لم يعد السوق العقاري في دبي بحاجة الى التسويق والترويج المبالغ لجذب المستثمرين، حيث اثبت انه سوق يسوق لنفسه بنفسه. ويكفي ما أشار إليه التقرير الأخير لوكالة العقارات الدولية «إنغل وفولكرز»، من تصدر دولة الامارات العربية المتحدة قائمة أفضل ست دول في العالم لشراء العقارات خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث استند التقرير الذي نشرته سي إن إن، إلى المزايا الاقتصادية والفرص الاستثمارية التي يوفرها السوق العقاري في كل دولة، إلى جانب المميزات المساندة مثل الاستقرار السياسي في البلد والاستقرار الاقتصادي والنمو السكاني، والسياسات الضريبية وطبيعة القوانين واشتراطات ملكية العقارات الأجنبية وفرص الحصول على الإقامة طويلة الأجل. وهذا ما جعل مليارديرات العالم والمستثمرين يتسابقون من اجل الاستثمار العقاري بدبي بشكل خاص. وهو ما يجعل العرض اقل من الطلب.
ولكن هناك تحديات مهمة برزت في هذا السوق العقاري العالمي، وبدأت تتجلى بشكل أكبر خلال السنوات الخمس الأخيرة من خلال وعود بعض المسوقين والوسطاء العقاريين، وهو ما يتطلب الكثير من الحذر والدراسة من قبل المستثمر.
الخبير العقاري أشرف علام يتناول هذا الموضوع موضحا انه خلال السنوات الخمس الماضية ارتفع عدد المسوقين العقاريين المسجلين في دبي بمقدار أربعة اضعاف، من خمسة الاف وسيط ومسوق عام 2019 إلى أكثر من عشرين الفا في الوقت الحالي.
والأمر الآخر أن الكثير من الشركات العقارية ومع تطورها صارت تقدم رواتب مجزية لاستقطاب الموظفين والمسوقين، وفي حالات عدة تكون الوظائف لمدة معينة مثل ثلاثة أشهر، وهذا بحد ذاته أمر لا يخلو من الخطورة لأنه يستقطب الكثير من الافراد الذين يتعاملون مع الامر كمجرد فرصة للحصول على عائد مجز حتى لو لم يكن هناك نية لامتهان هذه المهنة أو حبها. وهذا ما يؤثر على الأداء والمصداقية.
ويضيف الخبير أشرف علام: دبي لا تحتاج إلى تسويق. ولكن هناك جوانب يجب على من يرغب في الاستثمار العقاري بدبي أن ينتبه اليها خاصة عند التعامل مع بعض المسوقين.
ومن ذلك المشاريع الجديدة المتطرفة خارج المناطق المعروفة بالاستثمار العقاري، حيث نجد البعض يروج ويسوق لمشاريع خارج المناطق المعروفة بمعلومات يجب التوقف عندها وتمحيصها، ومن ذلك أن مترو دبي سيصل الى تلك المناطق قريبا. وهذا كلام غير دقيق، لأن الخطة طويلة المدى لم تحدد لذلك. ووفقا لموقع هيئة الطرق والمواصلات بدبي فإن المرحلة القادمة للمترو تنتهي في 2029 من خلال تدشين 14 محطة في شرق دبي، وهي بعيدة عن تلك المناطق التي يروج لها.
والأمر الآخر أن الأسعار في هذه المناطق أقل من سعر السوق. وهنا يجب التأكد من أسباب ذلك. فكثيرا ما تنفذ مشاريع عقارية بمصاريف أقل وتباع بأسعار أقل. ولكن تكون الكلفة اللاحقة أعلى مثل كلفة الصيانة. وهذا ما يعني ان العائد يكون اقل مما لو اشتريت مشروعا بكلفة أعلى.
كما يروج البعض إلى أن التأجير في تلك المناطق مضمون وبأسرع وقت. وهذا كلام ليس دقيقا، ولا يوجد عقار يؤجر بين يوم وليلة. بل على الأقل يتطلب الأمر ثلاثة أشهر. وبالتالي من يروج لهذه الوعود عليك ان تحذر منه وتتجه لشخص اخر لتتعامل معه.
أيضا يروج البعض لإمكانية أن تشتري اليوم وتبيع مباشرة بعد ثلاثة أشهر وتحقق أرباحا جيدة لا تقل عن 50% وأحيانا 100%. وهذا كلام نظري غير صحيح. فوفقا للاشتراطات في اغلب المشاريع، لا يمكن البيع إلا بعد دفع نسبة معينة من قيمة العقار للمطور، وكثيرا ما لا تقل عن 40%. وبالتالي يجب ان تدرس الإمكانيات والاشتراطات بشكل صحيح.
أضف إلى ذلك انهم يؤكدون أن العائد الإيجاري السنوي يصل إلى 8%. وهذا قد يكون صحيحا، ولكن المسوق لا يتطرق إلى مصاريف الصيانة المرتفعة التي قد تفاجأ بها.
كذلك يجب الانتباه الى وجود منطقتين بدبي يطبق فيهما ما يسمى بحق الانتفاع وليس حق الامتلاك وهما (مجمع دبي للاستثمار)، و(واحة السيليكون). حيث التملك يكون بحق الانتفاع 99 سنة قابلة للتجديد. ولا نعلم كم ستكون الكلفة حينها.
ومن الأمور التي يجب الانتباه اليها أيضا هو تأكيد المسوقين العقاريين أن المشروع يتميز بالفخامة العالية. والسؤال هنا: ما الهدف من شرائك عقارا فخما؟ هل السكن فيه؟ أم الاستثمار؟ وهنا المخاطرة. فأنت كمستثمر تخاطر عندما تشتري عقارا فخما في الكثير من المناطق لان فرص الاستثمار والتأجير والعائد تكون مختلفة وأصعب. وبالتالي من الأفضل التوجه إلى العقار المتوسط الذي يسهل تأجيره. فضلا عن أن تطوير العقارات الفخمة يجب أن يكون من خلال مطورين معروفين بهذا المستوى وإلا فإن الامر لا يخلو من المخاطرة.
وأخيرا، هناك اتجاه بدأ ينتشر مؤخرا وهو الشقق التي تحتوي على حمامات سباحة. وهذا بحد ذاته مخاطرة لأنه حتى الآن لم يتم تسليم هذا النوع من الشقق والتحقق من جودتها وتكاليف صيانتها. وهذا ما يجعل هناك تساؤل حول ما إذا كانت مثل هذه الشقق تمثل خيارا استثماريا بالفعل. وخاصة أنها مجرد فكرة جديدة وليست عامل جذب فعالا. كما ان تكاليف الصيانة ستكون عالية جدا.
والخلاصة.. عليك ان تحذر الوعود، وابحث عن العقار الذي يمكنك أن تؤجره أو تبيعه بسرعة. واعتمد على مسوق عقاري أو شركة وساطة قديمة ومعروفة. وقبل كل ذلك تأكد من ان المسوق مسجل في الجهات الرسمية المعنية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك