قصة الأطفال «عبق الياسمين» للكاتبة والأديبة البحرينية ندى فردان المختصة في أدب الطفل، تدور مفاهيمها حول شخصية الأم الشخصية الرئيسية في القصة والتي تعبر عن حبها الكبير لأبنائها من خلال العديد من الأساليب المعبرة المختلفة، والتي تجلّت فيها مشاعر الأمومة تجاه الطفلة «رهف وأخيها الصغير ناصر» في تفاصيل ومفاهيم دقيقة ومختلفة في حياة هذه العائلة، من أجل زرع الأمل والسعادة في قلب الأبناء بطريقة مميزة دون أن يشعروا بذلك. فهي غريزة الأمومة في سياقات السرد الذكي ذي اللغة الجميلة والمعبرة.
وعليه وفقت الكاتبة ومن خلال استخدامها لأدواتها الفنية والإبداعية ذات الحس الرائع في سردها لهذا العمل الأدبي واختيارها لشخصية الأم ياسمين البكماء التي تعكس عمق الحب والحنان الذي يمكن أن يشعر به أي إنسان، حتى في غياب القدرة على التعبير اللفظي. مع ذلك وجدنا لفتة إنسانية دافئة في سرد الحدث الذي أجادت فردان تقديمه للطفل العربي.
وكما جاء في سرد القصة ومحتواها لمضمون شخصية ياسمين، وبالرغم من كونها بكماء، إلا أنها استخدمت الإشارات التعبيرية لتعبّر عن مشاعرها تجاه أبنائها، مما يدل على أن الحب ليس بحاجة إلى كلمات ليكون حقيقياً وإنما عمق الإحساس بالأفعال، وهنا تكمن رسالة القصة التي أبدعتها «فردان».
وجسدتها ياسمين التي تمثلت في قوة الروابط الأسرية من خلال هذا الحدث، لتعكس تصرفاتها واهتمامها بأبنائها مما يدل على عمق مشاعر الحب والأمومة، وبرغم المعاناة والتحديات التي تواجهها بسبب عدم قدرتها على النطق، إلا أن قدرتها على التواصل عبر الإشارات تعكس إبداعها وحرصها على توصيل مشاعرها لمن حولها.
وتسترسل كاتبتنا في سردها للقصة لتوضح لنا بأن ابنيها رهف وابنها الصغير يعيشان في كنف هذه الأم الحنونة الذي بذلت كل جهد لإسعاد ابنيها، حيث يشعران بحبها ورعايتها، مما يجعل العلاقة بينهم قوية ومتينة.
وهنا نود الإشارة أيضا بأن القصة تسلط الضوء على أهمية الفهم والتواصل غير اللفظي في العلاقات الإنسانية، وكيف يمكن للحب أن يتجاوز القيود الجسدية.
في النهاية استطاعت الكاتبة المبدعة ندى أن تعكس لنا ومن خلال قصة الأطفال «عبق الياسمين» كيف يمكن للأمومة أن تكون قوية وملهمة، حتى عندما تكون الوسائل التقليدية للتعبير عن الحب غير متاحة. وكيف يمكن أن تؤثر هذه القصة على فهمنا للتواصل غير اللفظي في حياتنا اليومية؟
واستنتاجاً لذلك فأن قصة الأم ياسمين البكماء تبرز الكثير من الأبعاد المهمة حيث ركزت على أهمية التواصل غير اللفظي في حياتنا اليومية لتسلط الضوء على عدة جوانب منها:
معرفة المفاهيم الحسية للطرف الآخر في هذا الجانب حيث كان واضحا من خلال الإشارات وتعابير الوجه التي تقوم بها الأم تجاه الأولاد لتعبر عن مشاعرها العميقة. وهذا يعزز فهمنا لكيفية قراءة المشاعر لدى الآخرين، حتى عندما لا تتوفر الكلمات.
كما ينتج عن ذلك تعزيز الروابط الإنسانية بين البعض والآخر، كما كان بارزاً في القصة والعلاقة بين ياسمين وأبنائها التي استطاعت ترسيخ الروابط الأسرية القوية بالرغم من عدم وجود تواصل لفظي بينها وبين الأبناء. وهذا ما يعزز ذلك الحب والاهتمام بين الطرفين وإمكانية خلق المشاعر والتعابير الودية بينهما بوسائل وطرق متعددة.
كما توفر القصة أيضا منظوراً عن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وكيف يمكن أن يتمتعوا بحياة غنية ومليئة بالعلاقات. يساهم ذلك في تعزيز التفاهم والتعاطف مع الذين يواجهون تحديات في التواصل. ذلك ما يشجع على تعلم الأساليب الخاصة لمنهجية التواصل للغة الإشارة بين الجسدية في مهاراتها والتفاعل معها مع الآخرين في المواقف الاجتماعية مثل العمل أو الدراسة بمختلف الإيماءات والإشارات المختلفة.
وهنا نؤكد بأن قصة ياسمين، تسهم في تعزيز تقديرنا لأهمية التواصل غير اللفظي، وتفتح لنا آفاقاً جديدة لفهم العلاقات الإنسانية بطرق أعمق وأشمل وتحديدا لدى الناشئة والأطفال في حياتهم الاجتماعية والبيتية بالخصوص.
ففن قصة الطفل ينجح في استنطاق نفسية وخيال الطفل حينما يتواصل معه ويعبر عن قضاياه بصدق وعفوية، ولا يكتفي بإشارة الخيال العبثي المستهلك بدون قاعدة تربوية ذكية في احتمالها الرمزي، هنا تبرع كاتبتنا «فردان» في مهمتها مع كل جديد تقدمه للساحة الثقافية وتحسن دورها في تمثيل وطنها كساردة للطفل المحلي والعربي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك