يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الإرهاب اليميني في الغرب
حين جرت الانتخابات في فرنسا مؤخرا سادت حالة من الرعب والهلع في أوساط الطبقة السياسية الحاكمة في اعقاب ظهور نتائج الجولة الأولى، اذ اجتاحت احزاب اليمين المتطرف الانتخابات وتصدرت النتائج.
على الفور لم يعد هناك حديث في فرنسا سوى ان هذه الأحزاب اليمينية في طريقها الى الفوز بالجولة الثانية من الانتخابات وبالتالي حكم فرنسا وتشكيل الحكومة.
حالة الرعب التي اجتاحت الطبقة السياسية سببها انها اعتبرت فوز هذه الأحزاب سيكون بمثابة انقلاب سياسي كامل في فرنسا ستترتب عليه نتائج كارثية رهيبة على كل المستويات وليس فقط بالنسبة للمهاجرين الذين تعاديهم هذه الأحزاب.
وتنفست الطبقة السياسية الصعداء عندما تراجعت هذه الأحزاب في الجولة الثانية وبالتالي زال خطر حكمها لفرنسا. ومع هذا ما زال هذا الخطر يمثل كابوسا في فرنسا.
وفي بريطانيا شهدت البلاد اعمال عنف وتخريب رهيبة في كل المدن تقريبا. اعمال العنف بدأت عندما انتشرت معلومة كاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي تزعم ان مهاجرا مسلما تورط في مقتل ثلاث فتيات. على الفور حشدت الأحزاب اليمينة المتطرفة كل قواها، واجتاحت المدن البريطانية تدميرا وتخريبا. وبالطبع كان المسلمون هم الهدف الأول للاعتداءات اليمينية، وشهدت البلاد اعتداءات على المساجد وممتلكات المسلمين، وامتدت الاعتداءات الى كل المهاجرين والأقليات الأخرى بشكل عام.
حالة من الرعب أيضا اجتاحت السلطات البريطانية حتى ان عمدة لندن المسلم قال انه شخصيا لم يعد يشعر بالأمان في البلاد. السلطات انتابتها حالة من الفوضى والارتباك من هول ما شهدته البلاد من اعمال العنف والتخريب العنصرية التي يقودها اليمين المتطرف. وتحدث البعض عن احتمالات اندلاع حرب اهلية في بريطانيا.
وفي أمريكا، وكما سبق وكتبت، تسود حالة من الخوف والهلع على كل المستويات، حول احتمالات اندلاع اعمال عنف واسعة النطاق في البلاد وحدوث مواجهات دامية مع الانتخابات الرئاسية القادمة، حتى ان الرئيس الأمريكي بايدن نفسه أعرب عن شكه في حدوث انتقال سلمي للسلطة بعد الانتخابات. وبالفعل الجماعات اليمينية والمليشيات المسلحة في أمريكا تحشد قواتها وتضع خططها تحسبا لهذا الاحتمال. وأيضا يتخوف الكثيرون علنا من احتمال اندلاع حرب اهلية في البلاد.
اذن، من أمريكا، الى أوروبا، وحش اليمين المتطرف يفتك بهذه الدول. والسلطات الحاكمة لا تعرف بالضبط كيف تتعامل معه وتردعه باستثناء ما فعلته بريطانيا مثلا من إجراءات قمعية شديدة للذين شاركوا في اعمال العنف الأخيرة. نعني ان هذه الدول لا تملك في حقيقة الأمر استراتيجية سياسية رشيدة وواضحة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة بعيدا عن الإجراءات الوقتية مع كل تطور جديد يحدث.
مسؤول كبير سابق في الشرطة البريطانية هو نيل باسو، الذي كان مديرا لجهاز مكافحة الإرهاب، وصف أعمال العنف والشغب، التي شهدتها البلاد بأنها «تجاوزت الحدود لتدخل في دائرة الإرهاب». وقال «إنه يأمل أن ينتبه المسؤولون إلى هذه المسألة وينظروا إليها عن كثب». واضاف ان هذه الأعمال هي «أعمال عنف خطيرة تهدف إلى ترهيب فئة معينة من المجتمع، ويتعين على المسؤولين التدقيق في المعنى القانوني للإرهاب عندما يتعاملون مع هذه الأعمال».
الأمر هو هكذا بالفعل كما وصفه المسئول البريطاني. اليمين العنصري المتطرف أصبح وحشا إرهابيا كاسرا في الدول الغربية.
بطبيعة الحال ما يحدث في أمريكا والدول الأوروبية على هذ النحو يهدد بتقويض استقرار هذه البلاد، وبتفجير صراعات أهلية اجتماعية لا حدود لها، وبتدمير النسيج الاجتماعي والمؤسسات السياسية.. الخ.
السؤال هو: كيف وصل الغرب الى هذا الحال؟.. ما هي الأسباب والعوامل التي تقف وراء توحش اليمين الإرهابي على هذا النحو؟.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك