أربيل - (أ ف ب): التقى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أمس الخميس مسؤولين أكرادا في إقليم كردستان، حيث دعا إلى «توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري»، وذلك في اليوم الثاني من زيارته للعراق الهادفة بشكل أساسي إلى تعزيز العلاقات الثنائية والأمنية. وبزشكيان هو أول رئيس إيراني يزور كردستان العراق وفق المسؤولين في الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي، وذلك في انعكاس لتحسّن العلاقات بين طهران وأربيل بعد سنوات من التوترات والضربات الإيرانية على شمال العراق.
وبعدما حطت طائرته في مطار أربيل الدولي صباح الخميس، اجتمع بزشكيان برئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني ورئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني ومسؤولين آخرين. وأعرب خلال الاجتماع، وفق ما ذكر موقع الرئاسة الإيرانية، عن عزم طهران على «توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري مع إقليم كردستان العراق». ويأتي ذلك غداة لقائه مسؤولين سياسيين في بغداد حيث وقع 14 مذكرة تفاهم وبحث مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في «تعاون أكبر بين البلدين».
وذكّر بزشكيان في أربيل بأن طهران وبغداد توصلتا إلى «اتفاق على صياغة آفاق تطوير التعاون المشترك في شكل وثيقة استراتيجية شاملة طويلة الأجل». من جهته، قال بارزاني الخميس «لطالما اعتبرنا جمهورية إيران الإسلامية سندا لنا في الأوقات الصعبة (...) ونتمنى تطوير علاقاتنا أكثر بعد هذه الزيارة التاريخية وفي كل المجالات». في السنوات الأخيرة، تعثرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب نقطة خلاف رئيسية تتمثل بالمجموعات المسلحة للمعارضة الكردية الإيرانية التي تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينات القرن المنصرم التي شهدت حربا استمرت ثمانية أعوام مع إيران.
واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة التي غالبا ما تكون يسارية الميول وتندد بالتمييز الذي يعانيه الأكراد في إيران، في جذب المؤيدين الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. وكان لهذه المجموعات مقاتلون يرتدون زيا عسكريا مشابها لزي «جنود الاحتياط» الذين يتدربون على استخدام السلاح. وتتّهم طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة الى أراضيها انطلاقا من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
لكن في مارس 2023، وقّع العراق وإيران اتفاقا أمنيا بعد أشهر قليلة على تنفيذ طهران ضربات ضد مجموعات كردية معارِضة في شمال العراق. وفي نهاية العام، تعهدت السلطات العراقية نزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات. وأكّد كردستان العراق أنه «لن يشكل أبدا تهديدا لإيران والدول المجاورة ويلتزم تماما بالاتفاقية الأمنية بين العراق وإيران»، حسبما جاء في بيان صدر عن رئاسة الإقليم في ختام اجتماع الخميس.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قال الأربعاء خلال مؤتمر صحافي مشترك مع بزشكيان إن بغداد أكّدت «موقفها المبدئي والدستوري والقانوني بعدم السماح لأي جهة بارتكاب عدوان أو عمل مسلح أو تهديد عابر للحدود ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية يتخذ منطلقا من الأراضي العراقية». وأضاف «نجحنا في الاتفاق على ضبط الأوضاع الأمنية عند المناطق الحدودية».
والتقى بزشكيان الخميس كذلك مسعود بارزاني زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني، وأكّدا «التنسيق وتعزيز العلاقات (...) في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية» وفق ما جاء في بيان صدر عن مكتب بارزاني. وأشار البيان إلى أن بزشكيان وجّه دعوة رسمية إلى الزعيم الكردي لزيارة الجمهورية الإسلامية، ثم توجه الرئيس الإيراني إلى السليمانية ثاني أكبر مدن الإقليم حيث استقبله رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك