القراء الأعزاء
في أحاديث النساء وجدت جملة تتكرر منذ فترة، ولا سيما من غير المتزوجات والمطلقات هي جملة: (لا أحتاج إلى رجل لذلك لا أريد الزواج أو إعادة تكرار التجربة)، وفي السياق نفسه سبق أن شاهدت مقطعا من مسلسل بين الممثلة القديرة سوسن بدر والفنان معتز الدمرداش الذي كان قد تقدم بطلب لها للزواج، وبعد أن استمعت إلى شروطه التي طالت كل تفاصيل خصوصياتها بجانب ضرورة عنايتها به وبوالدته، سألته عن ماذا ستجني هي بالمقابل من هذا الزواج؟ وماذا سيُقدّم لها هو بدوره كزوج؟ فقال: (سأكون زوجك) من دون أن يُحدد تفاصيل مهام الزوج والتي يجهلها في الوقت الحاضر بعض الرجال الذين يعتقدون أن الزواج يقتصر على الفراش وفرض السلطة على المرأة ضمن المفاهيم القاصرة والسائدة لدى الذين يتسمّر تفكيرهم عند مطلع (الرجال قوّامون على النساء) من الآية 34 من سورة النساء من دون المُضيّ في تتمّتها التي تضع ضوابط القوامة، فما كان منها إلا أن رفضت لأنها لم تجد فيه الرجل الذي ترتكن إليه.
أتفهم كثيراً وجهة نظر النساء في هذا الجانب، ولكنني لا أؤيدها على إطلاقها، لأن قناعاتي قائمة على أن كل امرأة تحتاج إلى رجل، وكل رجل يحتاج إلى امرأة، والحقيقة أن أحدهما لا يكمل دون الآخر، فهذه هي طبيعتنا، وهكذا خلقنا الله في البداية مُذ خُلقت حواء أنيساً لآدم الذي كادت تقتله الوحشة عندما خُلق وحيداً.
وأعلم أن هناك من السيدات من سيعترضن على الفقرة السابقة ويقُلن: (نحن لسن بناقصات حتى يكملنا أحد)، وأتفق معكن، فقد خلقكن الله كياناً مستقلاً منفصلاً، ومع تطور المجتمعات وتمكين المرأة، لم تعُدن بحاجة إلى شخص يُنفق عليكن ويحقق لكنّ أيّا من متطلبات الحياة المادية، ولكن تحتجن فقط إلى من يكون سنداً وعوناً حقيقياً وقت الانكسار والوحدة، من يُغدق عليكن العاطفة من دون قيد أو شرط ولا مقابل، بجانب احتياجات فسيولوجية كثيرة قد يستطيع الأطباء والمختصون الحديث عنها بصورة أكثر تفصيلاً مني.
وأعترف بأنني أتعاطف مع تلك النظرة أحياناً لعلمي بتفاصيل جهل بعض الرجال بواجباتهم تجاه المرأة وتقصيرهم فيها، بل أحيانا عدم القيام بها أصلاً، في مقابل تكليف المرأة بكل واجباتها وفوقها ما لا يحتمله كاهلها من دون إحساس ولا ضمير.. وأتساءل هنا: أين ذهبت رجولة البعض وشهامتهم؟ ذلك أن هذه المواضيع لم تعد خاصة كالسابق، وقت أن كانت خصوصية الأسرة والسرّية هي ديدن مجريات الحياة الزوجية، وبعد أن لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً في تسريب أسرار الأسرة، وسرعة انتشارها حتى من دون التطرق إلى أسماء أبطالها، فالقصص كثيرة، وقد أسهم نشرها في خلق وعي معين، وهذا الوعي -في رأيي- من الأسباب التي تؤثر على فكر المرأة وتمسّكها باستقلالها، وتعزز لديها فكرة التحرر من سلطة الرجل التي يفرضها عقد الزواج.
لن أقول للنساء العازفات عن فكرة الزواج: (ظلّ راجل ولا ظلّ حيطة)، ولكن الأكيد أن وجود رجل على خُلق ووعي ويكون مناسباً ومتفهماً ومُحبّاً ومتعاوناً سيجعل الحياة أجمل، حتى وإن كانت تجربتك الأولى غير موفقة، وحتى إن كنتٍ قد تشبّعت من فشل تجارب المحيطين بك، فالزواج قسمة ونصيب والتجارب تختلف باختلاف الأشخاص، والتوفيق من الله سبحانه.
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك