منذ الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 وحتى اليوم لم تشهد منطقتنا أي هدوء بسبب كثرة الحروب والصراعات بدءا من الحرب العراقية الإيرانية كما أسلفنا ومرورا باحتلال العراق للكويت الذي كان جريمة أسهمت بشكل كبير في ضعضعة المنطقة وزيادة التوتر فيها مرورا باحتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق الشقيق في عام 2003 وما أدى ذلك من حروب ومواجهات وتدمير وتشريد واقتتال دمر القطر العراقي الشقيق وخرب الدولة العراقية ونظامها السياسي وجيشها القوي ووصولا إلى لبنان الذي يعاني من التبعية والفوضى ومن المليشيات المسلحة التي يتبع أغلبها إيران ويعمل على تحقيق مصلحة إيران في لبنان والعراق، وصولا إلى الحرب ضد الإرهاب عند مواجهة تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا والتأثيرات المدمرة لهذه العصابات المجرمة التي أحرقت الأخضر واليابس وحولت المنطقة إلى لهيب من النار، هذا بالإضافة إلى ما أصاب القطر السوري الشقيق من فوضى ودمار شاركت فيه القوى الإقليمية والدولية وأسهمت في تقتيل وتشريد الملايين من السوريين الذين اضطروا إلى اللجوء إلى دول عديدة في العالم لينجوا بحياتهم وحياة أبنائهم، وإذا ما أضفنا إلى كل ما تقدم فإن الكوارث التي تسبب فيها ما يسمى «بالربيع العربي» غير المؤسف عليه حيث ضرب الأمن والاستقرار في عدد من الدول العربية، خاصة ما حل بسوريا وليبيا واليمن من زلزال أمني واجتماعي واقتصادي مازالت أغلب المجتمعات العربية متأثرة بنتائجه الكارثية المدمرة.
اليوم نشهد كارثة أخرى في ظل حرب الإبادة الصهيونية التي تتواصل منذ عام، إذ يتعرض فيه الشعب الفلسطيني للإبادة الجماعية وتدمير أرضه وبنيته التحتية وقتل وجرح أكثر من 150 ألفا من المواطنين الفلسطينيين الذين يجدون أنفسهم هذه الأيام يعيشون في العراء بعد أن سوت قوات الاحتلال الصهيوني مدنهم وقراهم بالأرض، يضاف إلى ذلك هذه المواجهة بين الاحتلال الصهيوني وحزب الله بما ينذر بحرب شاملة قد تقع في المستقبل القريب وتنتج عنها كارثة أخرى تزيد من معاناة دول المنطقة.
ولا شك ان نتائج هذه الحروب والمواجهات التي أشرنا إليها تؤدي إلى تراجع الأمن والاستقرار في معظم الدول العربية التي شهدت حروبا وصراعات وفوضى بشكل كبير، وذلك نتيجة لانخفاض مستويات التنمية والخدمات الاجتماعية وانتشار الفوضى والعنف والفقر وعدم الأمان مثلما يحدث في اليمن ولبنان وسوريا على وجه الخصوص، ولذلك عندما نقرأ المؤشرات الدولية المرتبطة بالتنمية نجد ان دولا عربية عديدة تراجع فيها مستويات التنمية بشكل مخيف، وذلك نتيجة العواقب الوخيمة للحروب والصراعات وغياب الأمن والسلام، وهذا ما رأيناه بجموع الفارين من نيران الحروب والصراعات حيث نزح الملايين من المواطنين العرب سواء إلى دول الجوار ليشكلوا عبئا جديدا عليها وتفاقم مشاكلها العديدة أو أن يفروا إلى دول الشمال في أوروبا فيواجهوا مخاطر الهجرة غير الشرعية التي تعرضهم للموت أو الحبس أو الترحيل أو الوقوع في براثن الجريمة.
ونضرب على ذلك مثلا أربع دول على الأقل وهي سوريا واليمن ولبنان والسودان التي تواجه تحديات اقتصادية وسياسية ناجمة بشكل رئيسي عن الصراع على السلطة، ولا يمكن أن نحصي الخسائر الكارثية التي لحقت بهذه البلدان الشقيقة على الصعيد الإنساني والتنموي لأنها كثيرة ومرعبة.
أما على صعيد دولنا التي لم تتورط في هذه المواجهات بشكل مباشر مازالت تدفع ثمنا باهظا يهدد الاستقرار والأمن اللذين يسودان المنطقة.
إن المنطقة العربية بوجه عام مهددة وقد تشهد خلال الفترة القادمة المزيد من الكوارث والمشاكل والتحديات التي تحتاج إلى موقف عربي جماعي لوقف تداعيات هذه الحروب والصراعات وبذل جهد جماعي مشترك لنشر السلام والاستقرار من خلال مشروع عربي نفتقر إليه حتى اليوم ومن دون هذا المشروع سيظل العرب يدفعون الثمن غاليا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك