سوق الذهب البحريني به رقابة مشددة وقوانين صارمة للمخالفين
محمد خلف يقدم أسرار الاستثمار الآمن في الذهب
مع كل اهتزاز لأسواق العملات والأسهم العالمية، تقفر إلى الواجهة دائما الدعوات إلى الاستثمار الآمن في الذهب، هذا المعدن النفيس الذي يغري دائما صغار المستثمرين الباحثين عن الثراء، وهو ما يجعله أيضا وسيلة للمتلاعبين والمحتالين وعديمي الضمير لاستغلال تهافت البسطاء الراغبين في تأمين مدخراتهم.
وجاء إعلان وزارة الداخلية في شهر أغسطس الماضي عن ضبط تشكيل عصابي يحاول ترويج سبائك ذهبية مزورة عبر منصات التواصل الاجتماعي وبيعها في سوق الذهب المحلي بأسعار منخفضة بحجة تصفية الاعمال والحاجة إلى الأموال، واتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة ضدهم، وحذرت المواطنين من الانسياق وراء هذه النوعية من العروض الوهمية والوقوع في مصيدة النصب والاحتيال، وذلك من منطلق الشفافية التي تضمن الحفاظ على العالمية للذهب البحريني، وتأكيد مكانة المملكة كمركز تجاري إقليمي للعديد من الشركات العالمية في مختلف القطاعات، منها الذهب.
الانبهار العالمي بالذهب والإقبال الكثيف على شرائه، وخاصة انه يعد الملاذ الآمن ووسيلة مربحة لاستثمار رأس المال، قد أدى إلى تفاقم ظاهرة تزوير سبائك الذهب وازدياد خطر وقوع المستثمرين في فخ النصابين الذين يبيعون ذهبًا مُزيَّفا، حيث تعمل سبائك الذهب كشكل ملموس لقيمة هذا المعدن الثمين ومع استمرار تطور النمذجة الرقمية وتوافر آلات متقدمة في صناعة السبائك، يزداد دقة عمليات التزييف وابتكار حيل لا تخطر على البال، والتي من شأنها اثراء الحبكة الدرامية وبالتالي نجاح عمليات النصب والاحتيال. لذا فإن فهم المخاطر المرتبطة بسبائك الذهب المزورة والتدابير المعمول بها في كل دولة أمر ضروري للمستثمرين وهواة الجمع، وتحمي الجميع من الوقوع في براثن الغش والإفلاس.
من هذا المنطلق حاورت «أخبار الخليج» السيد محمد شاكر خلف، الرئيس التنفيذي لشركة خلف للذهب بمملكة البحرين والذي كان له دور ملموس في الكشف عن الذهب المزيف، وذلك للاستفادة من خبرته وتجاربه في هذا المجال والوقوف على المخاطر والضمانات في سوق المعادن الثمينة.
• بعد تصريحات رئيس شعبة الجرائم المالية بوزارة الداخلية بخصوص المحالين الذين قاموا ببيع سبائك مزورة ما رأيك كتاجر ذهب بحريني وموزع معتمد للسبائك في المنطقة فيما حدث؟
في البداية أود ان انوه بأن السبب الرئيسي وراء ما حدث هو قلة الوعي من قبل الراغبين في الاستثمار بالسبائك وتوجههم الى مصادر غير موثوقة والتي قد تصل أحيانا الى شراء الذهب عن بعد من خلال حسابات وهمية. هذا بالإضافة الى لجوء بعض محلات وورش الذهب نحو الخيارات الارخص من السبائك وان كانت بطرق غير شرعية ومن مصادر مشكوك فيها، لمجرد خفض النفقات وعقد صفقة مربحة كما يعتقدون، من دون ان يلتفتوا الى أن ذلك يضرهم ويزعزع أمن سوق الذهب المحلي بشكل كبير. وهذا بلا شك سهل الأمور على المزورين وحفزهم على الاستمرار وتوسيع نطاق شبكتهم.
• كيف تم الكشف عن الجريمة، وهل يكون تجار السوق على دراية بأي تجاوزات تتم، او اي عمليات مشكوك بأمرها بحكم الخبرة والتعامل المستمر فيما بين أصحاب محلات وورش الذهب؟
قمت باكتشاف الأمر شخصيا بعد ان عرضت على احدى محلات الذهب المعروفة شراء مجموعة من السبائك. وبحكم السياسة المتبعة لدينا في المحل والخبرة التي نملكها، قمنا بقص السبيكة لنكتشف أنها ليست ذهبا حقيقيًا، بل هو حديد مطلي بالذهب، وأن المحل المذكور كان من احد الضحايا الذين وقعوا في الفخ واشتروا سبائك مزيفة. وقمنا فوراً بإبلاغ الجهات المختصة التي قامت مشكورةً باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة بكل سرعة واحترافية.
ومع الأسف الشديد، فإن الوضع العام في السوق لا يخلو من وجود بعض التجار والعاملين في الورش الذين هم على دراية بهذه التجاوزات الخارجة عن القانون. بل يتبعون أساليب مشكوك بها، ويقومون بشراء السبائك بالدفع المباشر بدون ارصدة أو أي تحويلات رسمية حتى لا يتم الكشف عنهم. والتاجر المتمرس والأمين باستطاعته ان يميز الذهب المزور بخبرته وتعاملاته اليومية او من خلال الأجهزة والادوات التي تعتمد عليها بعض المحلات للفحص والكشف عن نقاء السبيكة وأصالتها، حيث إن سبائك الذهب الأصلية لها أوزان وأبعاد دقيقة ومختومة برقم تسلسلي ونقش عالي الجودة. لذا فإن أي خلل في الوزن أو الحجم يشير الى إمكانية التزوير. كما ان سعر السبيكة المنخفض الذي يقل كثيراً عن سعر السوق العالمي دليل واضح على ان هناك امرا غير سليم. لذا يجب الانتباه عند التداول بالسبائك، لتحظى بصفقة مربحة بدلا من الانجرار نحو الخسارة المدوية.
• هل تعتقد أن الرقابة على سوق الذهب البحريني كافية وقادرة على الحد من هذه النوعية من التجاوزات التي يقوم بها البعض؟
الرقابة موجودة والقوانين الموضوعة لردع المخالفين صارمة، ولكن التعاون بين التجار والجهات المعنية مطلوب لتتم السيطرة على السوق والحيلولة دون نجاح أي مخطط يخل بأمن ونزاهة تجارة الذهب البحريني. كما يجب التدقيق على تراخيص المحلات المملوكة للوافدين والمقيمين وخاصة المتخصصين في بيع السبائك. وذلك بسب تكرار حوادث النصب والاختلاس والتزوير من قبلهم وفرار أصحابها خارج البلاد فور الكشف عنهم. وهذا لا يعني بالضرورة أن هذه التجاوزات تقتصر فقط على الأجانب وان كانت النسبة الكبرى منها، بل إن هناك حالات من الغش كان لبعض المواطنين يد في حصولها.
جدير بالذكر، ان عمليات التزوير والنصب منتشرة في جميع دول العالم وبأشكال أخطر وأوسع، ولا تقتصر فقط على سوق الذهب البحريني والخليجي. وهنا يأتي دور التاجر والمستهلك في احترام القوانين لحفظ حقوقهم وعدم الإضرار بالاقتصاد المحلي والمحافظة على السمعة العريقة للذهب البحريني.
• هل تعتبر الذين تعرضوا للاحتيال شركاء في الجريمة أم ضحايا؟
تحديد ذلك يرجع إلى الجهات الأمنية المعنية، ولكن من وجهة نظري الشخصية ان التفريق بين الشريك والضحية يعتمد على مدى معرفتهم وادراكهم لحيثيات هذه العمليات. فكما ذكرت سابقاً، فإن البعض يكون على دراية بأن العملية غير قانونية ويقومون بالتستر عليهم والتعاون معهم للحصول على سبائك بأسعار أقل من سعر السوق العالمي. لذا فإن هؤلاء يعتبرون شركاء في الجريمة، بينما ينخدع البعض بالفعل ويكونون ضحايا لقلة وعيهم وخبرتهم بهذا المجال.
وبسبب هذا اللبس نرى أن العديد من ضحايا هذه الحوادث يترددون في ابلاغ السلطات اعتقاداً منهم بأنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، ويعتبرونهم متهمين في قضايا غير مشروعة، قد تشمل التزوير والنصب وغسل الأموال، ولكن من الأفضل دائمًا الإبلاغ عن الموضوع في أسرع وقت ممكن لتأخذ العدالة مجراها وترجع الحقوق إلى أصحابها وينال كل مخطئ عقابه.
• في الختام ما النصائح التي تقدمها للراغبين في الاستثمار بالذهب لضمان عدم الوقوع في فخ التزوير؟
سبائك الذهب المزورة هي قضية عالمية. ويتم إدخال هذه المنتجات المزورة إلى السوق من خلال قنوات مختلفة، بما في ذلك التجار عديمي الضمير، والأسواق الرقمية، وحتى عن طريق بعض المؤسسات المالية التي قد توزع سبائك مزيفة من دون علم. او قد يتم تصنيعها محليا.
لذا فإن الجهات المعنية في جميع دول العالم تضع القوانين والاجراءات للحد من هذه العمليات المشبوهة. كما ان التطورات التكنولوجية في أجهزة التفتيش والكشف بالمطارات والطرق البرية والبحرية، إلى جانب ضمانات الصناعة وزيادة الوعي، توفر دفاعا قويا ضد سبائك الذهب المزيفة. وبالنسبة الى أولئك الذين يتطلعون إلى الاستثمار في الذهب، يكمن المفتاح في فهم المخاطر واتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية أصولهم.
هناك أمور أنصح بالالتفات اليها عند شراء السبائك ولعل أهمها هو الشراء من محل مضمون الثقة ويُفضل شركة ذهب ذات اسم وعلامة تجارية معروفة ومعتمدة دوليا. ثانياً يجب ان تكون السبيكة مدموغة بدرجة النقاء وتحمل رقما تسلسليا وعليها ختم الشركة او المصنع المنتج لها. ثالثاً يجب الحرص على الحصول على فاتورة شراء السبيكة وعليها ختم المحل ومدون فيها كل مواصفات وعناصر السبيكة سواء سعر الجرام والعيار والوزن والقيمة.
وأكرر بأنه يجب على المستثمرين وهواة الجمع تثقيف أنفسهم حول مخاطر سبائك الذهب المزورة وشراء الذهب فقط من التجار ذوي السمعة الطيبة. وعدم التردد في طلب مشورة الخبراء للحصول على أفضل سعر واضمن سبيكة.
في الختام، سيظل الذهب رمزا للثروة والأمن، وسيستمر خطر التزوير بالرغم من التحذير. لذا نؤكد أهمية اليقظة والوعي والتكاتف لحماية هذا المعدن الثمين. والاعتماد على مصادر موثوقة عند الشراء، حتى تتمكنوا من الاستمتاع بفوائد الاستثمار في سبائك الذهب من دون الوقوع فريسة لمخططات النصب والاحتيال.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك