العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الثقافي

المنازل - اللغة والإشارة فكرة عامة للدخول لفهمِ النص الشعري الرمزي

بقلم: مجتبى عادل

السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

نزلت‭ ‬اللُغة‭ ‬على‭ ‬منازل،‭ ‬أو‭ ‬دَعنا‭ ‬نَقُل‭ ‬إن‭ ‬كُلّ‭ ‬طبقة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬سكنوا‭ ‬منزلاً،‭ ‬واتخذوهُ‭ ‬مسلكاً‭ ‬ومنهجاً‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬النص،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قراءةِ‭ ‬ما‭ ‬يُناسبهم‭ ‬من‭ ‬نصوص‭ ‬تشابِههم‭ ‬فكرياً‭ ‬ولغوياً‭. ‬ومع‭ ‬الوقت‭ ‬استخدموا‭ ‬هذا‭ ‬المنزل‭ ‬في‭ ‬كتابةِ‭ ‬نصوصهم‭ ‬وتدويناتهم‭ ‬من‭ ‬القصائد‭ ‬والعقائد‭ ‬والكتابات‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬جوانب‭ ‬العلوم‭ ‬والفنون‭.‬

وكُلُّ‭ ‬طبقة‭ ‬بشرية‭ ‬ذات‭ ‬فكرٍ‭ ‬وثقافة‭ ‬استخدمت‭ ‬اللغة‭ ‬بحسبِ‭ ‬مدى‭ ‬ثقافتها‭ ‬واطلاعها‭ ‬وانغماسها‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬والآداب،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أُسميهِ‭ ‬المنزل‭ ‬اللغوي‭ ‬وهو‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬استخدمتهُ‭ ‬هذهِ‭ ‬الطبقة‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬وتكوين‭ ‬نصها‭ ‬الخاص‭ ‬بها‭. ‬

على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬الصوفية‭ ‬في‭ ‬كتابةِ‭ ‬قصائدهم‭ ‬ومؤلفاتهم‭ ‬وحتى‭ ‬تفاسيرهم‭ ‬القرآنية،‭ ‬وكما‭ ‬يعرف‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬الصوفية‭ ‬امتازوا‭ ‬باللغة‭ ‬المُشبعة‭ ‬بالرموز‭ ‬والإشارات‭. ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬اللفظ‭ ‬شيء‭ ‬والمعنى‭ ‬شيءٌ‭ ‬آخر‭ ‬تماماً،‭ ‬ولا‭ ‬يحملُ‭ ‬مُشتركاً‭ ‬لفظيا،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬في‭ ‬المنطق‭ ‬هناك‭ ‬مجاز‭ ‬وهناكَ‭ ‬حقيقة‭. ‬ومثالاً‭: -‬العين‭- ‬التي‭ ‬تشترك‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬اللفظ‭ ‬معانٍ‭ ‬عدة،‭ ‬فهناك‭ ‬العينُ‭ ‬الباصرة‭ ‬وهناك‭ ‬العينُ‭ ‬المائية‭ ‬وهناك‭ ‬العين‭ ‬الجاسوس‭.‬

ولكن‭ ‬عندَ‭ ‬الصوفية‭ ‬تختلف‭ ‬الالفاظُ‭ ‬عن‭ ‬المعاني‭ ‬وتختلف‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬درجةِ‭ ‬الدلالة،‭ ‬فليلى‭ ‬وسلمى‭ ‬ولُبنى‭ ‬وسعاد‭ ‬في‭ ‬القصيدة‭ ‬اسماء‭ ‬تُشير‭ ‬إلى‭ ‬نساء،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الفِكر‭ ‬الصوفي‭ ‬ما‭ ‬هذهِ‭ ‬الأسماء‭ ‬إلا‭ ‬تجليات‭ ‬تحمل‭ ‬معاني‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الاسم،‭ ‬فقد‭ ‬تأتي‭ ‬تارة‭ ‬بمعنى‭ ‬النفس‭ ‬أو‭ ‬الدنيا‭ ‬أو‭ ‬الحضرة‭ ‬الصوفية‭ ‬أو‭ ‬القدرة‭ ‬الإلهية‭ ‬أو‭ ‬الإشارة‭ ‬صراحةً‭ ‬إلى‭ ‬ذاتِ‭ ‬ذو‭ ‬الجلالة‭ ‬‮«‬الله‮»‬‭ ‬بشكلِ‭ ‬مُتوارٍ‭. ‬وفي‭ ‬جميعِ‭ ‬الأحوال‭ ‬لا‭ ‬يُمكن‭ ‬اصطيادُ‭ ‬المعنى‭ ‬الدقيق‭ ‬الذي‭ ‬يُشيرُ‭ ‬إليه‭ ‬الشاعر‭ ‬الصوفي‭ ‬في‭ ‬قصيدتهِ‭ ‬مهما‭ ‬حاول‭ ‬الناقد‭ ‬الأدبي‭ ‬تفكيك‭ ‬المعنى‭ ‬ومُقارنتهِ‭ ‬بالسياقِ‭ ‬وما‭ ‬شابه‭ ‬للاهتداء‭ ‬لشيء‭ ‬معين‭.‬

وفي‭ ‬كتاب‭ ‬الله‭ -‬القرآن‭ ‬المجيد‭- ‬استخدم‭ ‬الله‭ ‬الحروف‭ ‬المُتقطعة‭ ‬لإيصال‭ ‬اشارات‭ ‬ورسائل،‭ ‬ولكن‭ ‬هذهِ‭ ‬الحروف‭ ‬بقيت‭ ‬غائبةِ‭ ‬المعنى،‭ ‬ولم‭ ‬يتوصل‭ ‬إلى‭ ‬معناها‭ ‬أحد‭ ‬بشكلٍ‭ ‬دقيق،‭ ‬مثل‭- ‬يس،‭ ‬طه،‭ ‬طس،‭ ‬ألم‭ - ‬وغيرها‭. ‬ويقولُ‭ ‬بعضُ‭ ‬المفسرينَ‭ ‬إنها‭ ‬شفرات‭ ‬وأسرار‭ ‬بين‭ ‬الحبيب‭ ‬والمحبوب،‭ ‬أي‭ ‬بينَ‭ ‬الله‭ ‬وحبيبهِ‭ ‬محمد‭ ‬عليه‭ ‬أفضل‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭.‬

وعلى‭ ‬هذا‭ ‬سنصل‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬استخدام‭ ‬التعبير‭ ‬الرمزي‭ ‬في‭ ‬القصائد‭ ‬الحديثة‭ ‬أو‭ ‬المعاني‭ ‬المُغمغةِ‭ ‬المُطلسمةِ‭ ‬لم‭ ‬يأتِ‭ ‬وليدَ‭ ‬الطفرة‭ ‬الحداثية‭ ‬في‭ ‬القصيدة‭ ‬العربية‭ ‬قبل‭ ‬60‭ ‬أو‭ ‬70‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬يدِ‭ ‬شعراءِ‭ ‬التفعيلة‭ ‬مثل‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭ ‬وأمل‭ ‬دنقل‭ ‬ونازك‭ ‬الملائكة‭ ‬وبدر‭ ‬شاكر‭ ‬السياب،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬جذورهُ‭ ‬ضاربةً‭ ‬في‭ ‬عُمقِ‭ ‬اللغةِ‭ ‬من‭ ‬قديم‭ ‬العصور‭. ‬فاللغةُ‭ ‬أقدمُ‭ ‬من‭ ‬الانسان‭ ‬بحسبِ‭ ‬فرضيةِ‭ ‬بعض‭ ‬المُتكلمة‭ ‬الذينَ‭ ‬يقولونَ‭ ‬بأقدميةِ‭ ‬القرآن‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا