كلما عقد معرض، تجد هياجاً شبابياً وطوفاناً بشرياً يلاحق الكاتب المثير للجدل أسامة لمسلم. يبلغ التدافع حد الاضرار بالنفس من أجل أن يحظى الشاب أو الشابة بتوقيع منه. ظاهرة تنبري إزاءها اصوات في منتديات ومحافل الادباء، تسخر وتتهكم من هذه الظاهرة الغرائبية. وقليل من توقف عندها بإعجاب كالناقد السعودي عبدالله الغذامي، في مقال استوقفني للكاتب والصحافي السعودي ميرزا الخويلدي في جريدة الشرق الأوسط اليوم، حيث عزا هذه الظاهرة، لبساطة الاسلوب في الكتابة ملامسة هموم الشباب، والاستفادة من مزايا السوشيال ميديا بالتواصل المباشر بين الكاتب وجمهوره.
أمام هذه الظاهرة التي بدأت وتكررت مراراً، بات على الناقد أن يقرأها بتمعن. ويبحث عن سحر تلك البساطة والفنتازيا في الكتابة، التي أشار إليها كاتب هذا المقال أعلاه، والتي يدعي أنها تقف وراء هذا الزخم الذي يلاحقه في أي بلد ومعرض كتاب حلّ، في تدافع جنوني وكأنها عدوى وبائية..
فهناك شيء يجب أن يُعرف ويبحث ويُشخص. والتحقق فيما إذا كان خلف هذا الزخم مؤسسات أعلام وترويج؛ ورغم أني لا استبعد وجودها، لكن أين هي، فلا أكاد أراها.. وفي الوقت ذاته ترينا مواقع التواصل كل يوم صعود شخصيات للنجومية والمليونية لأناس كانوا مغمورين استغلها بذكائهم، فصعدوا صعودا مدوياً، فلهذه المواقع اليوم سلطة تفوق سلطة الاعلام والدعاية والاعلان التقليدية.
اذن هناك استثمار في الانتشار والشهرة، ولكن كيف؟!
فالحالة التي تعكسها الصور والقاطع، تؤكد ظاهرة المسلم كسرت تابوهات دور النشر، وذللت معوقات التسويق، باستهداف غير مسبوق لذائقة شريحة لا يستهان بها من الشباب والنساء المتعطشة لكاريزما في شخصية الكاتب أو ما يكتب. وباعتقادي أن بيع ألف نسخة أو أكثر من كتبه في كل معرض يعقد هنا أو هناك متوقع وأكثر. فيما تراوح اصدارات المبدعين المعروفين والنقاد المرموقين على المستوى المحلي والاقليمي رفوفها في خجل مكدسة في أجنحة المعارض والمكتبات.
اذن ظاهرة أسامة المسلم جديرة بالنظر، مهما اختلفنا عليها ووصفناها
ولنا أن نسأل:
كيف اكتشف الشباب لونهم المفضل في كتابات المسلم؟ ولماذا شغفوا بها؟
وبمن يرتبط الانتشار السريع وشغف المعجب؟!
هل يكمن السر في موضوعات الكتابة؟ أم اسلوبه السردي؟ أم شخصية الكاتب وأسلوب تواصله (كما يدعي المقال)؟
أو وفق نظرية المؤامرة، التي تسبق لأذهان الكثير من المندهشين من الظاهرة. يكمن وراءها مؤسسات إشهار وترويج ظاهرة أو خفيه تعمل من وراء الكواليس، ليسود لون معين من الفكر والادب، من أجل أن يطغى وتتجه نحوه الأقلام تحدو حدوة.. من أجل خلق وترويج ثقافة شبابية جديدة؟
ولكن أين تضع هذه المؤسسات اعلاناتها التي لا نراها في قنوات الأدب المألوفة لنا؟ وهو بحسب مقال الكاتب ميرزا رجل عصامي لم تدعمه أي جهة من الجهات الرسمية ولا الأدبية.
الظاهرة ملفتة حقاً، والتساؤلات والشكوك مشروعة. لكنها ستبقى هكذا مالم تتصدَ لها أقلام النقاد الجادة، لإنصافها أو تعريتها أو الاستفادة من آلياتها واستخلاص جوانب القوة فيها إن وجدت.
فلا يكفي الوقوف على التل وممارسة التفرج السلبي. وكيل التهم والتهكم والهمز واللمز. فهذه ليست من طرق وأساليب النقد العلمي الثقافي، ولا أدواته.
هذه مهمة القارئ النموذجي الناقد. وهذا ما ننتظره منه حين تحجب الغيوم عين الشمس. عليه أن يجلي لنا الحقيقة بحيادية وتجرد تامين. فكل مبدع ينشد النجاح والانتشار. ويشكو من عقم تسويق المنجز الأدبي.
{ كاتب بحريني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك