تصوير: محمد سرحان
يعتبر المطبخ البحريني كغيره من المطابخ الأخرى التي تضم العديد من الوصفات التي يعود تاريخها إلى ماض عريق ارتبط به السكان منذ القدم. كما وارتبط إعداد وتناول الأطعمة بالعديد من الموروثات الشعبية كالعادات والتقاليد إلى جانب المعتقدات الشعبية والطقوس المتوارثة، إذ لايزال الطعام في يومنا هذا يحظى بتأثيره الخاص على حياة الأفراد بصفته المادة الأساسية التي يتغذى عليها الجسم وتساعده على النمو والحركة.
وتعكس ثقافة الأطعمة في البلدان والتاريخ الممتد إلى بعض المطابخ الحالة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية إلى جانب الذوق العام. ولا شك أن للبعد الجغرافي والإقليمي أيضاً تأثيره الخاص فيما يتم تناوله من قبل الأفراد سواء من الأطعمة أو المشروبات على حد سواء.
وللحديث عن المطبخ البحريني لا بد أن نستذكر الموقع الجغرافي المهم الذي تحتله مملكة البحرين مما جعلها محطة لالتقاء الحضارات بالرغم من اختلاف مستوياتها. كما وساهم الغذاء بشكل خاص في تشكيل مكونات العلاقات التجارية بين البحرين والمناطق الأخرى، أمر كهذا أثر على المطبخ البحريني في تنوع مكوناته الغذائية إلى جانب تداخل أنواع الأطعمة المختلفة فيه وأدوات الطهي أيضاً.
وفي هذا الصدد، أفاد الدكتور يوسف النشابة، باحث في التراث البحريني: «في إطار استعراضنا للتراث الثقافي لمملكة البحرين، نجد أن المطبخ البحريني هو جزء لا يتجزأ من هذه الثقافة العريقة، حيث يتميز بخصوصية تميزه عن غيره من المطابخ العربية، ويعكس تاريخاً طويلاً من التأثيرات المتبادلة والتبادل الثقافي بين الشعوب».
وتابع: «يشكل المطبخ البحريني جزءا من المطبخ الخليجي الذي اعتمد بشكل رئيس على ما تجود به الطبيعية من خضار والبحر بما به من أسماك متنوعة وذلك بسبب طبيعة دول الخليج الجغرافية التي تضم العديد من المزارع والشواطئ، وبسبب ذلك أصبحت محط أنظار للتبادل التجاري والثقافي أيضاً».
وأكمل موضحاً: تأثر المطبخ البحريني بشكل خاص بالمطبخ الهندي، حيث كان الهنود يحملون معهم مجموعة من الأطباق، مثل البرياني وغيره من الأطباق الأخرى وما تحتويه من التوابل التي لاقت استحسان الناس وأصبحت جزءا من المطبخ البحريني، ولهذا أصبحنا نرى تزاوجاً بين المكونات وتقنيات الطبخ من ثقافات مختلفة، مما أثّر بشكل كبير على ما نعرفه اليوم كمطبخ بحريني».
ولفت: «إنه كان في السابق تتوافر الأسماك الخضراوات بكثرة بسبب الطبيعة الزراعية والبحرية في المنطقة، ومع ذلك، كانت اللحوم نادرة، والدجاج، رغم توافره، حيث كان يستخدم الدجاج لإنتاج البيض ويفضل الحفاظ عليه بديلاً عن ذبحه. لذا، كان الطهي يعتمد بشكل كبير على السمك والخضراوات والأرز المستورد من بلاد الهند».
وذكر: «في فصل الصيف، حيث تكون الأسماك وفيرة، لدفء المياه؛ كان السماكون يقومون بتجفيف الأسماك والروبيان، وتخزينها لاستخدامها في الشتاء عندما يقل الصيد».
وأشار: «قديماً كان طبخ الطعام يتم في أوانٍ فخارية تُعرف بـ «البرمة»، وهي إناء فخاري يمتاز بقدرته على الاحتفاظ بالحرارة، مما يسمح بطهي الطعام بشكل متساوٍ ولذيذ، ويشابه هذا الأسلوب طريقة الطهي في دول البحر الأبيض المتوسط مثل اليونان وقبرص، حيث يتم طهي الطعام في الأفران التقليدية».
وحول أشهر الأطباق التي اشتهر بها المطبخ البحريني بتقديمها، قال: «هناك العديد من الأطباق مثل المجبوس، ويعتبر الطبق الرئيس في المطبخ البحريني إلى جانب طبق «المحمر» الذي يحضر عن طريق خلط الأرز مع دبس التمر، ويتميز هذا الطبق بلونه المحمر وطعمه الحلو، ويعتبر من الأطباق التي توفر الطاقة والدفء في فصل الشتاء، وكذلك طبق (المطعم) وهو خليط بين السمك المجفف المالح والأرز المحمر الحلو وهو من الأطباق الشتوية».
جدير بالذكر المجتمع البحريني يشكل أحد المجتمعات العربية إلى جانب احتكاكه بالشعوب والحضارات والثقافات الأخرى وردت إلى المجتمع البحريني أصناف متنوعة من الأطعمة والأطباق وعلى وجه الخصوص من الهند والعراق ومصر وبلاد الشام وغيرها من الدول الأخرى، وقد تم ادخال بعض التغييرات على تلك الاطعمة لتتناسب مع الذوق المحلي وتصبح بعد ذلك إحدى الأطعمة الشعبية التي تضمها السفرة البحرينية والخليجية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك