زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
دليلك إلى جائزة نوبل
قبل شهور قليلة وزعت لجنة جائزة نوبل الملايين باليمين والشمال لمن حققوا انجازات لفتت الانتباه خلال العام المنصرم (2023)، وكما حدث طوال نحو العشر سنوات الأخيرة، فقد كان الفائز بجائزة الآداب نكرة خارج بلاده، وشخصيا لم أسمع به وأتحداك لو تعرف من هو، ولكنه فيما قرأت كتب أعمالا «لا بأس بها»، على كل حال هو نرويجي اسمه يون فوسه، كتب نصوصا مسرحية لقيت الرواج في بلاده. وعدت بالذاكرة الى الوراء، فقد كانت هناك امرأة تؤلف مقطوعات موسيقية لم يستمع إليها أحد، وكتبت روايات لم يقرأها أحد، ونالت جائزة نوبل للآداب، وأجزم بأن تلك المرأة النمساوية «مغمورة» لأنني قرأت معظم الروايات «اللي عليها القيمة» لكتاب من مختلف القارات، أو سمعت بها، ولم أجد الوقت الكافي لقراءتها، ولكن لا بأس في ذلك، فعندما نال الروائي المصري نجيب محفوظ تلك الجائزة لم يكن 85% من أبناء العالم العربي قد سمعوا به، وكان من بين هؤلاء نحو 80 مليوناً لا يعرفون القراءة والكتابة، وفوقهم نحو 10 ملايين أمي يحملون درجات جامعية ويحسبون أن محفوظ هو مدرب فريق الأشبال في نادي دمنهور. المهم مبروك لتلك السيدة وأمثالها من أعماق قلبي، فقد فتح نيلها لجائزة نوبل للآداب أبواب الأمل أمامي، فلدي رواية شرعت في كتابتها قبل 25 عاما وأعدت قراءتها مؤخرا، ودخلت على الفور دورة المياه للتخلص منها بعيدا عن العيون، ولحسن حظي كانت «مشغولة»، ونجا مشروع روايتي من الإعدام غرقا في السايفون (أرجو من المصححين عدم إعادة كتابتها بعد حذف الألف التي تلي حرف السين.. لأن تلك الألف موجودة في الكلمة الأصل بل ينبغي عدم كتابتها بالواو بعد الفاء). وسأكملها فور حل القضية الفلسطينية، وأرسلها إلى لجنة نوبل كي تنظر في أمر منحي ولو مليون دولار لأتقاعد عن العمل، وليمت أدونيس كمداً!
أما الذي «بط كبدي» وفقع مرارتي، ونفخ قولوني فقد كان منح جائزة نوبل للسلام للسيدة ونغاري ماتاي من كينيا، في عام 2015 ولو منحوها لفاروق الفيشاوي لكان ذلك باردا على قلبي، فقد نالت ماتاي هذه الجائزة لأنها زرعت بضع أشجار. حسنا ثلاثين مليون شجرة، ولو كنت أعرف أن زراعة الأشجار تعود على الإنسان بالملايين، لغادرت المدرسة مبكرا وظللت في بلدتي الصغيرة «بدين»، تلك الجزيرة التي يحيط بها النيل من كل الجهات لأتفرغ للزراعة، وحقيقة الأمر هي أنني أحب الخضرة كثيرا، أحب الخضرة والماء والوجه الحسن، والماء متوفر في «الخليج» الذي ظللت أعيش على شواطئه طوال ثلاثة عقود، والوجه الحسن؟ ما يحتاج! نظرة مني إلى المرآة تكفي! والخضرة؟ عندي في بيتي نباتات ظل تجعلك تحسب أنك في «مشتل»، وعندي في فناء البيت زهور وصبار وشجيرات جميلة ونعناع وبقدونس. أحب النعناع كثيرا، وأكره البقدونس ولكن قبلت بزراعته في حوض صغير في البيت لأن زوجتي قالت إن بديل البقدونس سيكون الكوسا، والنوم في بيت تنبت فيه الكوسا أقسى على قلبي من الجلوس أمام ناقة أو فيفي عبده.
ولكن السؤال الأهم هو: ما علاقة الأشجار بالسلام؟ الكلام الذي قالته أكاديمية نوبل عن أن حماية البيئة تعتبر خدمة للسلام، لا يمكن أن يقنع شخصا معرفته بقضايا الصراعات والسلام مثل معرفة المطربة روبي بمسائل الحلال والحرام، ولكن نيلها للجائزة يفتح فرصا كثيرة أمامكم أيها القراء: بعضكم يتخصص في شراء السمك وإعادته إلى البحر «حماية للبيئة البحرية»، وبعضكم يشتري كل أشرطة نانسي وهيفا وأليسا وروبي إلخ ويلقي بها في البحر الميت منعا لاتساع ثقب الأوزون. بس إياك تقول في نتنياهو أو ساكن البيت الأبيض كلمة كده وللا كده فتنال حق الإقامة في منتجع غوانتنامو حيث لا أحد يستطيع أن «يناموا».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك