس يحوي أحكام وشريعة- إلا أنه ذكر أحداث تاريخية من بينها قصة أصحاب الكهف المذكورة في التراث المسيحي السيرياني وأشهر من كتب عنها مار يعقوب السروجي. وهم من سأله عنهم وفد اليهود الرسول كما تشير المصادر الإسلامية. كما ذكرت النصوص السيريانية قصة الراهب بحيرة والنبي محمد (ص) قبل النوبة أثناء رحلاته التجارية للشام، ولو كانت الرواية مختلفة عما هو مذكور في التراث الإسلامي".
ولفت إلى أن هناك من يعتقد أن التراجم بدأت في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الذي عرب الدواوين وسك الدينار والدرهم العربي. لكن النصوص السيريانية تذكر لنا إحدى عمليات التراجم المبكرة منها عام 644 ميلادي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب جرت مناظرة بين البطرياك يوحنا الثالث (يوحنا أبو السدرات) وبين عمير بن سعد بن عبيد الأنصاري (أحد صغار الصحابة ) ووالي جند حمص. بعد المناظرة طلب عمير من يوحنا يترجم الإنجيل إلى اللغة العربية، فوافق يوحنا وبدأ العمل بالترجمة. كما جرت مناظرة بين الخليفة العباسي المهدي مع طيميوثاوس الأول، وهي موجودة كاملة بالنص السيرياني وترجمت إلى الأنجليزية في كتاب النصوص السيريانية عن المسلمين للكاتبة سيدني غريفث. وكان طيميوثاوس النسطوري ينادي الخليفة العباسي محمد المهدي بإسم (خليفتنا) أو(الخليفة المبجل) حيث كان ولائه للخليفة العباسي العربي وليس بيزنطيا.
وعرج العرادي إلى التبادل العلمي ما بين العرب والروم، مذكرا "بالخليفة العباسي المأمون وهو في خضم معاركه مع الإمبراطور البيزنطي توفيل. سمع أن العالم والمهندس الرومي ليون كان متواجداً في قصر توفيل ليطلب من الأخير أن يوفد عليه ليون للإستفادة من علمه في الرياضيات". وأشار إلى "الحملات العلمية في عهد الخليفة الواثق بالله، حيث أرسل الواثق محمد بن موسى على رأس وفد إلى منطقة أفيسوس ( تقع في تركيا) للتأكد من أن الكهف هو نفسه لأصحاب الكهف وأخذ الواثق الإذن من الإمبراطور البيزنطي ميشيل الثالث. وأرسل أيضا حملة يرأسها ترجمان القصر العباسي للبحث عن سد يأجوج ومأجوج بالتنسيق مع نفس الإمبراطور".
الموسيقى
تطرق الفنان محمد العبيدلي خلال الندوة إلى تأثر الموسيقى العربية بالحضارات الأخرى، والتي كانت تستخدم في الحضارات القديمة، في العمل والعبادة والترفيه وطقوس الدفن، حيث استخدم العرب الآلات الموسيقية، كالقيثارة في دلمون وسومر والعود الذي انتقل إلى العرب. وأشار إلى تأثر الإسلام بالموسيقى الفارسية من حيث أسماء النغمات الموسيقية وصولا إلى الغناء المتقن في عهد الخليفة الثاني. وأوضح أن الشعر والموسيقى ظهرا في العصر الجاهلي، حيث ازدهر الشعر في زمن صناجة العرب الأعشى بن قيس، كما ظهر فن الحداء، وهو فن العرب الأول. في وقت أن الرومان كانوا منشغلين بالدولة والحروب، أما الإغريق فاشتغلوا في تطوير الفن والثقافة. وأضاف "كما ازدهرت الموسيقى في العصر الأندلسي بسبب ازدهار الفن والأدب والثقافة، وظهرت الموشحات، وأضاف زرياب الأندلسي الوتر الخامس إلى العود، والذي لطفه".
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك