العدد : ١٧٠٦٥ - الخميس ١٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٥ - الخميس ١٢ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١١ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الثقافي

بيولوجيا النسق ومصادر تشكّله

باسل عباس حمزة

السبت ٠٧ ديسمبر ٢٠٢٤ - 02:00

عندما‭ ‬نشاهد‭ ‬الأخبار‭ ‬نجد‭ ‬نمطا‭ ‬معينا‭ ‬تسير‭ ‬عليه‭ ‬جميع‭ ‬المواضيع‭ (‬مدح،‭ ‬ثناء،‭ ‬إشادة‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬كانت‭ ‬المواضيع‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬سياسي‭ ‬لربما‭ ‬لها‭ ‬أسبابها‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬متعارف‭ ‬عليه‭ ‬عالميًا‭ ‬وأهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬يدركون‭ ‬هذا‭ ‬جيدًا،‭ ‬حيث‭ ‬الأخبار‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬أخبارًا‭ ‬بالضرورة،‭ ‬لربما‭ ‬تكون‭ ‬رسائل‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬لجهات‭ ‬مختلفة،‭ ‬أو‭ ‬تمهيد‭ ‬لأمرٍ‭ ‬ما،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬لبث‭ ‬الطمأنينة‭ ‬في‭ ‬الجو‭ ‬العام،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬لتوطيد‭ ‬العلاقات‭ ‬أو‭ ‬لفت‭ ‬الانتباه،‭ ‬ولن‭ ‬أخوض‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬لأن‭ ‬أهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬والمجال‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يمتلكون‭ ‬الفهم‭ ‬العميق‭ ‬والصورة‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬تسير‭ ‬عليه‭ ‬الشؤون‭ ‬السياسية‭ ‬والإعلامية،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬يعنينا‭ ‬هو‭ ‬المجال‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والثقافي‭.‬

عندما‭ ‬تقرأ‭ ‬خبراً‭ ‬عن‭ ‬عرض‭ ‬مسرحي‭ ‬أو‭ ‬فيلم‭ ‬سينمائي،‭ ‬سنجد‭ ‬أن‭ ‬الموضوع‭ ‬غير‭ ‬مرتبط‭ ‬بالنقد‭ ‬أو‭ ‬إبداء‭ ‬الرأي‭ ‬ووجهات‭ ‬النظر‭ ‬المتضادة،‭ ‬وإنما‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬المسألة‭ ‬المدح‭ ‬والثناء‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬العبارات‭ ‬الإنشائية‭ ‬الرنانة،‭ ‬مبتعدين‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬الرسالة‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬نشأ‭ ‬الإعلام‭ ‬بسببها،‭ ‬نقل‭ ‬الحقيقة،‭ ‬التأثير،‭ ‬النقد‭ ‬الصحي‭ ‬البنّاء،‭ ‬بهدف‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬النتيجة‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التطوير‭ ‬والارتقاء،‭ ‬فما‭ ‬السبب‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬أصحاب‭ ‬الفكر‭ ‬العميق‭ ‬إلى‭ ‬تجنب‭ ‬الحقيقة‭ ‬أو‭ ‬إظهارها‭ ‬بعكسها؟‭ ‬

نحن‭ ‬لا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬شؤون‭ ‬سياسية‭ ‬لها‭ ‬حساسيتها‭ ‬وأصولها،‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬حتى‭ ‬الشؤون‭ ‬السياسية‭ ‬قد‭ ‬منح‭ ‬الدستور‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬بشكل‭ ‬محدد‭ ‬ووفق‭ ‬ضوابط‭ ‬معينة،‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬الجميع‭ ‬يتفهم‭ ‬سبب‭ ‬عدم‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البحر،‭ ‬ولكن‭ ‬نتحدث‭ ‬الآن عن شأن ثقافي‭!‬

وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬وعلى‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مدح‭ ‬وثناء،‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬يكون‭ ‬هجومًا‭ ‬شرسًا‭ ‬وانتقادات‭ ‬لاذعة‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬أغلبها‭ ‬غير‭ ‬صحيحة،‭ ‬ولا‭ ‬تخدم‭ ‬شيئا‭ ‬في‭ ‬جوهر‭ ‬المواضيع،‭ ‬تستطيع‭ ‬قراءة‭ ‬الحقد‭ ‬والغل‭ ‬المحشو‭ ‬بين‭ ‬السطور،‭ ‬وتفهم‭ ‬بشكل‭ ‬تلقائي‭ ‬مدى‭ ‬العداء‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬أحادي،‭ ‬فنعود‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬المربع‭ ‬الأول‭ ‬مجددًا،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يصبح‭ ‬الحديث‭ ‬بهدف‭ ‬التحسين‭ ‬والتطوير،‭ ‬بل‭ ‬تحول‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬مسألة‭ ‬تصفية‭ ‬حسابات‭! ‬

ولهذا‭ ‬أصبحت‭ ‬اليوم‭ ‬الحقيقة‭ ‬غائبة،‭ ‬تستدعي‭ ‬من‭ ‬الفرد‭ ‬البحث‭ ‬والتأني‭ ‬لمحاولة‭ ‬تلمسها‭ ‬وفهمها،‭ ‬أصبحنا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إن‭ ‬تلمّسنا‭ ‬ملامح‭ ‬الحقيقة‭ ‬تكون‭ ‬مشوّهة‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬حالاتها،‮ ‬ومختلفة،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬غائبة،‭ ‬والوصول‭ ‬إليها‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬هدوء‭ ‬وبحث‭ ‬مستمر‭.‬‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا