العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

المخاطر الجمة التي تهدد المنطقة

بقلم: د. نبيل العسومي

الثلاثاء ١٥ أكتوبر ٢٠٢٤ - 02:00

منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭ ‬الإيرانية‭ ‬عام‭ ‬1980‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬منطقتنا‭ ‬أي‭ ‬هدوء‭ ‬بسبب‭ ‬كثرة‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭ ‬الإيرانية‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬ومرورا‭ ‬باحتلال‭ ‬العراق‭ ‬للكويت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬جريمة‭ ‬أسهمت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬ضعضعة‭ ‬المنطقة‭ ‬وزيادة‭ ‬التوتر‭ ‬فيها‭ ‬مرورا‭ ‬باحتلال‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للعراق‭ ‬الشقيق‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬وما‭ ‬أدى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬حروب‭ ‬ومواجهات‭ ‬وتدمير‭ ‬وتشريد‭ ‬واقتتال‭ ‬دمر‭ ‬القطر‭ ‬العراقي‭ ‬الشقيق‭ ‬وخرب‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ ‬ونظامها‭ ‬السياسي‭ ‬وجيشها‭ ‬القوي‭ ‬ووصولا‭ ‬إلى‭ ‬لبنان‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬التبعية‭ ‬والفوضى‭ ‬ومن‭ ‬المليشيات‭ ‬المسلحة‭ ‬التي‭ ‬يتبع‭ ‬أغلبها‭ ‬إيران‭ ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬مصلحة‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬والعراق،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب‭ ‬عند‭ ‬مواجهة‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬الإرهابي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬والتأثيرات‭ ‬المدمرة‭ ‬لهذه‭ ‬العصابات‭ ‬المجرمة‭ ‬التي‭ ‬أحرقت‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس‭ ‬وحولت‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬لهيب‭ ‬من‭ ‬النار،‭ ‬هذا‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أصاب‭ ‬القطر‭ ‬السوري‭ ‬الشقيق‭ ‬من‭ ‬فوضى‭ ‬ودمار‭ ‬شاركت‭ ‬فيه‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬وأسهمت‭ ‬في‭ ‬تقتيل‭ ‬وتشريد‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬السوريين‭ ‬الذين‭ ‬اضطروا‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لينجوا‭ ‬بحياتهم‭ ‬وحياة‭ ‬أبنائهم،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬أضفنا‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬فإن‭ ‬الكوارث‭ ‬التي‭ ‬تسبب‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬بالربيع‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬غير‭ ‬المؤسف‭ ‬عليه‭ ‬حيث‭ ‬ضرب‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬خاصة‭ ‬ما‭ ‬حل‭ ‬بسوريا‭ ‬وليبيا‭ ‬واليمن‭ ‬من‭ ‬زلزال‭ ‬أمني‭ ‬واجتماعي‭ ‬واقتصادي‭ ‬مازالت‭ ‬أغلب‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬متأثرة‭ ‬بنتائجه‭ ‬الكارثية‭ ‬المدمرة‭.‬

اليوم‭ ‬نشهد‭ ‬كارثة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬تتواصل‭ ‬منذ‭ ‬عام،‭ ‬إذ‭ ‬يتعرض‭ ‬فيه‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬للإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬وتدمير‭ ‬أرضه‭ ‬وبنيته‭ ‬التحتية‭ ‬وقتل‭ ‬وجرح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬ألفا‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬يجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬العراء‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سوت‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬مدنهم‭ ‬وقراهم‭ ‬بالأرض،‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬هذه‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬بما‭ ‬ينذر‭ ‬بحرب‭ ‬شاملة‭ ‬قد‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭ ‬وتنتج‭ ‬عنها‭ ‬كارثة‭ ‬أخرى‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬معاناة‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬والمواجهات‭ ‬التي‭ ‬أشرنا‭ ‬إليها‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬حروبا‭ ‬وصراعات‭ ‬وفوضى‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وذلك‭ ‬نتيجة‭ ‬لانخفاض‭ ‬مستويات‭ ‬التنمية‭ ‬والخدمات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وانتشار‭ ‬الفوضى‭ ‬والعنف‭ ‬والفقر‭ ‬وعدم‭ ‬الأمان‭ ‬مثلما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬ولذلك‭ ‬عندما‭ ‬نقرأ‭ ‬المؤشرات‭ ‬الدولية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالتنمية‭ ‬نجد‭ ‬ان‭ ‬دولا‭ ‬عربية‭ ‬عديدة‭ ‬تراجع‭ ‬فيها‭ ‬مستويات‭ ‬التنمية‭ ‬بشكل‭ ‬مخيف،‭ ‬وذلك‭ ‬نتيجة‭ ‬العواقب‭ ‬الوخيمة‭ ‬للحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬وغياب‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬رأيناه‭ ‬بجموع‭ ‬الفارين‭ ‬من‭ ‬نيران‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬حيث‭ ‬نزح‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬العرب‭ ‬سواء‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬ليشكلوا‭ ‬عبئا‭ ‬جديدا‭ ‬عليها‭ ‬وتفاقم‭ ‬مشاكلها‭ ‬العديدة‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يفروا‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الشمال‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬فيواجهوا‭ ‬مخاطر‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ ‬التي‭ ‬تعرضهم‭ ‬للموت‭ ‬أو‭ ‬الحبس‭ ‬أو‭ ‬الترحيل‭ ‬أو‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬براثن‭ ‬الجريمة‭.‬

ونضرب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬مثلا‭ ‬أربع‭ ‬دول‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬وهي‭ ‬سوريا‭ ‬واليمن‭ ‬ولبنان‭ ‬والسودان‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬تحديات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وسياسية‭ ‬ناجمة‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬عن‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬السلطة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نحصي‭ ‬الخسائر‭ ‬الكارثية‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بهذه‭ ‬البلدان‭ ‬الشقيقة‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الإنساني‭ ‬والتنموي‭ ‬لأنها‭ ‬كثيرة‭ ‬ومرعبة‭.‬

أما‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬دولنا‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتورط‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المواجهات‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬مازالت‭ ‬تدفع‭ ‬ثمنا‭ ‬باهظا‭ ‬يهدد‭ ‬الاستقرار‭ ‬والأمن‭ ‬اللذين‭ ‬يسودان‭ ‬المنطقة‭.‬

إن‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭ ‬مهددة‭ ‬وقد‭ ‬تشهد‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬والمشاكل‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬موقف‭ ‬عربي‭ ‬جماعي‭ ‬لوقف‭ ‬تداعيات‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬وبذل‭ ‬جهد‭ ‬جماعي‭ ‬مشترك‭ ‬لنشر‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشروع‭ ‬عربي‭ ‬نفتقر‭ ‬إليه‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬سيظل‭ ‬العرب‭ ‬يدفعون‭ ‬الثمن‭ ‬غاليا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا