العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

المال و الاقتصاد

بدائل النيكوتين والصحة العامة: نجاحات فنلندا والسويد في مكافحة التدخين

بقلم الأطباء: كاري فينهو، وكيرسي تيمونين، وماريا هوتونين

الخميس ٠٥ سبتمبر ٢٠٢٤ - 02:00

سجلت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬انخفاضات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬المدخنين‭ ‬لديها‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬استطاعت‭ ‬فنلندا‭ ‬السير‭ ‬باتجاه‭ ‬تنازلي‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬المدخنين‭ ‬فيها،‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬اليوم‭ ‬11%‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬البالغين‭ ‬الذين‭ ‬تتراوح‭ ‬أعمارهم‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬و64‭ ‬عاماً‭ ‬ويواصلون‭ ‬التدخين‭ ‬يوميا،‭ ‬مع‭ ‬محاولات‭ ‬ومبادرات‭ ‬متواصلة‭ ‬لتقليص‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭. ‬أما‭ ‬السويد،‭ ‬فتكاد‭ ‬تصبح‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الدخان‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬عام‭. ‬لكن‭ ‬في‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مشروع‭ ‬تخفيض‭ ‬أعداد‭ ‬المدخنين‭ ‬بمثابة‭ ‬حلم‭ ‬صعب‭ ‬المنال‭.‬

المتمعن‭ ‬في‭ ‬النتائج‭ ‬المتناقضة‭ ‬لمحاولات‭ ‬تخفيض‭ ‬أعداد‭ ‬المدخنين‭ ‬بين‭ ‬بلد‭ ‬وآخر،‭ ‬سيجد‭ ‬أن‭ ‬السر‭ ‬إنما‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬نظرة‭ ‬المجتمع‭ ‬الطبي‭ ‬والصحي‭ ‬المتناقضة‭ ‬لبدائل‭ ‬النيكوتين‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يؤكد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأطباء‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬اختصاصي‭ ‬الأمراض‭ ‬الرئوية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الرفاه‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬فنلندا،‭ ‬كاري‭ ‬فينهو،‭ ‬والأستاذ‭ ‬المساعد‭ ‬واختصاصي‭ ‬علم‭ ‬وظائف‭ ‬الأعضاء‭ ‬السريرية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الرفاه‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬فنلندا،‭ ‬كيرسي‭ ‬تيمونين،‭ ‬وطبيبة‭ ‬الأمراض‭ ‬الجلدية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬خدمات‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬فنلندا،‭ ‬ماريا‭ ‬هوتونين،‭ ‬بأن‭ ‬تبني‭ ‬بدائل‭ ‬النيكوتين‭ ‬والمنتجات‭ ‬البديلة‭ ‬الخالية‭ ‬من‭ ‬الدخان‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬هدفا‭ ‬رئيسيا‭ ‬لابتكارها؛‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬مدخلاً‭ ‬لبلوغ‭ ‬هدف‭ ‬الإقلاع‭ ‬النهائي‭ ‬الذي‭ ‬يظل‭ ‬الخيار‭ ‬الأفضل‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يظل‭ ‬عاملاً‭ ‬فاعلاً‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأرواح‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬الوفاة‭ ‬المبكرة‭ ‬بسبب‭ ‬التدخين‭ ‬التقليدي‭ ‬للتبغ‭. ‬بمعنى‭ ‬أوضح،‭ ‬التحول‭ ‬لهذه‭ ‬البدائل‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬تماماً‭ ‬من‭ ‬المخاطر،‭ ‬إنما‭ ‬يبقى‭ ‬أخف‭ ‬وطأة‭ ‬من‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬التدخين‭ ‬التقليدي‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬الى‭ ‬الوفاة‭ ‬بسبب‭ ‬تبعاته‭ ‬الصحية‭ ‬السلبية‭.‬

وقد‭ ‬أشار‭ ‬الأطباء‭ ‬الثلاثة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تدخين‭ ‬التبغ‭ ‬التقليدي‭ ‬يتسبب‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬التي‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬أبرزها‭ ‬مرض‭ ‬سرطان‭ ‬الرئة‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تفلح‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الخبرة‭ ‬السريرية‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬عليه‭. ‬الأسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أن‭ ‬تبعات‭ ‬التدخين‭ ‬تمتد‭ ‬لتشمل‭ ‬الشعور‭ ‬بالذنب‭ ‬لدى‭ ‬المرضى‭ ‬تجاه‭ ‬أنفسهم؛‭ ‬جراء‭ ‬استهلاكهم‭ ‬التبغ،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أوضح‭ ‬الأطباء‭ ‬أنهم‭ ‬يلمسونه‭ ‬خلال‭ ‬متابعتهم‭ ‬اليومية‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬المرضية‭.‬

ويقول‭ ‬الأطباء‭ ‬الثلاثة‭ ‬وهم‭ ‬خبراء‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحة‭ ‬العامة،‭ ‬بأن‭ ‬أعداد‭ ‬المدخنين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مخيفة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يرضى‭ ‬عنه‭ ‬المجتمع‭ ‬الطبي‭ ‬والصحي‭ ‬الواعي‭.‬

ويرى‭ ‬الأطباء‭ ‬بالحديث‭ ‬حول‭ ‬أسباب‭ ‬انخفاض‭ ‬أعداد‭ ‬المدخنين‭ ‬في‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد،‭ ‬بأن‭ ‬تبني‭ ‬استراتيجية‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬كانت‭ ‬العامل‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬النتائج‭ ‬المتحققة‭ ‬في‭ ‬الدولتين‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمكافحة‭ ‬التبغ‭.‬

في‭ ‬فنلندا‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬المرضى‭ ‬من‭ ‬المدخنين‭ ‬فيها‭ ‬يحاولون‭ ‬التوقف‭ ‬والإقلاع‭ ‬عن‭ ‬التدخين،‭ ‬لكنهم‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬يرغبون‭ ‬باستهلاك‭ ‬النيكوتين،‭ ‬اتجه‭ ‬الأطباء‭ ‬الى‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬استراتيجية‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬المخاطر؛‭ ‬لمنح‭ ‬المرضى‭ ‬النيكوتين‭ ‬الذي‭ ‬ثبت‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬المسبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬للأمراض‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالتدخين،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬يسبب‭ ‬الإدمان‭ ‬ولا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬المخاطر،‭ ‬مع‭ ‬تجنيبهم‭ ‬‭ ‬بأكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬‭ ‬للتعرض‭ ‬للمواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬التي‭ ‬يحتويها‭ ‬دخان‭ ‬السيجارة‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬احتراقها‭ ‬والتي‭ ‬تؤدي‭ ‬الى‭ ‬تأثيرات‭ ‬إدمانية‭ ‬نفسية‭ ‬وفسيولوجية‭ ‬تخلق‭ ‬حاجزاً‭ ‬ومانعاً‭ ‬للإقلاع‭ ‬عن‭ ‬التدخين،‭ ‬والتي‭ ‬تتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬غالبية‭ ‬الأضرار‭ ‬والأمراض‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالتدخين‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالسويد،‭ ‬فكانت‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬التدخين‭ ‬والإدمان‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬به‭ ‬النيكوتين‭ ‬بمنهجية‭ ‬وضعت‭ ‬عبرها‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬حكومتها،‭ ‬مساندة‭ ‬المدخنين‭ ‬لإنقاذ‭ ‬حياتهم،‭ ‬ومنحهم‭ ‬الفرصة‭ ‬لخوض‭ ‬رحلتهم‭ ‬ضد‭ ‬التدخين‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف‭ ‬عما‭ ‬هو‭ ‬سائد،‭ ‬فوفرت‭ ‬لهم‭ ‬بدائل‭  ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أفضل‭ ‬عن‭ ‬التبغ،‭ ‬مثل‭ ‬منتجات‭ ‬السنوس‭ (‬تبغ‭ ‬المضغ‭)‬،‭ ‬وأكياس‭ ‬النيكوتين‭ ‬الحديثة،‭ ‬والسجائر‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬ومنتجات‭ ‬التبغ‭ ‬المسخن‭ ‬التي‭ ‬ثبت‭ ‬بالأدلة‭ ‬العلمية‭ ‬صحة‭ ‬الادعاءات‭ ‬القائلة‭ ‬إنها‭ ‬أقل‭ ‬خطورة‭ ‬من‭ ‬السجائر‭ ‬العاملة‭ ‬بالاحتراق؛‭ ‬لأن‭ ‬البخار‭ ‬الذي‭ ‬تولده‭ ‬يضم‭ ‬مواد‭ ‬كيميائية‭ ‬أقل‭ ‬بنسبة‭ ‬95%‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬التي‭ ‬يتحتويها‭ ‬دخان‭ ‬السجائر،‭ ‬وسمحت‭ ‬بتداولها‭ ‬بأسعار‭ ‬مقبولة‭.‬

ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬فنلندا‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬هدفها‭ ‬بأن‭ ‬تصبح‭ ‬دولة‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬التدخين،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬حوالي‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬ممن‭ ‬سيقلعون‭ ‬عن‭ ‬تدخين‭ ‬السجائر‭ ‬التقليدية،‭ ‬لكنهم‭ ‬سيواصلون‭ ‬استهلاك‭ ‬النيكوتين‭ ‬بأشكال‭ ‬أخرى‭ ‬مما‭ ‬يحصلون‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬الصيدليات‭ ‬أو‭ ‬المتاجر‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭. ‬وتشير‭ ‬البيانات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬الجمارك‭ ‬الفنلندية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إضفاء‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬أكياس‭ ‬النيكوتين‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬عمليات‭ ‬تهريب‭ ‬هذه‭ ‬المنتجات‭ ‬وتداولها‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الضرائب‭ ‬المرتفعة‭ ‬على‭ ‬أكياس‭ ‬النيكوتين‭ ‬قد‭ ‬تشجع‭ ‬أنشطة‭ ‬التهريب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬سبب‭ ‬انخفاض‭ ‬معدلات‭ ‬التدخين‭ ‬في‭ ‬السويد‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬فنلندا‭.‬

ويختم‭ ‬الأطباء‭ ‬الثلاثة‭ ‬بأن‭ ‬واجب‭ ‬الطبيب‭ ‬يحتم‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬كثيرة‭ ‬الاختيار‭ ‬بين‭ ‬الخطر‭ ‬والأقل‭ ‬خطورة‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬مصلحة‭ ‬المريض،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬الكفاح‭ ‬ضد‭ ‬التدخين،‭ ‬وجوب‭ ‬تحويل‭ ‬المرضى‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬الإقلاع‭ ‬عن‭ ‬التدخين‭ ‬إلى‭ ‬النيكوتين‭ ‬غير‭ ‬القابل‭ ‬للاحتراق‭ ‬كخيار‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬استهلاك‭ ‬التبغ‭ ‬من‭ ‬السجائر‭ ‬التقليدية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا