العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عن المرور والكسور

يتباهى‭ ‬بعض‭ ‬الشباب‭ ‬بكسر‭ ‬القوانين‭ ‬وأكثر‭ ‬القوانين‭ ‬تعرضا‭ ‬للكسر‭ ‬هي‭ ‬قوانين‭ ‬المرور،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬كسر‭ ‬للعظام‭ ‬وسفح‭ ‬للدماء‭ ‬وتجريف‭ ‬لما‭ ‬في‭ ‬الجيوب‭. ‬ولهذا‭ ‬ففي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬العربية،‭ ‬بإمكانك‭ ‬أن‭ ‬تصعد‭ ‬بسيارتك‭ ‬على‭ ‬الرصيف‭ ‬لتغير‭ ‬اتجاهك،‭ ‬لأنك‭ - ‬ما‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ - ‬كثير‭ ‬‮«‬المشغوليات‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬وقت‭ ‬لديك‭ ‬للدوران‭ ‬حيث‭ ‬ينبغي‭ ‬الدوران،‭ ‬وتستطيع‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬سيارتك‭ ‬عكس‭ ‬حركة‭ ‬السير‭ ‬دون‭ ‬خوف‭ ‬من‭ ‬العواقب،‭ ‬لأن‭ ‬شرطة‭ ‬المرور‭ ‬عندنا‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬في‭ ‬غالب‭ ‬الأحوال‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬وقوع‭ ‬الفأس‭ ‬على‭ ‬الرأس،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬وقوع‭ ‬حادث‭ ‬لكتابة‭ ‬تقرير‭ ‬عنه،‭ ‬ولو‭ ‬كنت‭ ‬صاحب‭ ‬‮«‬ظهر‮»‬‭ ‬أي‭ ‬مسنودا،‭ ‬ولو‭ ‬برقم‭ ‬لوحة‭ ‬مميز‭ ‬فـ«ما‭ ‬عليك‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬كتيبة‭ ‬من‭ ‬شرطة‭ ‬المرور‭ ‬من‭ ‬حولك‭!! ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬خالف‭ ‬قوانين‭ ‬المرور‭ ‬كما‭ ‬تشاء،‭ ‬بس‭ ‬خليك‭ ‬كريم‭ ‬وجيبك‭ ‬مليان،‭ ‬ولا‭ ‬بارك‭ ‬الله‭ ‬فيمن‭ ‬نفع‭ ‬واستنفع‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬سلامة‭ ‬الناس‭! ‬

وفي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لم‭ ‬تصدر‭ ‬بعد‭ ‬قوانين‭ ‬تلزم‭ ‬السائقين‭ ‬والجالسين‭ ‬في‭ ‬المقاعد‭ ‬الأمامية‭ ‬في‭ ‬السيارات‭ ‬بربط‭ ‬أحزمة‭ ‬الأمان،‭ ‬لأن‭ ‬الموضوع‭ ‬‮«‬قيد‭ ‬الدراسة‮»‬،‭ ‬ونحن‭ ‬ما‭ ‬درسنا‭ ‬شيئا‭ ‬إلا‭ ‬ضيعناه‭ ‬وضعنا‭ ‬معه،‭ ‬ثم‭ ‬لماذا‭ ‬الدراسة‭ ‬والمسألة‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬تتعلق‭ ‬بسلامة‭ ‬البشر؟‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتطلبه‭ ‬الأمر‭ ‬هو‭ ‬إعطاء‭ ‬الناس‭ ‬مهلة‭ ‬شهرين‭ ‬لتزويد‭ ‬السيارات‭ ‬القديمة‭ ‬بأحزمة‭ ‬وبعدها‭ ‬يبدأ‭ ‬تغريم‭ ‬المخالفين‭ ‬لقانون‭ ‬ربط‭ ‬الحزام،‭ ‬وطبعا‭ ‬كل‭ ‬حركة‭ ‬معها‭ ‬بركة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬إعطاء‭ ‬شخص‭ ‬متنفذ‭ ‬رخصة‭ ‬استيراد‭ ‬أحزمة‭ ‬بالملاليم‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬ليجمع‭ ‬الملايين‭ ‬بالعملات‭ ‬المحترمة،‭ ‬وأعود‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬بارك‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬من‭ ‬نفع‭ ‬واستنفع‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬مقولة‭ ‬صرنا‭ ‬للأسف‭ ‬نستخدمها‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬تقديم‭ ‬وقبول‭ ‬الرشا‭ ‬المكشوفة‭ ‬والمستترة‭ (‬العمولات‭)‬،‭ ‬بل‭ ‬صرنا‭ ‬نسمي‭ ‬الرشوة‭ ‬‮«‬إكرامية‮»‬‭ ‬وهكذا‭ ‬ابتذلنا‭ ‬كلمة‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬ودلالات‭ ‬عالية‭ ‬لأنها‭ ‬تعني‭ ‬الكرم‭ ‬والتكريم‭ ‬والإكرام،‭ ‬وشتان‭ ‬ما‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الحرام،‭ ‬وفي‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تلزم‭ ‬السائقين‭ ‬بربط‭ ‬الأحزمة،‭ ‬يقوم‭ ‬بعض‭ ‬الشبان‭ ‬بدهن‭ ‬قمصانهم‭ ‬بخطوط‭ ‬مائلة‭ ‬من‭ ‬الكتف‭ ‬الأيسر‭ ‬حتى‭ ‬الفخذ‭ ‬الأيمن‭ ‬مما‭ ‬يوحي‭ ‬للناظرين‭ ‬بأنهم‭ ‬يرتدون‭ ‬الأحزمة‭!! ‬أي‭ ‬سذاجة‭ ‬وأي‭ ‬غفلة‭ ‬أن‭ ‬يتحايل‭ ‬إنسان‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بمصلحته‭ ‬وعافيته‭!!‬؟‭ ‬

في‭ ‬السويد‭ ‬أوقف‭ ‬شرطي‭ ‬رجلا‭ ‬وحرر‭ ‬له‭ ‬غرامة‭ ‬لأنه‭ ‬رآه‭ ‬يستخدم‭ ‬هاتفه‭ ‬الجوال‭ ‬أثناء‭ ‬قيادة‭ ‬السيارة،‭ ‬ولكن‭ ‬الرجل‭ ‬أخرج‭ ‬الجوال‭ ‬من‭ ‬درج‭ ‬السيارة،‭ ‬وأثبت‭ ‬للشرطي‭ ‬أن‭ ‬آخر‭ ‬مكالمة‭ ‬أجراها‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الهاتف‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الليلة‭ ‬الفائتة،‭ ‬فسأله‭ ‬الشرطي‭: ‬ولكنني‭ ‬رأيتك‭ ‬واضعا‭ ‬يدك‭ ‬اليمني‭ ‬على‭ ‬أذنك‭ ‬لمسافة‭ ‬طويلة،‭ ‬فقال‭ ‬الرجل‭ ‬إنه‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك‭ ‬دائما،‭ ‬أي‭ ‬إنها‭ ‬حركة‭ ‬عصبية‭ ‬لاإرادية‭ ‬اعتاد‭ ‬عليها،‭ ‬عندئذ‭ ‬أصر‭ ‬الشرطي‭ ‬على‭ ‬تغريمه‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬أن‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬تحريم‭ ‬استخدام‭ ‬الجوال‭ ‬أثناء‭ ‬قيادة‭ ‬السيارة‭ ‬هو‭ ‬إرغام‭ ‬السائق‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬يديه‭ ‬الاثنتين‭ ‬في‭ ‬القيادة‭!! ‬ومثلت‭ ‬كاثرين‭ ‬نيكون‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬أمريكية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ضبطتها‭ ‬الشرطة‭ ‬وهي‭ ‬ترضع‭ ‬طفلها‭ ‬أثناء‭ ‬قيادة‭ ‬السيارة،‭ ‬ودافعت‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬بأن‭ ‬الطفل‭ ‬صرخ‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬الجوع،‭ ‬فلم‭ ‬تجد‭ ‬مناصا‭ ‬من‭ ‬إرضاعه‭ ‬وهي‭ ‬ممسكة‭ ‬بعجلة‭ ‬القيادة‭ ‬بيد‭ ‬واحدة‭!! ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬مخالفة‭ ‬جسيمة‭ ‬لأن‭ ‬المرأة‭ ‬عرضت‭ ‬حياتها‭ ‬وحياة‭ ‬طفلها‭ ‬للخطر،‭ ‬والقانون‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تذهب‭ ‬المرأة‭ ‬للسجن،‭ ‬ولكن‭ ‬القاضي‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬قسوة‭ ‬على‭ ‬الطفل،‭ ‬لأنه‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬أو‭ ‬يبقى‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الأقارب،‭ ‬فحكم‭ ‬عليها‭ ‬بالحبس‭ ‬المنزلي‭ ‬لثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬لا‭ ‬تغادر‭ ‬خلالها‭ ‬البيت،‭ ‬وترضع‭ ‬طفلها‭ ‬‮«‬على‭ ‬مزاجها‮»‬‭! ‬وفي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬فشل‭ ‬نظام‭ ‬هواتف‭ ‬السيارات‭ ‬القديم‭ ‬المعروف‭ ‬بـ«ماتس‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬هواتف‭ ‬تماثلية،‭ ‬لأن‭ ‬جميع‭ ‬المشتركين‭ ‬في‭ ‬الخدمة‭ ‬كانوا‭ ‬يعتبرون‭ ‬استخدام‭ ‬الهواتف‭ ‬فور‭ ‬ركوبهم‭ ‬سياراتهم‭ ‬فرض‭ ‬عين،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬كانت‭ ‬الشبكات‭ ‬تتعرض‭ ‬للضغوط‭ ‬والاختناقات‭ ‬وتعجز‭ ‬عن‭ ‬تمرير‭ ‬المكالمات‭!! ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬بعض‭ ‬حكوماتنا‭ ‬تعرف‭ ‬مصالحها‭ ‬لجعلت‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬الجوال‭ ‬أثناء‭ ‬قيادة‭ ‬السيارة‭ ‬مخالفة،‭ ‬غرامتها‭ ‬ألف‭ ‬دولار،‭ ‬ولامتلأت‭ ‬خزائنها‭ ‬بالملايين‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد،‭ ‬بحيث‭ ‬تختفي‭ ‬عجوزات‭ ‬الميزانيات‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬واحدة‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا