عندما نشاهد الأخبار نجد نمطا معينا تسير عليه جميع المواضيع (مدح، ثناء، إشادة)، فإن كانت المواضيع ذات طابع سياسي لربما لها أسبابها كما هو متعارف عليه عالميًا وأهل الاختصاص يدركون هذا جيدًا، حيث الأخبار لا تكون أخبارًا بالضرورة، لربما تكون رسائل غير مباشرة لجهات مختلفة، أو تمهيد لأمرٍ ما، أو حتى لبث الطمأنينة في الجو العام، أو حتى لتوطيد العلاقات أو لفت الانتباه، ولن أخوض في هذا الجانب لأن أهل الاختصاص والمجال هم الذين يمتلكون الفهم العميق والصورة العامة التي تسير عليه الشؤون السياسية والإعلامية، ولكن ما يعنينا هو المجال الاجتماعي والثقافي.
عندما تقرأ خبراً عن عرض مسرحي أو فيلم سينمائي، سنجد أن الموضوع غير مرتبط بالنقد أو إبداء الرأي ووجهات النظر المتضادة، وإنما لا تتعدى المسألة المدح والثناء والكثير من العبارات الإنشائية الرنانة، مبتعدين كل البعد عن الرسالة الأساسية التي نشأ الإعلام بسببها، نقل الحقيقة، التأثير، النقد الصحي البنّاء، بهدف أن تكون النتيجة المزيد من التطوير والارتقاء، فما السبب الذي يدفع أصحاب الفكر العميق إلى تجنب الحقيقة أو إظهارها بعكسها؟
نحن لا نتحدث عن شؤون سياسية لها حساسيتها وأصولها، وبطبيعة الحال حتى الشؤون السياسية قد منح الدستور الحق في التعبير عن الرأي بشكل محدد ووفق ضوابط معينة، رغم ذلك الجميع يتفهم سبب عدم الرغبة في الخوض في هذا البحر، ولكن نتحدث الآن عن شأن ثقافي!
وعلى النقيض من ذلك وعلى الطرف الآخر، إن لم يكن مدح وثناء، بطبيعة الحال يكون هجومًا شرسًا وانتقادات لاذعة ربما تكون أغلبها غير صحيحة، ولا تخدم شيئا في جوهر المواضيع، تستطيع قراءة الحقد والغل المحشو بين السطور، وتفهم بشكل تلقائي مدى العداء الذي يربط بين الطرفين وإن كان من طرف أحادي، فنعود هنا إلى المربع الأول مجددًا، حيث لم يصبح الحديث بهدف التحسين والتطوير، بل تحول الأمر إلى مسألة تصفية حسابات!
ولهذا أصبحت اليوم الحقيقة غائبة، تستدعي من الفرد البحث والتأني لمحاولة تلمسها وفهمها، أصبحنا في حالة إن تلمّسنا ملامح الحقيقة تكون مشوّهة في أفضل حالاتها، ومختلفة، أو ربما غائبة، والوصول إليها يحتاج إلى هدوء وبحث مستمر.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك