وقت مستقطع
علي ميرزا
أسبوع من المتعة الآسيوية (2)
} على ذمة الإحصائية التي أشارت إلى أن جمال خير الله لاعب فريق خيبل اليمني قد أحرز 52 نقطة في مباراة فريقه التي استغرقت خمسة أشواط أمام فريق اسبرينغ من هونغ كونغ.. الإحصائية السابقة من الوهلة الأولى تثير الإعجاب والتصفيق، لأن مثل هذا الرقم نادر التكرار في أي مباراة سواء كانت على أرض الواقع، أو فوق سطح القمر، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن اللاعب كان متمكنا، وفي أحسن حالاته الفنية والمزاجية، إذ أحرز لوحده شوطين، بينما سجل بقية زملائه في الفريق شوطا واحدا.
ولكن علينا أن ننظر إلى الإحصائية المسجلة من زاوية أخرى بعيدا عن الانتقاص والتقليل من شأن اللاعب الذي يقف وراء الإحصائية، إذ تدل على أن اللاعب هو الخيار الهجومي الأبرز بالنسبة للمعد، بينما بقية اللاعبين لا يشكلون أي تأثير، وأي فريق بهذه الشكلية يمكن السيطرة عليه وهزيمته، لأن مكمن الخطر مقتصر على لاعب بعينه، ولا يمكن في الكرة الطائرة أن يفوز فريق بلاعب واحد، وقد ينبري لنا من يقول بأن فريق سانتوري الياباني فاز بفضل الروسي العملاق ديميتري. صحيح هذا الكلام بشكل عام، ولكن التفاصيل تؤكد أن اليابانيين قدموا عروضا جماعية، وكان صانع ألعاب الفريق »ماساكي« لديه خيارات هجومية متنوعة من مختلف المراكز، وكان يوجه كراته للروسي بالذات في المواقف الحاسمة، وأي فريق يملك جبهات هجومية متنوعة من الصعب هزيمته، زد على ذلك أن جمال خير الله في تلك المباراة ربما كان في أحسن حالاته الفنية والمعنوية، بينما الفريق المنافس يبدو أنه متواضع، والدليل أن لاعبيه لم يستطيعوا إيقاف ضارب الفريق اليمني على مدار أشواط المباراة.
فنظرية التعويل على اللاعب الأوحد في تسجيل الانتصارات نظرية فاشلة ويكذبها الواقع، لأنه ليس في كل مرة تسلم الجرة، فقد يفوز الفريق لأن لديه لاعبا مؤثرا ومختلفا، ولكن الفوز لم يأت على يد اللاعب المؤثر وحده، وإنما لأن هناك لاعبين آخرين كذلك يساعدونه.
} عندما نقول إننا في عصر التخصص والاختصاص، هل قلنا شيئا يخالف الواقع، أو أتينا بشيء لم تأت به الأوائل، أو تطرقنا إلى شيء من الخيال، أو أن الكلام يشوبه الغموض؟
ومع ذلك هناك من ينتظر منا أن نترجم له عبارة »عصر التخصص والاختصاص« التي تعني أن كل واحد منا عليه أن يلزم حدوده، ولا يتجاوزها، ولا تسوّل له نفسه أن يدخل عصه فيما لا يخصه، لأن هذا من شأنه أن يخلط الأوراق، ويسبب تداخلا في الأمور، ويحدث فوضى، إذ كل فرد منا هو أدرى بشعابه، وأهلا بالنصيحة عندما تأتي من أهل التخصص، ولا أهلا بها عندما تأتي من غير أهلها.
} أعجبتني الجاليات اليابانية والكورية والإندونيسية التي تواجدت بروح وطنية للوقوف خلف الفرق التي تمثل بلدانها في بطولة الأندية الآسيوية للكرة الطائرة، إذ انحصرت مهمة هذه الجاليات في تشجيع لاعبيها على طريقتهم الخاصة، من دون أن يخرجوا عن النص، فهم يحضرون ويشجعون ويغادرون من دون أن يتركوا فرصة لأن يتكلم عنهم بأي سلبية، فالدول عادات وثقافات، والرياضة سلوك وأخلاق، فلم نجد على مدار أسبوع أحدا اشتكى منهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك