ربما كثير من هذا الجيل الطالع يحصر شخصية الإماراتي الأستاذ الفاضل جعفر الفردان في التعليق الرياضي، ولا يعرف أنه أحد ركائز الكرة الطائرة الإماراتية في عصرها الذهبي سواء تعلق الأمر بناديه الوصل أو منتخبه الوطني، وربما يغيب عن الجيل الحالي أن الفردان محلل فني للكرة الطائرة من الطبقة الأولى، ولا يدري أنه إعلامي متذوق للحرف والكلمة العربيين، فالفردان يحسب على الجيل الموسوعي، وحرصنا هنا أن يتحفنا بقراءة فنية حول البطولة العربية للمنتخبات للكرة الطائرة بمناسبة احتضان المملكة لنسختها الـ 23 والتي ستقام خلال الفترة من 30 أكتوبر حتى 11 نوفمبر، وعرف ابن الفردان في تحليله كيف يربط ماضي البطولة بحاضرها وبذاكرة حديدية.
نسق تنافسي متقارب
وتوقف الفردان ابتداء عند المجموعتين وقال: إن المجموعة الأولى التي تضم عمان وتونس والبحرين والعراق تشكل نسقا تنافسيا متقاربا، وفيها مباراة مهمة بين البحرين صاحب الأرض والجمهور وتونس صاحبة التاريخ والألقاب وهي مباراة كأنها مباراة ختام البطولة، وقد يشكل منتخب العراق الغامض بعض الإزعاج والقلق للبحرين وتونس.
القطري كالشمس الواضحة
أما المجموعة الثانية التي تضم السعودية وقطر والكويت والأردن فيرى أن خبرة المنتخب القطري لاعتلاء صدارة هذه المجموعة كالشمس الواضحة في رابعة النهار وأن الوصافة ستكون بين السعودية والكويت، وسيكون الأدعم القطري فرس الرهان في البطولة.
وقال إن البطولة مرهونة بصراع بين ثمانية منتخبات عربية في ظل غياب صفوة المنتخبات: كالمصري والجزائري والمغربي والليبي والإماراتي واليمني والسوري واللبناني والسوداني والكثير من المنتخبات الأخرى، مما سيؤثر سلبا على المستوى الفني المنشود للبطولة، ولعل الغيابات التي ستكون أكثر تأثيرا هي المرتبطة بالمنتخبات العربية الإفريقية التي دائما ما تثري البطولات العربية وعلى وجه التحديد المنتخب المصري المتوج بخمسة ألقاب سابقة وثلاثة أخرى للأخضر الجزائري.
تونس الرقم القياسي
وأكد الفردان أن وجود المنتخب التونسي صاحب الرقم القياسي في التتويج بلقب البطولة بسبعة ألقاب سابقة من شأنه أن يعطي الحدث الرياضي العربي زخما فنيا رائعا، وسيضيف الكثير من الألق والإثارة، بالإضافة إلى خبرته الميدانية الكبيرة في المحافل الدولية والعالمية، وخصوصا عبر تتويجه بعديد من ألقاب القارة الإفريقية السمراء في بطولة إفريقيا وبطولة الألعاب الأفريقية.
منتخبنا نجوم استثنائيون
ويرى في منتخبنا الوطني صاحب الضيافة والذي دائما ما يكون (الحصان الأسود) في كل مشاركاته، وهو الذي سبق أن حقق البطولة مرتين سنة 1992 في العاصمة السورية دمشق عندما تفوق على المنتخب السوري صاحب الأرض والجمهور، وكانت تشكيلته تضم يومئذ الأسطورة رضا علي والعملاق محمد جاسم مفتاح وصانع الألعاب والأحلام خليفة الشوملي والمرحوم جاسم النبهان وعيال الميل (حسين وياسين) ونجوما آخرين في الكتيبة البحرينية الرائعة في تلك الحقبة الذهبية، والمرة الثانية في سنة 2008 في العاصمة البحرينية المنامة أيضاً توج البحرينيون أنفسهم بذهب البطولة العربية متفوقا على المنتخب التونسي القوي والمتمرس.
وتحدث الفردان عن منتخبنا قائلا: لعل المنتخب البحريني كان سيء الحظ في بعض البطولات التي وصل فيها إلى النهائي، لكنه خسر، واكتفى بالميدالية الفضية في ثلاث مناسبات سابقة، وفي هذه النسخة الجديدة سيتواجد النجوم الاستثنائيون في الفترة الحالية محمد يعقوب المنتقل لحساب الخليج السعودي في تجربة احترافية جديدة، وناصر عنان ومحمد عنان وعلي إبراهيم ومحمود حسن وقد يطعم بالمبدعين من منتخب الشباب.
واستعرض المنتخبات التي سطرت أسماءها في لوحة الشرف الذهبية بداية بالمنتخب الكويتي في البطولة الأولى في عام 1977 والتي كانت يومها تضم نوابغ النجوم الزرقاء أمثال علي شعيب وفيصل الجزاف وبدر الكوس وعبدالرضا حسين، وبعدها أيضا وصل الأزرق الكويتي إلى المباراة النهائية في عام 1994 في المنامة البحرينية واصطدم بالأخضر الجزائري الذي كان في كامل أناقته الفنية وخسر بعد أداء استثنائي وبطولي.
السعودية ولادة
وتناول بالحديث المنتخب القطري الذي كان له شرف الوصول إلى المباراة النهائية مرتين في عام 1996 أمام العملاق التونسي، وفي عام 2014 أمام المنتخب المصري، ويعتقد أن المنتخب القطري سيكون في هذه النسخة مرعبا ومثيرا كما عهدناه في مشاركاته الأخيرة بحسب كلامه، لما يمتلكه من خبرة عالية لكثرة مشاركاته الآسيوية والعربية والخليجية سابقا، ولامتلاكه ترسانة من الأسلحة الفتاكة القادرة على التتويج باللقب، أو الوقوف على منصة التتويج بالميداليات الملونة غير الذهبية على أقل تقدير، وقد يعقد الأدعم القطري في هذه النسخة صلحا مع الذهب للمرة الأولى.
ويرى في الأخضر السعودي القادم بعد تغيير جلده بجيل شاب مميز جله من المتوجين ببطولة غرب آسيا للشباب تحت 20 سنة والتي أقيمت بطولته في مدينة العين الإماراتية في شهر أغسطس الماضي، حيث أبلى لاعبوه الشباب بلاء حسنا، وخص بالذكر منهم الرائعين علي آل سلام ورشاد بالخير وبدر العوامي، بالإضافة إلى الخبرة المتمثلة في الوثلان والجهني والهوساوي ومريط وباصهيب والقرشي والصامطي.
مع كل التوقعات أن يكون الأخضر السعودي منافسا على المراكز المتقدمة، وهو جدير بذلك لأن السعودية ولادة للنجوم والأسماء الكبيرة، ولعل البطولة ستفتقد الأسطورة أحمد البخيت النجم الأكثر تتويجا بالبطولات، والذي قدم للأخضر السعودي عصارة خبرته في كل بطولاته، لكنه في البطولة العربية اكتفى فقط بفضة البطولة بعد الخسارة أمام البعبع التونسي في نسخة 2006.
ووصف المنتخب العراقي بالغموض نسبيا، بالرغم من الأسماء اللامعة التي يمتلكها، غير أن قلة المشاركات العراقية تقلل من حظوظه في المنافسة على لقب هذه النسخة، ولعل الإنجاز الأبرز للطائرة العراقية يتمثل في وصوله إلى الميدالية الفضية في النسخة الرابعة من البطولة التي أقيمت في الأردن 1986 بعد الخسارة أمام المنتخب المصري في النهائي.
صعوبة العماني والأردني
وينظر إلى أن المنتخبين العماني والأردني سيواجهان صعوبة بالغة، وهما اللذان يتطلعان للعرض المشرف فقط، وكتابة البداية الحقيقية لمستقبل اللعبة في البلدين، حيث شهدنا حراكا رائعا في الموسمين السابقين من الاتحادين العماني والأردني من خلال الاستضافات للكثير من البطولات على مستوى الأندية والمنتخبات وأيضا على مستوى بطولات الفئات السنية، وهذا دليل واضح على البداية الحقيقية لثورة التغيير للأحسن والجهود المبذولة للتطوير والارتقاء.
تحديات حقيقية
وقال الفردان: نحن نتفهم جيدا الدوافع الحقيقية لاعتذار بعض المنتخبات العربية بعدم مشاركتها نتيجة الأوضاع الراهنة التي تعيشها منطقتنا العربية.
وفي ختام الكلام وجه معلقنا الرياضي المعروف جزيل شكره وتقديره للجهود الاستثنائية التي يبذلها الاتحاد العربي في لمّ الشمل العربي حتى في أحلك الظروف بقيادة (الأب الروحي الحالي) للكرة الطائرة العربية الشيخ علي بن محمد آل خليفة الرجل الذي قدم ولا يزال يقدم العطاءات الكبيرة، ويبذل الجهود التي من شأنها أن تسهم في نجاح أجندة البطولات العربية على كل المستويات لبطولات المنتخبات للرجال والسيدات وللفئات العمرية، والتي نأمل أن تعود بالارتقاء والتطور لكل المنتخبات العربية، وندرك الجهود العظيمة التي يقوم بها فراس الحلواجي أمين عام الاتحاد البحريني للكرة الطائرة و(عراب الكرة الطائرة ومهندس بطولاتها ونجاحاتها) والرجل الذي لا يهدأ.
وتابع: وندرك أن أمام الاتحاد العربي للكرة الطائرة في حلته الجديدة الكثير والكثير من التحديات الحقيقية التي فرضها الواقع، لكن الحراك الذي قام به في الفترة الماضية أسفر عن مشاركة ثمانية منتخبات، وأمامه أيضا رؤى وأفكار ومشاريع تطويرية لكل البطولات واللجان وتطوير النظرة إلى مستقبل اللعبة، ونحن في أشد الشوق لمشاهدة الانطلاقة الجديدة لأجندة الاتحاد العربي والحدث القادم بطولة المنتخبات العربية للرجال في مملكة البحرين، إذ ستعود عجلة البطولة للانطلاق مجددا بعد 6 سنوات من الغياب، والتي كان آخرها في عام 2018 في القاهرة العاصمة المصرية، لكننا نأمل بمستقبل رائع للكرة الطائرة من خلال هذه النسخة التي جاءت بعد جائحة كورونا بسنوات طويلة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك