القراء الأعزاء،
حديث الوطنية والمواطنة يعتبر من الأحاديث ذات الشجون والتي لها زوايا متعددة ومشارب لا ينضب معينها أبداً، لذا أحببت أن أتناوله اليوم من زاوية جديدة وهي زاوية الشكوى من عدم التقدير.
ولا شك بأن الوطن هو الملاذ والعشق الذي لا يضاهيه شيء، وربما نستطيع أن نضاهيه بالمثل العربي القائل إن (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى)، ونقول إن الوطن هو التاج الذي على رؤوس المواطنين والذي لا يراه سوى من فقد وطنه وأصبح بلا وطن، ومن الموجع لقلوبنا أن نرى اخوتنا في بعض الدول العربية وفي مقدمتهم أصحاب القضية العربية الإسلامية الأولى اخوتنا الفلسطينيون وهم مجبرون على مغادرة أوطانهم بسبب أوضاعها الداخلية، فلا شيء أمرّ على الإنسان من اضطراره لمغادرة وطنه رغماً عنه، فقد لمسنا هذا الجرح لدى الكثير من الأصدقاء الذي عايشوا هذه التجربة، لذا الوطن دائماً وأبداً يجب أن يبقى أولاً لمواطنيه، لذا دائماً تبقى البحرين لنا أولاً، ولذا نبذل لها كل الحب وكل الجهد من أجل أن نكون حجراً صغيراً في عجلة تقدمها ونهضتها ونفتخر بذلك.
وما يجب أن نتوقف عنده هو شكوى أسمعها كثيراً وأعتقد بأن الكثير منكم يسمعها أيضاً وربما يُرددها أحيانا، وهي جملة تقال في رثاء الحال والشعور بعدم التقدير (محد يقّدرنا ولا يقدّر جهودنا) سواء في مجال الوظيفة أو العمل التطوعي أو حتى في العلاقات الاجتماعية، وقد تتسبب هذه الجملة أحياناً في إحجام المتطوعين عن العمل أو حتى تقصير الموظف في أداء مهام وظيفته وتكون مفتاحاً للإحباط وتراجع الدور المجتمعي الذي يقوم به الإنسان، أو ربما تثير الضغينة بين أفراد الأسرة أو الأقارب أو الأصدقاء وتُفسد صفاء علاقاتهم.
ومن المؤكد بأن عمل المواطن سواء على رأس الوظيفة أو في مجالات العمل التطوعي هو وسيلته في أداء دوره واسهامه في مجال نماء وطنه هو وسيلة للتعبير عن الوطنية سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة باعتبار ذلك الجهد أداة من أدوات ابراز المواطنة، لذا ففي رأيي بأن العمل سواء كان بأجر أو تطوعاً يجب أن يكون هو الهدف الرئيسي للإنسان وأن يُركّز على ما يبذله من جهد لازم لتحقيق نتائج إيجابية تصب في صالح الوصول إلى أهداف المكان الذي ينتمي إليه، من دون الالتفات إلى تقدير الآخرين له، فالأهم هو تقدير الإنسان لذاته لأن الآخرين قد تمنعهم دوافعهم الشخصية من تقديرك كل بحسب أسبابه لذا وتجنُباً للإحباط يجب أن لا تجعل الآخرين مرآة لك، فلا تعلم ما تضمره دواخلهم من مشاعر قد لا تُسرّك وقد تتسبب في الاضرار باستقرارك النفسي، ويؤثر بالتالي على الوطن كحاضنة لجميع أبنائه، وثق تماماً بأن التقدير متحقق بصورة غير مباشرة من خلال الأثر الذي يتركه جهدك في الآخرين حتى وإن لم يعترفوا به، وثق أيضاً بأن التقدير سيأتي يوماً بصورة مباشرة بلا شك.
Hanadi_aljowder@hotmial.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك