(العرب) تزداد العلاقة بين السعودية والصين تطورا بمرور الوقت، وتتخذ أبعادا مختلفة تُظهر أنها علاقة شراكة إستراتيجية، وليست مجرد ورقة تعتمدها السعودية للضغط على واشنطن بسبب المواقف الملتبسة لإدارة جو بايدن في السنوات الأخيرة.
وبدا هذا التقارب في أكثر من محطة، آخرها زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ ومشاركته في اجتماع أعمال الدورة الرابعة للجنة السعودية - الصينية المشتركة رفيعة المستوى بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وقال لي تشيانغ إنه يتطلع إلى تعزيز المواءمة بين إستراتيجيات التنمية في كلا البلدين ودفع العلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى من خلال زيارته للبلاد.
ولئن سُلّط الضوء على الاتفاقية التجارية ومشاكلها وتأثير السلع الصينية الرخيصة على السوق السعودية، فإن اجتماع اللجنة العليا كان يهدف -في حقيقة الأمر- إلى ترسيخ العلاقة في أهم موضوع وهو ضمان توريدات الطاقة.
وقبل الاجتماع أعلنت شركة أرامكو السعودية على موقعها في الإنترنت أنها أبرمت اتفاقيات جديدة مع شركتين من الصين بهدف «تعزيز مساهمة أرامكو المستمرة في أمن الطاقة والتنمية على المدى الطويل في الصين».
وتريد السعودية طمأنة الصينيين بأنها قادرة على تأمين حاجتهم إلى النفط عقودا من الزمن، وهو ما سبق أن أكده الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو أمين الناصر، الذي قضى عدة أيام في منتدى الصين للتنمية السنوي الذي استضافته بكين عام 2021. وقال آنذاك «يظل ضمان استمرار أمن احتياجات الصين من الطاقة على رأس أولوياتنا، ليس فقط للسنوات الخمس المقبلة ولكن للسنوات الـ50 القادمة وما بعدها».
وفيما تقوّي التصريحات السعودية العلاقة مع الصين، فإنها تبعث برسائل سلبية إلى الولايات المتحدة، التي تعتقد أنها الشريك ذو الأولوية بالنسبة إلى المملكة.
ويعتقد الكاتب سايمون واتكينز في تقرير بموقع أويل برايس الأمريكي أن تطور العلاقة السعودية – الصينية يبرز أن «أي آمال متبقية لدى واشنطن بأن الرياض كانت تستغل علاقتها المزدهرة مع بكين لتأسيس علاقة أفضل مع الولايات المتحدة في المستقبل كانت مجرد أمنيات».
وتطورت العلاقة بين بكين والرياض بصفة أوضح إلى العرض الذي قدمته الصين لشراء 5 في المئة من أرامكو السعودية مباشرة بعد أن عُرضت في طرح عام أولي خلال أواخر 2016 ومطلع 2017. وكان الأمير محمد بن سلمان هو الذي طرح فكرة الاكتتاب العام لجزء من الشركة، في وقت كانت فيه المملكة تواجه صعوبات ناتجة عن حرب أسعار النفط.
وترى بكين أن الرياض تستطيع أن تمارس تأثيرا معتدلا على تحركات موسكو لتوجيه أسعار النفط في نهج تصاعدي لا تريده الصين. وأصبحت الدولة الآسيوية آنذاك أكبر مستورد للنفط في العالم. لذلك لم تكن تريد رؤية اتجاهات تصاعدية طويلة في الأسعار.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك