العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

كاذبات ووفيّات

يحلو‭ ‬لي‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والحين‭ ‬أن‭ ‬افتعل‭ ‬مشاكسات‭ ‬مع‭ ‬النساء،‭ ‬في‭ ‬لغة‭ ‬قد‭ ‬توحي‭ ‬بالاستعلاء،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬البعض‭ ‬يسألني‭: ‬هل‭ ‬أنت‭ ‬مع‭ ‬المرأة‭ ‬أم‭ ‬ضدها؟‭ ‬وكأنما‭ ‬المرأة‭ ‬كيان‭ ‬او‭ ‬شخص‭ ‬مثل‭ ‬داعش‭ ‬أو‭ ‬نادي‭ ‬برشلونة‭ ‬أو‭ ‬نتنياهو،‭ ‬ويا‭ ‬أبيض‭ ‬يا‭ ‬أسود،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬معها‭ ‬او‭ ‬ضدها،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬أفهم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬‮«‬مع‮»‬‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المناداة‭ ‬بإنصافها‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والظلم‭ ‬وكل‭ ‬أشكال‭ ‬التمييز‭ ‬السلبي،‭ ‬ولكن‭ ‬‮«‬ضدها‮»‬‭ ‬لماذا؟‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬خندق‭ ‬معاد‭ ‬للرجل‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬حرب‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين؟‭ ‬أي‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬خصم‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬موقف‭ ‬منه؟‭ ‬وهذا‭ ‬السؤال‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬عن‭ ‬السؤال‭: ‬هل‭ ‬ما‭ ‬زلت‭ ‬تضرب‭ ‬زوجتك؟‭ ‬فإن‭ ‬أجبت‭ ‬بنعم،‭ ‬فأنت‭ ‬جلف‭ ‬وفظ‭ ‬قاسي‭ ‬القلب،‭ ‬وإن‭ ‬قلت‭ ‬لا،‭ ‬فمعنى‭ ‬ذلك‭ ‬أنك‭ ‬كنت‭ ‬تضربها‭ ‬وكنت‭ ‬جلفًا‭ ‬وفظًا‭ ‬قاسي‭ ‬القلب،‭ ‬ولكنك‭ ‬توقفت‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬أخيرا‭! ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬حال،‭ ‬فإن‭ ‬تكرار‭ ‬طرح‭ ‬ذلك‭ ‬السؤال‭ ‬لن‭ ‬يرهبني‭ ‬أو‭ ‬يرعبني،‭ ‬بل‭ ‬سأواصل‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭ ‬التصدي‭ ‬للمحاولات‭ ‬النسائية‭ ‬اليائسة‭ ‬للحاق‭ ‬بركب‭ ‬الرجال‭ ‬الظافر،‭ ‬بكشف‭ ‬ألاعيبهن‭ ‬وعيوبهن‭ ‬التي‭ ‬أثبتتها‭ ‬التحاليل‭ ‬المختبرية،‭ ‬والدراسات‭ ‬المنهجية‭ ‬الموثقة،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬استطلاع‭ ‬للرأي‭ ‬اقتصر‭ ‬على‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬بريطانيا،‭ ‬قالت‭ ‬خلاله‭ ‬94%‭ ‬منهن‭ ‬إنهن‭ ‬يكذبن‭ ‬بانتظام‭ ‬كذبا‭ ‬منه‭ ‬النوع‭ ‬الثقيل،‭ ‬ومنه‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬يسميه‭ ‬البريطانيون‭ ‬‮«‬فيب‮»‬fib‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬الكذبة‭ ‬الزغننة‭ ‬الكتكوتة‭ ‬التي‭ ‬نسميها‭ ‬نحن‭ ‬‮«‬بيضاء‮»‬،‭ ‬كدليل‭ ‬على‭ ‬عنصريتنا،‭ ‬بجعل‭ ‬الكذبة‭ ‬الكبيرة‭ ‬‮«‬سوداء‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬الكذب‭ ‬‮«‬كذب‭ ‬وخلاص‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬مقتضيات‭ ‬الإنصاف‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬اعتراف‭ ‬94‭% ‬من‭ ‬أولئك‭ ‬النسوة‭ ‬بأنهن‭ ‬يكذبن‭ ‬يعني‭ ‬ضمنا‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬النسبة‭ ‬نفسها‭ ‬تتحلى‭ ‬بقدر‭ ‬من‭ ‬الأمانة،‭ ‬ولم‭ ‬يكذبن‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬أنهن‭ ‬يكذبن‭. (‬وكشخص‭ ‬أسود‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬أعرب‭ ‬للمرة‭ ‬الـ57784‭ ‬عن‭ ‬استنكاري‭ ‬لعبارات‭ ‬مثل‭ ‬مصيرك‭/ ‬نهارك‭/ ‬مستقبلك‭/ ‬قلبك‭ ‬أسود،‭ ‬أو‭ ‬زي‭ ‬‭ ‬مثل‭ ‬الزفت‭ ‬لأن‭ ‬الزفت‭/ ‬القار‭ ‬أسود‭).‬

ونعود‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الاستطلاع‭ ‬الذي‭ ‬يفيد‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬80‭% ‬من‭ ‬النساء‭ ‬يكذبن‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬اجتماعية‭ ‬تتعلق‭ ‬بأوضاع‭ ‬عائلاتهن،‭ ‬ومداخيلهن‭ ‬الشهرية،‭ ‬والتباهي‭ ‬مستشرٍ‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬النساء،‭ ‬خاصة‭ ‬ذوات‭ ‬‮«‬الهم‭ ‬الفاضي‭ ‬والبال‭ ‬الرايق‮»‬‭ ‬اللواتي‭ ‬ليس‭ ‬وراءهن‭ ‬شغل‭ ‬ولا‭ ‬مشغلة‭ ‬غير‭ ‬السوالف‭ ‬ولوك‭ ‬سيرة‭ ‬هذه‭ ‬وتلك،‭ ‬ويكون‭ ‬التباهي‭ ‬الكاذب‭ ‬حول‭ ‬الأصل‭ ‬والفصل‭ ‬غالبا‭ ‬بصيغة‭ ‬الماضي‭: ‬أبوي‭ ‬الله‭ ‬يرحمه،‭ ‬كان‭ ‬عنده‭ ‬عشرة‭ ‬بيوت‭ ‬في‭ ‬بارك‭ ‬لين‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬في‭ ‬السبعينيات‭. ‬بس‭ ‬كان‭ ‬كريما‭ ‬ووزعهم‭ ‬على‭ ‬الجيران‭ ‬‮«‬الفقارى‮»‬‭ ‬في‭ ‬الحي‭!‬

جدي‭ ‬كان‭ ‬تاجر‭ ‬سجاد‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬المنورة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الأتراك،‭ ‬وهاجر‭ ‬إلى‭ ‬كندا‭ ‬وترك‭ ‬عمارات‭ ‬في‭ ‬تورنتو‭ ‬وتورينو‭... ‬بس‭ ‬الحكومة‭ ‬الكندية‭ ‬صادرتها‭ ‬بعد‭ ‬تطبيق‭ ‬الاشتراكية‭! (‬لا‭ ‬تجعل‭ ‬هذه‭ ‬السيدة‭ ‬تضحك‭ ‬على‭ ‬عقلك‭: ‬تورينو‭ ‬في‭ ‬إيطاليا،‭ ‬وكندا‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬حزب‭ ‬اشتراكي،‭ ‬دعك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حكومتها‭ ‬اشتراكية‭).‬

وبالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬الرجل‭ ‬لا‭ ‬يكذب‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ساعة‭ ‬الزنقة‭: ‬أين‭ ‬كنت‭ ‬حتى‭ ‬الرابعة‭ ‬فجرًا‭ ‬وقد‭ ‬خرجت‭ ‬في‭ ‬الخامسة‭ ‬عصرًا؟‭ ‬الحل‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحال‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تقتل‮»‬‭ ‬صديقا‭ ‬وهميا‭: ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬مات‭... ‬مسكين‭ ‬كان‭ ‬جالسا‭ ‬ويانا،‭ ‬وشاف‭ ‬زعيم‭ ‬داعش‭ ‬يذبح‭ ‬معمر‭ ‬القذافي‭ ‬وطاح‭ ‬ميت‭! ‬فتقول‭ ‬له‭ ‬بس‭ ‬القذافي‭ ‬مات‭ ‬قبل‭ ‬ظهور‭ ‬داعش،‭ ‬فيرد‭ ‬صاحبنا‭: ‬مو‭ ‬القذافي‭ ‬اللي‭ ‬كان‭ ‬حاكم‭ ‬ليبيا،‭ ‬بل‭ ‬حفيده‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬اسمه‭.‬

‭ ‬ولا‭ ‬بأس‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يكذب‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الرجل،‭ ‬لأن‭ ‬حياته‭ ‬العائلية‭ ‬نفسها‭ ‬أكذوبة،‭ ‬وإلا‭ ‬لما‭ ‬غاب‭ ‬عن‭ ‬البيت‭ ‬11‭ ‬ساعة‭ ‬متواصلة‭ ‬لسبب‭ ‬لا‭ ‬تعرفه‭ ‬زوجته‭! ‬ولكن‭ ‬استطلاعا‭ ‬بريطانيا‭ ‬آخر‭ ‬‮«‬فشَّلني‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬أثبت‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الرجال‭ ‬‮«‬الخونة‮»‬‭ ‬ضعف‭ ‬عدد‭ ‬النساء‭ ‬‮«‬الخائنات‮»‬‭... ‬يعني‭ ‬هن‭ ‬أكثر‭ ‬كذبا‭ ‬و‭... ‬وفاء‭ ‬من‭ ‬الرجال‭! ‬والكذب‭ ‬مباح‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬معينة،‭ ‬ولكن‭ ‬الخيانة‭ ‬لالالالالالا،‭ ‬فهي‭ ‬مرفوضة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المذاهب‭ ‬والمجتمعات‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فمن‭ ‬مقتضيات‭ ‬الإنصاف‭ ‬أن‭ ‬نعترف‭ ‬نحن‭ ‬الرجال‭ ‬بأن‭ ‬النساء‭ ‬أرفع‭ ‬منا‭ ‬شأنا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬فضيلة‭ ‬كبرى‭ ‬هي‭ ‬‮«‬الوفاء‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬الحب‭ ‬الصادق‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا