«والدتي» مصـدر إلهـامي وقوتي الدافعة
أشجع النساء على ممارسة الرياضة والاستمتاع بفوائدها الجسدية والعقلية
بدأت اللاعبة والمدربة روان عادل علاقتها بممارسة رياضة التنس في سن الثامنة من عمرها، حيث شجعتها والدتها على الانخراط في هذه اللعبة لتسير على خطاها كونها لاعبة سابقة في هذه الرياضة الممتعة، كما مثلت «الوالدة» قوة دافعة لابنتها روان منذ بداية مسيرتها. لم تقتصر المدربة الحالية روان عادل على ممارسة اللعب فحسب، فقد اتجهت إلى عالم التدريب في وقت مبكر، لمشاركة شغفها وحبها للعبة، ومساعدة نظيراتها من الفتيات والسيدات على اكتشاف المتعة الكامنة وراء هذه الرياضة الجميلة.
روان عادل حلت ضيفة على ملحق «أخبار الخليج الرياضي» لتكشف في حوارها عن أسرار بداياتها في اللعبة، وطريقة انضمامها اليها، وأبرز الأهداف التي تسعى من خلالها إلى نشر هذه الثقافة الفريدة من نوعها في رياضة التنس.
1 - حدثينا عن بدايتك في عالم التنس؟
في عام 2007، شرعت في رحلتي إلى عالم التنس، وهي الرياضة التي أصبحت جزءًا مهمًا من حياتي، حيث كانت واحدة من أول الرياضات التي جربتها على الإطلاق، وسرعان ما استحوذت على اهتمامي. جذبتني الإثارة الناتجة عن ضرب الكرة، والاستراتيجية المتبعة في كل مباراة، والرفقة بين اللاعبين.
قبل أن أستقر على التنس، استكشفت العديد من الرياضات الأخرى. خضت تجربة التايكوندو، اللعبة التي تتطلب الانضباط والتركيز، بينما الملاكمة كانت مسعى آخر، حيث شدة الرياضة وقوتها البدنية مبهجة، لكنها لم تناسبني، كما جربت هوكي الجليد، وهو تحدٍ ممتع، لكنه لم يقع في نفسي كما كان وقع التنس. في النهاية، كانت رياضة التنس هي التي سرقت قلبي، وعرفت أنني وجدت شغفي فيها.
مع تطور مهاراتي، كنت محظوظة بما يكفي للانضمام إلى المنتخب الوطني البحريني، كانت هذه التجربة لا تقدر بثمن، لقد منحتني الفرصة للتنافس على مستوى أعلى، وصقل مهاراتي، والتعلم من المدربين الموهوبين والزملاء الرياضيين. لقد غرس انضمامي في المنتخب الوطني شعوراً بالفخر والتفاني في داخلي، وقد اعتززت بكل لحظة قضيتها في الملعب.
ومع ذلك، في عام 2017، اتخذت القرار المهم بالابتعاد عن اللعب التنافسي في سن 18 عامًا فقط، انتقلت إلى دور التدريب، مع التركيز على تدريب الفتيات والسيدات على لعب التنس، حيث سمح لي هذا التحول بمشاركة شغفي بالرياضة ومساعدة الآخرين على اكتشاف متعة لعب التنس. لقد وجدت الرضا في تعليم أساسيات اللعبة، وغرس الثقة في المتدربين، ومشاهدتهم ينمون كلاعبين. لقد اكتملت رحلتي في التنس، من متحمس شاب إلى مرشد، وكان ذلك مجزياً بشكل لا يصدق.
2 - ما هي الصعوبات التي تواجه روان في تدريب لعبة التنس؟
تدريب الفتيات والسيدات على التنس ليس مسعى مجزيًا فحسب، بل إنه أيضًا يمثل العديد من التحديات الفريدة. إن فهم هذه الصعوبات أمر ضروري لأي مدرب يتطلع إلى خلق بيئة تدريبية داعمة وفعالة.
أحد التحديات الأساسية هو إدارة مستويات المهارة المتنوعة بين اللاعبين. غالبًا ما يأتي الرياضيون الشباب من خلفيات متنوعة، حيث يتمتع البعض منهم بخبرة سابقة في التنس، بينما قد يكون البعض الآخر مبتدئين تمامًا. يتطلب هذا التفاوت اتباع نهج مخصص للتدريب، حيث يجب على المدرب تكييف أساليب التدريس الخاصة به لضمان شعور جميع اللاعبين - بغض النظر عن مستوى مهاراتهم - بالشمول والقدرة على التقدم. إن تحقيق التوازن بين الاهتمام الفردي مع الحفاظ على ديناميكيات المجموعة يمكن أن يكون أمرًا شاقًا للغاية.
بالإضافة إلى ذلك، يلعب التطور البدني والعقلي دوراً مهماً في تدريب الفتيات والسيدات. ويجب أن يدرك المدرب مراحل النمو الجسدية والعاطفية المختلفة للاعبين الذين يأتون من فئات عمرية متعددة. ويضبطوا برامجهم التدريبية وفقًا لذلك. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التدريب المكثف للغاية أو غير المناسب للقدرات البدنية للاعب إلى الإرهاق أو الإصابة. إن قدرة المدرب على التعرف على هذه المراحل التنموية والاستجابة لها أمر بالغ الأهمية لتعزيز بيئة تدريب صحية.
إن بناء الثقة بين اللاعبات هو جانب آخر بالغ الأهمية من التدريب. يعاني العديد من الرياضيين من مشاكل احترام الذات، وخاصة في البيئات التنافسية حيث قد يشعرون بالضغط لتقديم أداء جيد. ويتمثل دور المدرب في تنمية جو إيجابي يشجع اللاعبات على احتضان التحديات والتعلم من أخطائهم. إن تقديم ملاحظات بناءة والاحتفال بالانتصارات الصغيرة وتعزيز عقلية النمو يمكن أن يساعد في تعزيز ثقة اللاعبات بمرور الوقت.
وبالنهاية إن تعليم العقلية التنافسية أمر ضروري للاعبات الذين غالباً ما يواجهون صعوداً وهبوطاً في المنافسة. يجب على المدربين توجيه اللاعبات في تطوير المرونة، ومساعدتهم على فهم أن الانتصارات والهزائم هي فرص للنمو. إن غرس موقف صحي تجاه المنافسة يعزز النضج العاطفي ويجهز اللاعبين للتحديات المستقبلية، سواء داخل الملعب أو خارجه.
3- من هو صاحب الفضل في دخولك رياضة التنس؟
بدأت رحلتي في عالم التنس مع والدتي، التي كان شغفها بالرياضة بمثابة المحفز لحبي للعبة. كان حماسها وتفانيها هو الذي أدخلني إلى عالم التنس لأول مرة، ما أدى إلى تكوين رابطة بيننا والتي تعمقت على مر السنين.
لقد اتخذت والدتي من التنس وسيلة للبقاء نشطة والاستمتاع ببعض الوقت في الهواء الطلق. لقد وجدت المتعة في إيقاع اللعبة، والتحدي المتمثل في إتقان مهاراتها، والشعور بالمجتمع الذي يأتي مع كونها جزءًا من الرياضة. وبينما كانت تغمر نفسها في اللعبة، كان حماسها ملموساً. كنت أشاهدها كثيرًا أثناء التدريب، وألاحظ الطريقة الرشيقة التي تتحرك بها على الملعب والعزيمة التي تتعامل بها مع كل مباراة. كان من الملهم أن أراها منخرطة ومفعمة بالحيوية.
بعد أن أدركت والدتي فضولي واهتمامي، قررت أن تعرفني على التنس. كانت تعتقد أن هذه الرياضة لن توفر لي نشاطاً ممتعاً فحسب، بل ستعلمني أيضًا مهارات حياتية قيمة مثل الانضباط والمثابرة والعمل الجماعي. ومع وجود مضارب تنس للمبتدئين في أيدينا، توجهنا إلى الملاعب المحلية. ما زلت أتذكر شعوري عندما خطوت إلى الملعب لأول مرة، حيث كان مزيجًا من التوتر والإثارة ينتابني، حيث كانت والدتي ترشدني بصبر خلال الأساسيات، وتوضح لي كيفية حمل المضرب، والوضعية الصحيحة، وكيفية ملامسة الكرة.
بينما كنا نتدرب معًا، أصبحت لعبة التنس أكثر من مجرد رياضة، بل أصبحت تجربة مشتركة عززت علاقتنا، أمضينا ساعات لا حصر لها في الملعب، نضحك ونتعلم ونتحدى بعضنا البعض. كانت كل جلسة تدريب مليئة بلحظات الانتصار والإحباط العرضي، ولكن على الرغم من كل ذلك، ظلت والدتي أكبر داعم لي. كانت تحتفل بنجاحاتي، مهما كانت صغيرة، وتشجعني على الاستمرار في التغلب على النكسات. لقد غرس إيمانها بي شعوراً بالثقة بقي معي طوال حياتي.
كما وفرت لنا ممارسة التنس مع والدتي فرصة فريدة للتواصل على مستوى أعمق. خلال تلك الساعات على الملعب، شاركنا القصص وناقشنا أحلامنا وتغلبنا على التحديات التي واجهتنا. لقد أصبحت الرياضة مساحة آمنة للتواصل المفتوح، حيث يمكننا التعبير عن أفكارنا ومشاعرنا بحرية. لقد تجاوزت الرابطة التي كوّناها من خلال حبنا المشترك للتنس اللعبة نفسها، ما أثرى علاقتنا بطرق لم أتوقعها أبداً.
مع تقدمي في مهاراتي، استمرت والدتي في كونها مدربتي ومشجعتي. لقد شجعتني على الانضمام إلى الاتحاد البحريني للتنس والمشاركة في البطولات، ما عزز نموي كلاعبة مع البقاء مشاركًا بنشاط في رحلتي. لم يساعدني هذا الدعم في تطوير قدراتي في التنس فحسب، بل عزز أيضًا أهمية التفاني والعمل الجاد.
في الأساس، كانت والدتي هي القوة الدافعة وراء تعريفي بالتنس، ومن خلال شغفها، اكتشفت حبي للعبة. لم تثر الرياضة حياتي فحسب، بل كانت أيضًا بمثابة جسر عمق علاقتنا. ستظل الدروس المستفادة والذكريات التي خلقناها من خلال رحلتنا المشتركة في التنس تحتل مكانة خاصة في قلبي إلى الأبد، وتذكرني بقوة الاتصال وفرح متابعة الشغف معًا.
4- باعتقادك، لماذا لا نرى كثيرا من اللاعبات يمارسن لعبة التنس؟
في البحرين، كانت مشاركة النساء في رياضة التنس محدودة بشكل ملحوظ، وأعتقد أن هناك عدة عوامل رئيسية تساهم في هذا الوضع. أحد الأسباب الرئيسية هو الافتقار إلى المرافق المناسبة التي تلبي احتياجات النساء المحتشمات، حيث تشعر العديد من النساء بعدم الارتياح عند لعب التنس في بيئات يتواجد فيها الرجال، سواء في الملاعب أو في أدوار التدريب. ينبع هذا الانزعاج من المعايير الثقافية والقيم الشخصية التي تؤكد على الحياء والخصوصية.
حاليًا، غالباً ما لا توفر ملاعب التنس المتاحة التغطية أو الفصل الضروريين اللذين يسمحان للنساء بالتدرب بحرية دون وجود متفرجين أو مدربين من الذكور. يمكن أن يؤدي هذا الافتقار إلى المساحات المناسبة إلى تثبيط عزيمة النساء عن المشاركة في هذه الرياضة تمامًا، حيث قد يشعرن بالانكشاف أو الخجل أثناء جلسات التدريب.
ولمعالجة هذه المشكلة، أطلقنا أكاديمية تنس فرست مخصصة للنساء في عام 2017. وكان هدف أكاديميتنا هو خلق بيئة آمنة وداعمة حيث يمكن للنساء استكشاف اهتمامهن بالتنس دون الانزعاج الناتج عن التواجد حول الرجال. وكان جميع مدربينا من الإناث، ما يضمن شعور لاعباتنا بالراحة والدعم طوال فترة تدريبهن.
وعلاوة على ذلك، كانت الملاعب التي استخدمناها لجلسات التدريب مغطاة جزئيًا، ما يوفر شعوراً بالخصوصية والراحة للاعباتنا. لم يسمح هذا الإعداد للنساء بالمشاركة في النشاط البدني فحسب، بل عزز أيضًا الشعور بالمجتمع بين المشاركات، وشجعهن على مشاركة تجاربهن ودعم بعضهن البعض.
من خلال تقديم أكاديمية تنس للنساء فقط، كنا نأمل في تمكين النساء في البحرين من ممارسة الرياضة، وتعزيز مهاراتهن، والاستمتاع بالفوائد الجسدية والعقلية العديدة التي يقدمها التنس، كل ذلك في بيئة تحترم قيمهن ومستويات راحتهن.
5- ما هي الصعوبات التي تواجهها المرأة لدخول عالم الرياضة وبالخصوص رياضة التنس؟
- المعايير الثقافية والمجتمعية
تلعب المعايير الثقافية والمجتمعية دوراً مهماً في تشكيل المواقف تجاه مشاركة المرأة في الرياضة. في العديد من الثقافات، تملي الأدوار الجنسانية التقليدية أن تعطي المرأة الأولوية للمسؤوليات الأسرية والمنزلية على الاهتمامات الشخصية مثل الرياضة. يمكن أن يؤدي هذا التوقع إلى استنكار المجتمع للنساء اللواتي يطمحن إلى ممارسة الأنشطة التنافسية، ما يعزز فكرة أن الرياضة هي في المقام الأول مجال للذكور.
في بعض المناطق، قد يكون هناك تصور بأن النشاط البدني غير مناسب للنساء، وخاصة في الرياضات التي تتطلب الاحتكاك الجسدي أو التنافسية مثل التنس. يمكن أن تخلق مثل هذه المعتقدات حواجز داخلية، حيث قد تشعر النساء أنفسهن بأن المشاركة في الرياضة غير مناسبة أو مقبولة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للضغوط المجتمعية أن تثبت عزيمة النساء عن الانخراط في الرياضات التي يُنظر إليها على أنها عدوانية أو غير أنثوية، ما يحد من خياراتهن.
لا تعيق هذه القيود الثقافية مشاركة النساء فحسب، بل يمكن أن تؤثر أيضاً على احترامهن لذاتهن ودوافعهن. عندما تقلل المعايير المجتمعية من قيمة المساعي الرياضية للنساء، فإنها تخلق بيئة مليئة بالتحديات لأولئك الذين يرغبون في التحرر من هذه القيود وممارسة رياضات مثل التنس.
-الوصول إلى المرافق
إن الوصول إلى المرافق الرياضية المناسبة أمر بالغ الأهمية لتشجيع مشاركة النساء في التنس، ومع ذلك تواجه العديد من النساء حواجز كبيرة في هذا الصدد. في العديد من المناطق، تم تصميم ملاعب التنس في الغالب للاعبين الذكور، وقد لا يأخذ توافرها في الاعتبار الاحتياجات المحددة للنساء. على سبيل المثال، إذا كانت المرافق تفتقر إلى الخصوصية أو لم يتم جدولتها لجلسات مخصصة للنساء فقط، فقد تشعر النساء بعدم الارتياح للتدريب أو اللعب في بيئات يتواجد فيها الرجال.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يشكل التصميم المادي للملاعب تحديات. قد تجد النساء اللاتي يفضلن اللعب وهن يرتدين ملابس محتشمة أن الملاعب المفتوحة لا توفر التغطية اللازمة أو الحماية من الرؤية العامة. يمكن أن يمنع هذا الافتقار إلى المرافق المناسبة النساء من المشاركة في التنس تمامًا، حيث قد يشعرن بالانكشاف أو الخجل أثناء جلسات التدريب.
- فرص التدريب والتوجيه
إن توافر فرص التدريب والتوجيه يشكل عقبة كبيرة أخرى أمام النساء اللائي يدخلن عالم الرياضات مثل التنس. إن الافتقار إلى المدربات الإناث يمكن أن يخلق بيئة غير مريحة للعديد من النساء، وخاصة في الثقافات التي تعطي الأولوية للحياء والفصل بين الجنسين. قد تشعر النساء براحة أكبر في التعلم من المدربات الإناث اللاتي يفهمن وجهات نظرهن وتحدياتهن الفريدة.
إن ندرة النماذج النسائية في مناصب التدريب يمكن أن يكون لها تأثير عميق أيضًا. عندما لا ترى الشابات نساء أخريات في أدوار قيادية داخل الرياضة، فقد يكافحن لتصور أنفسهن كرياضيات أو مدربات. يمكن أن يؤدي هذا الافتقار إلى التمثيل إلى الشعور بالعزلة وتقليل الطموحات لممارسة التنس بجدية.
وعلاوة على ذلك، قد لا تكون أساليب التدريب والتقنيات المستخدمة حساسة دائمًا لاحتياجات الرياضيات الإناث. قد تتطلب اللاعبات أساليب مختلفة في التدريب تأخذ في الاعتبار الاختلافات النفسية والجسدية، ومع ذلك غالبًا ما يجدن أن البنية الأساسية للتدريب موجهة في المقام الأول نحو الرياضيين الذكور. يمكن أن يعيق هذا التفاوت تطوير المهارات ويثبط عزيمة النساء عن الاستمرار في الرياضة.
إن معالجة هذه الفجوات في التدريب أمر ضروري لتعزيز بيئة تنس أكثر شمولاً. من خلال إعطاء الأولوية للمدربات الإناث وخلق فرص الإرشاد، يمكننا ضمان حصول النساء على التوجيه والدعم اللازمين للنجاح في التنس والرياضات الأخرى.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك