تستعد الشقيقة تونس لتنظيم دورة جديدة من الانتخابات الرئاسية الشهر القادم وهي الانتخابات الثالثة منذ أحداث 2011، التي ترشح لها عدد كبير من المرشحين إلا أن الهيئة المستقلة للانتخابات وهي هيئة دستورية مستقلة لم يصح عندها سوى 3 مرشحين من بينهم الرئيس الحالي قيس سعيد ورئيس حركة الشعب زهير المغزاوي ورئيس حركة عازمون العباشي زمال. وسوف تشهد الأيام القادمة انطلاق الحملات الانتخابية لهؤلاء المرشحين الثلاثة، على الرغم مما أثير ومازال من جدل حول استبعاد عدد آخر من المرشحين رفضت الهيئة المستقلة للانتخابات ترشحاتهم، وأدى ذلك إلى نقاش قانوني ودستوري بين المختصين، وخاصة أن هؤلاء المرشحين هم أمين عام حزب العمل والإنجاز «إخواني» عبداللطيف المكي والمنذر الزنايدي وهو وزير سابق في عهد بن علي وعماد الدايمي وهو مدير عام ديوان الرئاسة السابق للمنصف المرزوقي، حيث أكدت الهيئة المستقلة أن هؤلاء الثلاثة لم يستوفوا شروط الترشح القانونية ولم يستوفوا عدد التزكيات الشعبية المطلوبة، على الرغم من أن المحكمة الإدارية أمرت بقبول ترشحهم، فإن الهيئة تعتبر نفسها المسؤولة قانونيا ودستوريا عن اتخاذ القرار النهائي بخصوص مدى استيفاء المرشحين لشروط الترشح، ومع ذلك فإن الهيئة المستقلة قد قطعت هذا الجدل بشكل نهائي بعد إعلانها المرشحين الثلاثة لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة.
إن هذه الانتخابات الثالثة في المرحلة الجديدة تعطي الأمل مجددا للشعب التونسي الشقيق في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني وتشير أغلب المؤشرات إلى أن حظوظ الرئيس الحالي قيس سعيد كبيرة في الفوز بدورة ثانية مدتها 5 سنوات، وذلك لعدة أسباب من أهمها:
1 – نجاح الرئيس سعيد في الملف الأمني خلال فترة وجيزة تمكن من القضاء على الإرهاب قضاء مبرما واستعادت تونس خلال فترة حكمه الحالية استقرارها الأمني بشكل ملموس واختفت نهائيا تلك العمليات الإرهابية التي شهدتها تونس خلال فترة حكم النهضة، وهذا أثّر إيجابيا على الحياة الاقتصادية والتجارية والسياحية، وقد كان الانفلات الأمني في السابق عنصرا مقلقا للمواطنين والمستثمرين على حد سواء، ولذلك يستطيع الذين يدافعون عن خط الرئيس قيس سعيد وضع هذا الإنجاز على رأس قائمة إنجازات الرئيس سعيد خلال الفترة من 2019 إلى عام 2024.
ثانيا: النجاح السياسي والتشريعي لوضع حد للفوضى السياسية التي كانت قائمة خلال فترة حكمه الأولى من 2019 إلى 2021 والتي كانت فيها الحياة السياسية والبرلمانية في حالة فوضى عارمة وصراع بين القوى السياسية حول المشهد البرلماني إلى ساحة للصراع والفوضى خاصة في ظل رئاسة الغنوشي زعم حزب النهضة الذي فشل فشلا ذريعا في إدارة البرلمان بالصورة الصحيحة والمتوازنة التي تحقق النتائج المرجوة، حيث خاب أمل التونسيين في هذا البرلمان وفي الأحزاب السياسية المتصارعة على السلطة وعلى تحقيق المكاسب بغض النظر عن الأوضاع الصعبة التي عاشتها تونس في تلك الفترة أيام تفشي جائحة كورونا والعجز عن مواجهة هذا المرض الذي راح ضحيته حوالي 20 ألف شخص، ولذلك جاء قرار الرئيس في 25 يوليو 2021 بحل البرلمان بعد أن أقال رئيس الحكومة هشام المشيشي وعلق أنشطة البرلمان استنادا إلى المادة 80 من الدستور، ونجح قيس في الحقيقة نجاحا كبيرا بهذه الحركة التي تهدف إلى إعادة النظر في دستور 2014 باعتباره العلة للمشاكل التي عانت منها تونس في تلك الفترة. وكان هذا النجاح مقدمة لتحقيق عدد من التحولات السياسية والأمنية ومنعرجا حاسما في تاريخ تونس المعاصر قطعت فيه تونس سيطرة الاخوان على البرلمان وعلى السلطة التنفيذية.
ثالثا: رغم العقوبات والقيود التي فرضت على تونس على الصعيد الاقتصادي من قبل صندوق النقد الدولي وفرض قيود عديدة على عملية إقراض تونس وذلك لرفض الرئيس سعيد شروط الصندوق المجحفة التي لا يمكن لرئيس يحظى بدعم أغلبية الشعب أن يخضع لها، وخاصة إيقاف التوظيف في الجهاز الحكومي وبيع القطاع العام وتغيير أنظمة التقاعد وإلغاء الدعم للمواد الأساسية وهي إجراءات لو استجابت لها تونس لأدت إلى انتفاضة جديدة.
إلا أن الرئيس قيس سعيد تمكن من معالجة مشكلة الميزانية للعام 23 و24 من دون اللجوء إلى قروض صندوق النقد الدولي، وذلك استنادا إلى تسخير الموارد المحلية والاستفادة مما توفره صناديق التنمية العربية والأفريقية وتعزيز النظام الضريبي بشكل فعال، ما أدى إلى عبور هذه الأزمة بصعوبة ولكن عبور من دون خضوع للشروط المجحفة.
تلك هي أهم الإنجازات التي يفخر بها داعمو قيس سعيد ويرفعونها في اجتماعاتهم ومداخلاتهم الإعلامية إلا أن المعارضين للرئيس يشيرون إلى أن الرئيس قيس سعيد عزز القبضة الأمنية ومس بالحريات العامة وزج بالمعارضين في السجون وهو أمر يحتاج إلى تحليل ونقاش.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك