الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
حكاية تزوير الجنسية في دولة خليجية
كثر الحديث في المجتمعات الخليجية عن حالات تزوير الجنسية، وتجاوز القانون وخرق النظام، وتقديم معلومات مزيفة ووثائق مزورة، والاستحواذ على حقوق غير مشروعة، ومضايقة المواطنين، واستغلال النفوذ وتقديم الرشوة لضعاف النفوس.. وقد شرعت العديد من الدول الخليجية في مراجعة الإجراءات، وسحب الجنسيات، ومعاقبة المتجاوزين.
ليس الأمر متعلقا بالدول الخليجية وحدها كما نتابع.. لقد بدأت الكثير من الدول الأوروبية تشكو من اعتداء الذين نالوا جنسية الدول الأوروبية على حقوق المواطنين، لدرجة أن دولة مثل «السويد»، أعلنت مؤخرا تقديم مبلغ 34 ألف دولار لكل مهاجر تم منحه الجنسية السويدية، مقابل أن يتخلى عن تلك الجنسية ويعود إلى وطنه الأصلي.
وبالأمس نشرت جريدة «السياسة» الكويتية خبرا حول حادثة تزوير الجنسية، وأحسب أن مثل تلك الخطط «الشيطانية» التي يقوم بها المزورون، متطابقة ومتشابهة في الدول الخليجية، وكأن ثمة اتفاقا بين المزورين على اتباع تلك الأساليب للسطو على الجنسية الخليجية.
يقول الخبر الكويتي: إن كان «ما خفي أعظم»، فإن ما انكشف أعجب وأشد عظمة.. ففي واحدة من عجائب قضايا تزوير الجنسية، والعبث بالهوية الوطنية التي رصدتها وكشفتها الأجهزة الأمنية المختصة أخيرا، تمكن مقيم سوري في عام 2003 من تجنيس أبنائه الثلاثة، حيث قام بتسجيل اثنين منهم باسم مواطن مقابل 15 ألف دينار لكل منهما، وتوظيفهما في الدوائر الحكومية، فيما الابن الثالث تم تسجيله باسم مواطن آخر، ولكنه غادر الكويت إثر خلاف مالي معه.
وفي تفاصيل القضية أن الأجهزة المختصة كشفت قضايا غريبة في العبث بملف الجنسية، وبروايات لا يصدقها العقل، حيث دلّت التحريات على وجود شقيقين من أصول عربية، يعملان في دوائر حكومية بالكويت، ويمتلكان الجنسية الكويتية بانتسابهما إلى مواطن كويتي عن طريق الغش والتدليس، وقد تم إلقاء القبض عليهما.
وبالتحقيق معهما اعترافا بأنهما من دولة عربية أخرى وأن والدهما خارج الكويت، وقد تمكن من تجنيسهما مقابل 15 ألف دينار لكل واحد منهما، وذلك في عام 2003، كما اعترفا بأن لديهما شقيقا ثالثا استطاع والدهم تجنيسه باسم مواطن آخر، وقد اعترف بأنه حصل على الجنسية الكويتية وعمره 7 سنوات، وأكد الشقيق الثالث في اعترافاته أنه عندما بلغ العشرين عاما وانخرط في العمل، بدأ والده بـ«التجنيس» بمطالبته بمبالغ مالية، وعندما رفض توجه «الوالد بالتجنيس» إلى دولة خليجية أخرى، واستخرج له شهادة وفاة في حادث سيارة من دون علمه، ووثقها في السفارة الكويتية هناك، ومن ثم قدمها إلى السلطات الكويتية، ليصبح هذا الشخص «الشقيق الثالث» متوفى في نظر القانون!
بعدها قام «الشقيق الثالث» باستخراج جواز سفر له ووضع إقامة، وبعد ضبطه ومطابقة بصماته، تم التأكد من صحة ما أدلى به، لوجود البصمتين: "البصمة الكويتية بالجنسية، وبصمة الدولة العربية الأصلية التي ينتمي إليها"، فتم إبعاده عن الكويت، كما تم إحالة الشقيقين إلى النيابة العامة بتهمة تزوير الجنسية، في الوقت الذي يتواجد الأب الأصلي خارج الكويت، تاركا أبناءه لمصيرهم.
تلك حكاية من الحكايات الواقعية في تزوير الجنسية، وقد شرعت الأجهزة الخليجية المختصة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وهي تستحق كل الدعم والتأييد، حفاظا على الهوية الوطنية، واحترام القانون والحقوق، وحماية النسيج الاجتماعي والاقتصاد الوطني، والوظائف والخدمات، ومستقبل الأجيال القادمة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك