وقت مستقطع
علي ميرزا
موت المؤلف
«موت المؤلف» هذه المقولة يعرفها ويتداولها على وجه الخصوص المهتمون بالفكر والفلسفة والنقد، والتي تعود لصاحبها المنظّر الفرنسي والناقد الأدبي «رولان بارت»، ولا نريد أن نغوص كثيرا في بطن المقولة، لأن هذا ليس مكانه، ولكن هناك بعض النقاط آثرنا التوقف عندها واستنطاقها بحسب فهمنا.
النقطة الأولى، تتعلق بالكاتب، فأي كاتب تنتهي مهمته بانتهاء ما يكتبه، ووضع النقطة الأخيرة، وهو -أي الكاتب- مسؤول فقط عن كل كلمة كتبها.
النقطة الثانية، تتعلق بالمتلقي أي القارئ والمتابع، فالفهم يختلف من قارئ إلى آخر، وهذا مرجعه إلى اختلاف الثقافة والبيئة الاكتسابية والمكونات الوراثية والمستوى التعليمي وأمور أخرى، ومع ذلك للقارئ حرية الفهم، ولكن حذار أن يستثمر هذه الحرية، ويحمّل «بتشديد الميم» الكلام المكتوب أكثر مما يحتمل من الفهم.. بمعنى آخر، لا تبالغ أيها القارئ في فهمك.
النقطة الثالثة.. صحيح أن أي كتابة قد منحتك حرية القراءة والفهم، ويبقى أن الكاتب ليس مسؤولا عن فهمك، فليس بالضرورة أن ما تتوصل إليه من الفهم هو نفسه مقصود الكاتب، فقد يعني الكاتب أمرا معينا، وأنت تغرد في واد آخر. زد على ذلك أن الكاتب لا يلزم القارئ الاتفاق معه فيما يكتبه، فإن اتفق معه القارئ فأهلا وسهلا، وإلا فالاختلاف القائم على الوعي والنضج هو الأساس، أضف إلى ما سبق فإن الكاتب ليس ملزما بأن يفسر لك ويوضح ما تتضمنه كتابته، فهذه مهمة الأستاذ في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية.
النقطة الرابعة.. كما أسلفنا في النقطة الثانية، فقد قيل إنه لا توجد قراءة بريئة، بمعنى أن هناك الكثير ربما من القراء يحاولون أن يطوعوا المكتوب ويجرونه إلى ما يعتقدون به ويميلون إليه، فإذا كان المكتوب يصب فيما يحبه ويهواه ويميل إليه عندها سيكيل المدح للقارئ وما كتبه، والعكس صحيح، فإذا كان المطروح لا يتماشى مع ما تهواه النفس ولا يشبع الميول والأهواء عندها ستصب على الكاتب لعنات السماء، فكلتا القراءتين متأثرة، وعلينا أن نكون حذرين في هذا الجانب، وأن نتخلى عن كل المؤثرات ونقرأ بحيادية وموضوعية، ولا نقلل من شأن المكتوب أو نعطيه أكثر مما يحتمله.
والنقطة الخامسة والأخيرة، علينا أن نتعلم ثقافة الاختلاف، وكيف نختلف مع الآخر في ظل الاحترام والتقدير، بعيدا عن المهاترات والمزايدات واستعراض الأنا، ومن قال إن قراءة وفهم فلان أو علان هما الصحيحان فقط؟ وماذا عن قراءة وفهم الآخرين؟ فإذا قرأت شيئا وفهمته على طريقتك الخاصة فاحتفظ بفهمك ولا تحاول أن تزاحم به الآخرين وتفرضه عليهم، لأنهم لهم قراءتهم الخاصة وفهمهم الخاص كذلك، ورحم الله من عرف قدر نفسه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك