منذ القدم عمد الإنسان إلى بناء السدود المائية لحماية المجتمعات البشرية من الفيضانات، ويسجل التاريخ سدودا تعود الى آلاف السنين مثل سد مأرب وسد جروانة بالموصل في العراق، وسد جاوا في المفرق بالأردن، وغيرها. ولكن تفخر الصين اليوم بأنها تمثل ليس اكبر سد في العالم، بل اكبر مشروع هندسي صممه الانسان عبر التاريخ وهو ما يعرف بسد الممرات الثلاث الذي تم تشيده على ثالث أطول نهرٍ في العالم وهو نهر «يانغتسي» في مقاطعة هوبي الصينية. وعُرف السد بهذا الاسم بسبب امتلاكه ثلاثة ممرات بالقرب من سفح جبال وو شان الغربية في الصين التي باتت تمتلك السور العظيم.. والسد العظيم.
كانت المشكلة ان هذا النهر يفيض بشكل مستمر، ما تسبب في تدمير المدن التي حوله وقتل الاف الناس، ومن ثم اتخذت الحكومة الصينية قرار بناء السد لإيقاف هذا الخطر وحماية المدن، وبنفس الوقت استغلال المياه في توليد الكهرباء والزراعة.
يقال ان فكرة السد من الأساس تعود إلى الفيلسوف «صن يات سين» منذ عام 1919، حيث اقترح بناء سد للسيطرة على فيضان نهر اليانغستي.
وبالفعل صدرت الموافقة الرسمية ببناء السد عام 1992، ليبدأ العمل الفعلي مع بدايات عام 1994 على مراحل، كان اخرها عام 2006.
ولكن لم يكن الأمر بالسهولة المطلوبة؛ فقد اضطرت الحكومة الى اخلاء أكثر من مليون شخص يسكنون في مناطق محيطة بالنهر، وإزالة 140 بلده و13 مدينة و1600 مستوطنة لبناء هذ السد، ووفرت الحكومة لهم مناطق بديلة.
ومع اكتمال المشروع بات أكبر مشروع هندسي صممه الانسان، وأكبر سد هيدروليكي في العالم، والأرقام القياسية تقف شاهدة على هذا الإنجاز. فقد تجاوزت كلفة بناء السد 30 مليار دولار أمريكي، وتطلب بناؤه 40 ألف عامل. ويبلغ طول جداره أكثر من 2.3 كيلومتر، على ارتفاع يصل إلى 183 متراً. وبشكل اجمالي يبلغ عرضه في القمة 40 مترا، وعرضه في القاعدة 115 مترا.
الخرسانة التي استخدمت في بناء السد بلغت 28 مليون متر مكعب أو ما يزيد على 510 آلاف طن من الفولاذ. وهو ما يعادل انبوبة قطرها متر من الخرسانة تحيط بالكرة الأرضية. وهذه الكمية كما يؤكد المختصون كافية لبناء 60 برج «إيفل».
تبلغ سعة البحيرة التي تقع خلف السد 39.3 كيلومترا مكعبا، وهو ما يعني ان وزن المياه التي يصدها تصل الى 43 مليار طن. كما يحجز السد مياها تقدر بحوالي 41 تريليون لتر.
ويعتبر هذا السد أكبر مصدر للطاقة الكهرومائية في العالم لأنه قادر على انتاج 20 ألف ميغاوات، وهو ما يعادل ضعف الطاقة المتولدة في جميع المحطات النووية في بريطانيا. كما تعادل كمية الطاقة الكهربائية التي ينتجها 34 محطة توليد كهرباء ضخمة، وما يعادل حرق أكثر من 50 مليون طن من الفحم أو حرق 25 مليون طن من النفط الخام. ويمد السد ما يقرب من 80 مليون إنسان بالطاقة.
يقال ان هذا السد تسبب في ابطاء سرعة الكرة الأرضية بمعدل 0.06 ميكروثانية؛ حيث تشير القوانين الفيزيائية إلى أنه كلما تركزت كتلة الجسم بالقرب من مركزه زادت سرعة الدوران، وكلما ابتعدت كتلة الجسم عن مركزة قلت سرعة الدوران، وهذا ما فعله سد الممرات الثلاثة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك