العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الأكاذيب الصهيونية والطريق إلى الحرية في فلسطين

بقلم: د. مصطفى البرغوثي

الأربعاء ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

يعرف‭ ‬مفكّرون‭ ‬ومناضلون‭ ‬كثيرون‭ ‬كتاب‭ ‬فرانز‭ ‬فانون‭ ‬الشهير‭ ‬‮«‬المعذّبون‭ ‬في‭ ‬الأرض‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يشرح‭ ‬فيه‭ ‬عقلية‭ ‬المستعمرين،‭ ‬وأساليب‭ ‬تكريسهم‭ ‬للعنف‭ ‬في‭ ‬قمع‭ ‬الشعوب‭ ‬المستعمَرة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأيديولوجيا‭ ‬التي‭ ‬تحرّم‭ ‬على‭ ‬المُستَعمَرين‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬العنف‭ ‬المضاد‭ ‬ضد‭ ‬من‭ ‬يضطهدونهم‭.‬

ولو‭ ‬كان‭ ‬فانون‭ ‬الذي‭ ‬كرّس‭ ‬حياته‭ ‬ونضاله‭ ‬وفكره‭ ‬لتحرّر‭ ‬الشعوب،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬شعب‭ ‬الجزائر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يناضل‭ ‬للتحرّر‭ ‬من‭ ‬الاستعمار‭ ‬الفرنسي،‭ ‬حياً،‭ ‬لوجد‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬الفاشية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬والداعمين‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬مادّة‭ ‬خصبة‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬كتاب‭. ‬والواقع‭ ‬أن‭ ‬المنظومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الصهيونية،‭ ‬وحتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكتمل‭ ‬نضجها‭ ‬قوة‭ ‬فاشية،‭ ‬حاولت‭ ‬ترسيخ‭ ‬حدود‭ ‬وتقاليد‭ ‬وخطوط‭ ‬حمراء‭ ‬غير‭ ‬مسموح‭ ‬بتجاوزها،‭ ‬في‭ ‬علاقتها‭ ‬بالشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والشعوب‭ ‬الأخرى‭.‬

وهذه‭ ‬بعض‭ ‬أركانها‭:‬

أولاً‭: ‬إن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وباستغلال‭ ‬ما‭ ‬تعرّض‭ ‬له‭ ‬اليهود‭ ‬من‭ ‬اضطهاد‭ ‬لا‭ ‬سامي‭ ‬أوروبي،‭ ‬أو‭ ‬روسي،‭ ‬ووصل‭ ‬إلى‭ ‬ذروته‭ ‬في‭ ‬الهولوكوست‭ ‬البغيض‭ ‬الذي‭ ‬نفّذه‭ ‬النازيون‭ ‬في‭ ‬ألمانيا،‭ ‬تحاول‭ ‬احتكار‭ ‬صفة‭ ‬الضحية‭ ‬الدائمة‭ ‬وصورتها‭ ‬وروايتها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬خلافٍ‭ ‬أو‭ ‬صراع‭ ‬لها‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬آخر،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭. ‬ومضمون‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ (‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭) ‬تبقى‭ ‬بريئة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬ارتكبت‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬لا‭ ‬سابق‭ ‬لها‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭. ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تروّج‭ ‬فكرة‭ ‬أنها،‭ ‬بصفتها‭ ‬‮«‬الضحية‮»‬‭ ‬الدائمة،‭ ‬تملك‭ ‬رخصة‭ ‬للقتل‭ ‬والبطش‭ ‬والاضطهاد،‭ ‬ولا‭ ‬يحقّ‭ ‬لأحد‭ ‬انتقادها،‭ ‬وأن‭ ‬فعل،‭ ‬فإن‭ ‬تهمة‭ ‬اللاسامية‭ ‬جاهزة‭ ‬لتوجه‭ ‬ضدّه‭.‬

ثانياً‭: ‬لإسرائيل،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬كيانٌ‭ ‬يمارس‭ ‬الاحتلال‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي،‭ ‬حقّ‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يحقّ‭ ‬لضحاياها‭ ‬امتلاك‭ ‬الحقّ‭ ‬نفسه،‭ ‬ولا‭ ‬يمر‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬غربي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يؤكّد‭ ‬‮«‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬يأتي‭ ‬على‭ ‬حقّ‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬هذا،‭ ‬ولو‭ ‬مرّة‭.‬

‭ ‬ويبدو‭ ‬المشهد‭ ‬هنا‭ ‬سوريالياً‭ ‬للغاية،‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬هجرت‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬عبر‭ ‬المذابح‭ ‬والقتل‭ ‬والتهويد،‭ ‬ودمّرت‭ ‬520‭ ‬قرية‭ ‬وبلدة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬ثم‭ ‬استولت،‭ ‬بعدوان‭ ‬عسكري‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬الأشهاد،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬باحتلالها‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬العربية،‭ ‬بل‭ ‬أضافت‭ ‬الجولان‭ ‬السوري‭ ‬المحتل،‭ ‬لها‭ ‬حقّ‭ ‬الدفاع‭ ‬والهجوم‭ ‬والقصف‭ ‬والقتل،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يحقّ‭ ‬للضحية‭ ‬الحقيقية‭ (‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والسوري‭ ‬واللبناني‭) ‬الردّ‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬وإلا‭ ‬اتُّهم‭ ‬بالإرهاب‭.‬

ثالثاً‭: ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬افتقار‭ ‬مزمن‭ ‬للأمن،‭ ‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الأمن‭ ‬ذريعة‭ ‬جاهزة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المفاوضات‭ ‬والمباحثات،‭ ‬والمجابهات‭ ‬لتبرير‭ ‬التعنّت‭ ‬والعناد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬أفشل‭ ‬تاريخياً‭ ‬كل‭ ‬محاولة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬سلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

رابعاً‭: ‬في‭ ‬أي‭ ‬مواجهة‭ ‬أو‭ ‬معركة،‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬قتل‭ ‬51,000‭ ‬فلسطيني،‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬17‭ ‬ألف‭ ‬طفل‭ ‬شهيد،‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المقبول‭ ‬أو‭ ‬المبرّر‭ ‬وقوع‭ ‬قتلى‭ ‬أو‭ ‬جرحى‭ ‬إسرائيليين‭. ‬وبحسب‭ ‬ذلك‭ ‬المنطق،‭ ‬القتلى‭ ‬والمصابون‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬واحد،‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬خصم‭ ‬إسرائيل‭ ‬أيًّا‭ ‬كان،‭ ‬فكل‭ ‬دم‭ ‬يهودي‭ ‬أو‭ ‬إسرائيلي‭ ‬مقدّس،‭ ‬أما‭ ‬دماء‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانوا‭ ‬أبرياء‭ ‬تماماً‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬فعل‭ ‬مقاوم‭ ‬فلا‭ ‬قيمة‭ ‬أو‭ ‬اعتبار‭ ‬لها‭.‬

وما‭ ‬زالت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬الرئيسية‭ ‬تتبارى‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬معاناة‭ ‬الأسرى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬الذين‭ ‬وقعوا‭ ‬بيد‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولكنها،‭ ‬في‭ ‬غالب‭ ‬الأحيان،‭ ‬لا‭ ‬تذكر‭ ‬شيئاً‭ ‬عمّا‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬أسير‭ ‬فلسطيني،‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬يُعدم‭ ‬من‭ ‬يعدم‭ ‬منهم‭ ‬ميدانيا،‭ ‬أو‭ ‬يعذّبون‭ ‬حتى‭ ‬الموت،‭ ‬أو‭ ‬يزجّون‭ ‬في‭ ‬معسكرات‭ ‬اعتقال‭ ‬مزدحمة،‭ ‬وهم‭ ‬معرّضون‭ ‬للتجويع‭ ‬والإذلال‭ ‬والقتل‭ ‬والاغتصاب‭ ‬والتحرّش‭ ‬الجنسي‭.‬

خامساً‭: ‬تحرّم‭ ‬المنظومة‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وبعض‭ ‬الرسمية‭ ‬الغربية،‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حقّ‭ ‬النضال،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بالكفاح‭ ‬المسلح‭ (‬العنف‭ ‬المسلح‭)‬،‭ ‬بل‭ ‬بكل‭ ‬الأشكال‭ ‬الأخرى،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬المقاومة‭ ‬الشعبية‭ ‬والمقاومة‭ ‬السلمية،‭ ‬وحتى‭ ‬المقاومة‭ ‬بالكلام‭. ‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬يشرّع،‭ ‬بشكل‭ ‬قاطع،‭ ‬لمن‭ ‬هم‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬حقّ‭ ‬النضال‭ ‬بكل‭ ‬أشكاله،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الكفاح‭ ‬المسلح،‭ ‬ما‭ ‬داموا‭ ‬يحترمون‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الانساني‭ ‬ويلتزمون‭ ‬بهما،‭ ‬ويبتعدون‭ ‬عن‭ ‬الاستهداف‭ ‬المقصود‭ ‬للمدنيين‭ ‬والأطفال،‭ ‬فإن‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ومن‭ ‬يناصره‭ ‬معرّضان‭ ‬لحزمة‭ ‬جاهزة‭ ‬من‭ ‬الاتهامات‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬حاول‭ ‬مقاومة‭ ‬الظلم‭ ‬الذي‭ ‬يتعرّض‭ ‬له‭. ‬وإذا‭ ‬مارس‭ ‬الكفاح‭ ‬المسلح‭ ‬يوصَف‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬وإذا‭ ‬مارس‭ ‬المقاومة‭ ‬الشعبية‭ ‬يتّهم‭ ‬بالعنف،‭ ‬وإن‭ ‬قاوم‭ ‬بالكلام‭ ‬والكتابة‭ ‬يُتّهم‭ ‬بالتحريض،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬أجنبيا‭ ‬يتضامن‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬سيُتّهم‭ ‬بالعداء‭ ‬للسامية،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬يهودياً‭ ‬يتضامن‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬يُتّهم‭ ‬بأنه‭ ‬يهودي‭ ‬كاره‭ ‬للنفس‭.‬

أما‭ ‬عندما‭ ‬يُطرَح‭ ‬على‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬السؤال‭ ‬عن‭ ‬العدد‭ ‬الهائل‭ ‬للمدنيين‭ ‬والأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والأطباء‭ ‬والصحفيين‭ ‬الذين‭ ‬يقتلونهم،‭ ‬فالجواب‭ ‬جاهز،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬المسؤولية‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أنفسهم،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مسؤولون‭ ‬عن‭ ‬جعل‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬يقتلونهم،‭ ‬وأكثر‭ ‬الذرائع‭ ‬تزويراً‭ ‬للحقائق‭ ‬ادّعاء‭ ‬أن‭ ‬المقاومين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يستخدمون‭ ‬المدنيين‭ ‬دروعاً‭ ‬بشرية‭. ‬ولم‭ ‬تفلح‭ ‬عشرات‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬استخدم‭ ‬فيها‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬العزّل‭ ‬دروعاً‭ ‬بشرية،‭ ‬والتي‭ ‬جرى‭ ‬توثيقها‭ ‬ونشرها‭ ‬وتقديمها‭ ‬للإعلام‭ ‬الغربي،‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬رأيه،‭ ‬أو‭ ‬تعديل‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المضلّلة‭.‬

وتعتمد‭ ‬السردية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬حزمة‭ ‬جاهزة‭ ‬من‭ ‬الادّعاءات‭ ‬والمفاهيم،‭ ‬وحتى‭ ‬التعابير‭ ‬اللغوية‭ ‬الجاهزة‭ ‬دائماً‭ ‬للاستعمال،‭ ‬من‭ ‬ادّعاء‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬الضحية،‭ ‬إلى‭ ‬اتهام‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬إلى‭ ‬تشويه‭ ‬كل‭ ‬صور‭ ‬النضال‭ ‬الفلسطيني‭.‬

ويبدو‭ ‬الهدف‭ ‬المركزي‭ ‬للدعاية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وضع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬يعارض‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬والاضطرار‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬المبرّرات‭ ‬والذرائع‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬حقّ‭ ‬طبيعي‭ ‬لكل‭ ‬مظلوم‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭. ‬وما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬جوهر‭ ‬العقلية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬هو‭ ‬تحريم‭ ‬الحقّ‭ ‬في‭ ‬النضال‭ ‬والكفاح‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬ضحيتها،‭ ‬ومحاولة‭ ‬تكريس‭ ‬شعور‭ ‬نفسي‭ ‬داخلي‭ ‬عميق‭ ‬لدى‭ ‬الضحايا‭ ‬بالدونية‭ ‬والشعور‭ ‬بالذنب‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬كسر‭ ‬حالة‭ ‬الحصار‭ ‬الذهني‭ ‬والفكري‭ ‬التي‭ ‬يحاول‭ ‬المضطهدون‭ ‬فرضها‭ ‬على‭ ‬الضحية،‭ ‬إلا‭ ‬برفض‭ ‬المنهج‭ ‬الاستعماري‭ ‬من‭ ‬رأسه‭ ‬إلى‭ ‬أخمص‭ ‬قدميه‭ ‬ورفض‭ ‬سردية‭ ‬المضطهد‭ ‬أو‭ ‬المحتل‭ ‬وروايته‭. ‬وأول‭ ‬خطوة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الحرية‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاضطهاد‭ ‬هي‭ ‬التحرّر‭ ‬الفكري‭ ‬من‭ ‬مقولاته‭ ‬ودعايته‭ ‬ومعاييره‭ ‬ومفاهيمه،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬مصطلحاته‭ ‬التي‭ ‬يحاول‭ ‬فرضها‭.‬

وكما‭ ‬حرّر‭ ‬فانون‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المقولات،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬واجب‭ ‬كل‭ ‬المناضلين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬والمتضامنين‭ ‬معهم،‭ ‬تحرير‭ ‬عقولهم‭ ‬منها‭ ‬ومن‭ ‬مخلفاتها‭ ‬الفكرية،‭ ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬البداية‭ ‬لشقّ‭ ‬طريق‭ ‬الحرية‭ ‬الحقيقية‭.‬

{ الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحركة‭ ‬المبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا