اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
الأمن المعنوي
في جلسة جمعتني بعدد من الصديقات راحت إحداهن تحكي قصة الاحتيال الإلكتروني الذي تعرضت له ابنتها مؤخرا عبر استخدام بطاقتها الائتمانية في عمليات شراء على النت بمبالغ كبيرة لا تعلم عنها شيئا، حيث اكتشفت ذلك من خلال الرسائل التي وصلت إليها على النقال الخاص بها.
هذه الواقعة للأسف الشديد باتت تتكرر بصورة مفزعة خلال الفترة الأخيرة وسيتواصل حدوثها في ظل ما يسمى عصر انتشار البرمجيات الخبيثة التي تصاحب الاستخدام المتزايد للتقنيات الرقمية، وهي تستهدف الأفراد والشركات عبر طرق مختلفة مثل التصيد الاحتيالي والتثبيت غير المشروع للبرامج الضارة وتشفير البيانات بالفيروسات التي لا يمكن معالجتها إلا عن طريق دفع مبالغ مالية لقراصنة الإنترنت، الأمر الذي يؤدي إلى تكبد خسائر مادية فادحة، والأهم في رأيي المتواضع هو تلك الخسائر المعنوية التي تتعلق بالسمعة وبالتشهير وبالافتراءات وبالتلفيقات التي يدفع البعض ثمنها من صحته النفسية والعصبية.
مؤخرا توقع تقرير حديث لشركة مارش ماكلينان ومجموعة زيوريخ للتأمين ارتفاع الكلفة العالمية للجرائم الالكترونية إلى ما يقرب من 24 تريليون دولار بحلول عام 2027، بعد أن كانت 8.5 تريليونات دولار في عام 2022، مؤكدا أهمية تسليط الضوء على الحاجة الماسة إلى مستويات أفضل من مشاركة القطاعين العام والخاص بهدف تعزيز مرونة المجتمع في حالة وقوع حوادث أمن إلكتروني كارثية.
وقد أشار التقرير إلى أن مدفوعات برامج الفدية بلغت رقما قياسيا يفوق المليار دولار في العام الماضي، موضحا أن المهاجمين يستخدمون أساليب متطورة بشكل متزايد لاختراق الأنظمة واستغلال التقدم التكنولوجي مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وشدد التقرير الذي حمل عنوان «ردم فجوة الحماية من المخاطر الإلكترونية» على الحاجة الملحة إلى حلول مبتكرة من أجل رأب الهوة بين المخاطر والتأمين وخاصة أن الاحتيال الإلكتروني لم يعد بحاجة إلى قدرات خارقة، بل إلى خبرات تقنية غاية في البساطة والسهولة في ظل تزايد استخدام الهجمات الرقمية للأدوات المتطورة المتاحة في السوق الاجرامي الافتراضي على الإنترنت، وانقطاع الخدمات السحابية على نطاق واسع.
لا شك أن البحرين تعتبر إحدى الدول الرائدة في تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات التي تواكب التطورات التقنية الرقمية وذلك بفضل الجهود المبذولة من قبل المركز الوطني للأمن السيبراني الذي أنشئ عام 2020، ولكن في ظل هذا الابتكار المتواصل للاحتيال بات الأمن المادي صعب المنال، والأصعب منه الأمن المعنوي، الأمر الذي يتطلب نشرا أوسع لما يعرف بالثقافة السيبرانية وصولا إلى درجة ولو متواضعة من الأمان الإلكتروني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك