الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
ضرائب الشركات.. فوائد للوطن والاقتصاد
في الأول من يناير 2025 ستشهد مملكة البحرين تطبيق ضريبة الحد الأدنى الإضافية على الشركات المتعددة الجنسيات، التي تزيد إيراداتها السنوية الإجمالية العالمية على 750 مليون يورو.. فما الهدف منه؟ ولماذا سيتم تطبيق هذا القانون؟ وما الشركات التي يشملها القانون؟
من واجب الدولة أن تسعى لزيادة إيراداتها في ظل حرصها على النمو الاقتصادي، وانعكاس ذلك على ميزانيتها العامة، وعلى تطوير الخدمات للمواطنين والمقيمين، والأفراد والشركات والمستثمرين، وتوفير فرص العمل للشباب، وتحسين الحياة المعيشية للأسرة البحرينية، وسداد الالتزامات المتعددة على الدولة.
ومن حق أي دولة أن تستفيد من تلك الشركات التي أنشئت على أراضيها، وسمحت لأن تعمل فيها، واستفادت من خدماتها وتسهيلاتها، ومن مزاياها وتشريعاتها، بأن تنال الدولة حقها ولا تخسره، مما استفادت منه تلك الشركات، في ظل استفادة دول أخرى من تلك الشركات.
لذلك فإن تطبيق الضريبة بنسبة 15% على الأرباح المحققة على تلك الشركات في مملكة البحرين يضمن للدولة تحصيل الحد الأدنى العالمي للضريبة، وهو التزام دولي لمنظومة قانونية عالمية تشترك فيه مملكة البحرين، بصفتها عضواً في الإطار الشامل لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) منذ عام 2018، وبصفتها إحدى الدول الموقعة على مشروع الإصلاح الضريبي ذي الركيزتين في عام 2021، بالقواعد النموذجية لمكافحة تآكل الوعاء الضريبي وتحويل الأرباح (BEPS).
وبناء عليه، يمكننا القول بأن تطبيق هذا القانون يهدف إلى معالجة تآكل الوعاء الضريبي وتحويل الأرباح من قبل الشركات المتعددة الجنسيات ووضع نهج منسق بين الدول لضمان قيام الشركات المتعددة الجنسيات بدفع الحد الأدنى من الضرائب على أرباحها في كل دولة تعمل فيها.
تماما كما أن تطبيق القانون يضمن القضاء على تسرب الإيرادات، حيث إنه إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء، فسوف تخسر مملكة البحرين الإيرادات الضريبية في عام 2025 لصالح دول أخرى تطبق مشروع الإصلاح الضريبي ذي الركيزتين «الركيزة الثانية»، حيث تؤكد هذه القواعد إلزام الشركات المتعددة الجنسيات بدفع حد أدنى عالمي للضريبة نسبته 15% على أرباحها في كل دولة تعمل فيها، بغض النظر عن مكان وجود كيانها الأم النهائي.
يجب أن نعلم أن التطبيق سيقتصر على الشركات المتعددة الجنسيات التي تزيد إيراداتها السنوية على مستوى المجموعة حول العالم على 750 مليون يورو، وليس كل الشركات المتعددة الجنسيات، وهذا أمر بالغ الأهمية والوضوح، حتى لا تختلط الأوراق والأمور ويساء الفهم.
كما يجب أن ندرك أن هناك أكثر من 140 دولة، بما فيها جميع دول مجلس التعاون الخليجي، قد التزمت بالإطار الشامل الذي أقرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.. أي أن مسألة الضريبة هنا ليست توجه بحريني منفرد، كما أنها لا تنطبق على جميع الشركات في مملكة البحرين، إنما سيتم تطبيقها على الشركات الكبيرة المتعددة الجنسيات العاملة في المملكة، والتي تتجاوز إيراداتها السنوية على مستوى المجموعة حول العالم 750 مليون يورو.
بالأمس أشار السيد جمال فخرو إلى أن دخل الضريبة لدولة الإمارات على أكبر 20 شركة بلغ 15.3 بليون درهم خلال ستة أشهر.. ولنا أن نتصور حجم المبالغ التي يمكن أن تضمنها إيرادات الدولة من الشركات المتعددة الجنسيات التي تعمل فيها.
وأذكر أن السيد جمال فخرو تحدث في ندوة صحفية منذ سنوات وقال: في السابق كانت مملكة البحرين (وفق نظامها المالي والضريبي الحالي) تتنازل فعليًّا للحكومات الأجنبية عن الضرائب المحسوبة على أرباح هذه الشركات الأجنبية العاملة في المملكة، وذلك بمقتضى اتفاقيات منع الازدواج الضريبي الموقعة مع عدة دول ستضمن الشركات الأجنبية العاملة في البحرين عدم دفع الضريبة مرتين. كما أنه لا خوف من مبدأ فرض الضرائب على استقطاب الاستثمارات، فحتى الدول التي تسمى ملاذات ضريبية، تفرض فيها ضرائب، ولكن بمعدل أقل، وإلا كيف لهذه الدول أن تمويل موازناتها؟
تبقى عدة تساؤلات واجبة الإجابة والتوضيح في هذا الصدد للشارع الاقتصادي والاستثماري، وتتمثل في: بيان أهمية الضريبة لدعم الميزانية العامة للدولة، وتأثير الضريبة على استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وضرورة مراجعة الرسوم المفروضة على الأعمال الآن في حال فرض الضريبة، وضرورة إعطاء فرصة للتطبيق بين صدور القانون وبدء سريانها، وهل ستسري على الشركات الأجنبية فقط أم جميع الشركات التي يزيد دخلها أو رأسمالها على حد معين؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك