الوساطة وسيلة من الوسائل البديلة لحل النزاعات، حيث تحتل الوساطة حاليا مكانة في حل النزاعات، وهو الأمر الذي دفع المشرّع إلى تنظيمها وبيان إجراءاتها لتصبح وسيلة قانونية معتمدة، فأقدم المشرّع على تقنين نظام الوساطة بتشريعات حديثة بهدف تسهيل الإجراءات على أصحاب الشأن، وخاصة بتعدد أشكال الوساطة. يمكن أن نعرّف الوساطة بأنها عملية طوعية يلجأ إليها أطراف النزاع بإرادتهما بمساعدة طرف ثالث محايد يسمى الوسيط للتوصل إلى اتفاق يرضي أطراف الخصومة، وأهم ما يميز الوساطة المرونة والسرعة في حل النزاع أكثر من اللجوء إلى القضاء، وتصلح الوساطة في العديد من المنازعات سواء كانت مدنية أو تجارية أو في الأحوال الشخصية أو حتى في النزاعات الإدارية، يحاول فيها الوسيط المحايد والمستقل والمؤهل تسهيل وتنسيق المفاوضات وتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع وحثهم على قبول اقتراحاته ومساعدتهم للوصول إلى حل مقبول ومناسب من دون أن يكون القرار الصادر منه ملزما للطرفين، فلهم الحرية في قبوله أو عدم قبوله، ولا بد أن يحافظ الوسيط على السرية التامة فيما يقوم به وما يحصل عليه من بيانات ومعلومات من الطرفين بسبب وظيفته كوسيط سواء تم حل النزاع بواسطته أو لم يتوصل الأطراف إلى حل خلال عملية الوساطة.
الجدير بالذكر أن الوساطة في المنازعات التجارية لها دور مهم وتأثير إيجابي على الاقتصاد، فهي تحافظ على استمرارية العلاقات بين الاطراف فتكون بعيدة عن التمادي في الخصومات وقطع العلاقات التجارية، ومرنة فهي بعيدة عن تعقيد المحاكم واجراءاتها المطولة فلا يتقيد الاطراف بشكليات معينة أو قالب محدد، وهو ما جعلها أكثر مسايرة لتطور المعاملات التجارية الهائلة والتي تحتاج إلى سرعة الأداء في إيجاد الحل، فقد تنتهي الوساطة في أيام، في حين أن الدعاوى قد تطول لسنوات أمام المحاكم، وبتكلفة أقل.. فتكلفتها أقل بكثير من اللجوء إلى المحاكم التي تحتاج إلى رسوم لرفع الدعوى وتكاليف قضائية، بالإضافة إلى أتعاب المحاماة، كذلك تتميز الوساطة في المنازعات التجارية بإجراءاتها الميسرة فتفتح المجال للأطراف للمساهمة في إيجاد القرار المناسب وهو ما يسهم في حل النزاع وديا ما يعني استمرار العلاقات والمحافظة عليها، فهي الأنسب في هذا المجال، وهو ما له تأثير إيجابي كبير على العلاقات التجارية والاقتصادية المحلية والدولية، أضف إلى ذلك أن الوساطة أكثر ملاءمة لحل النزاعات التجارية بسبب سريتها، فهي ملائمة أكثر للحفاظ على خصوصية العلاقات التجارية بين رجال الأعمال والصناعة على عكس جلسات المحاكم التي يجب أن تكون علنية في الغالب، وما يدل على الاعتناء بالوساطة وإعطائها أهمية بالغة أنه أصبح لدينا جدول معتمد للوسطاء ومراكز تعتمد الوساطة لحل النزاعات، منها مركز تسوية المنازعات التجارية في غرفة البحرين والتي اعتمدت عددا من الوسطاء لديها ليسهموا في إثراء ايجابيات حل النزاعات التجارية بالوساطة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك