الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
د. غازي القصيبي.. الحاضر دائما
يوم الخميس القادم 15 أغسطس يوافق الذكرى الـ«14» لرحيل الوزير والسفير والشاعر السعودي «د. غازي القصيبي» رحمه الله، صاحب الشخصية الخليجية الاستثنائية، في مختلف المجالات والمناصب والمسؤوليات.
كان لمملكة البحرين.. الأرض والقيادة والشعب.. المكان والنشأة والزمان.. المسؤوليات والذكريات والأصدقاء.. مكانة رفيعة ومتميزة لدى د. غازي القصيبي، وسجل ذلك في الكثير من مواقفه المشرفة وقصائده.
في عام 1986 حينما تم افتتاح جسر الملك فهد الذي يربط مملكة البحرين مع المملكة العربية السعودية الشقيقة كتب قصيدة بعنوان «درب من العشق»، جاء فيها: «درب من العشق لا درب من الحجر.. هذا الذي طار بالواحات للجزر.. نسيتُ أين أنا إن الرياض هنا.. مع المنامةِ مشغولانِ بالسمَرِ.. أم هذه جدةٌ جاءت بأنجُمِهَا.. أم المُحَرقُ زارتَنا معَ القَمَرِ.. وهذه ضحكاتُ الفجرِ في الخُبرِ.. أم الرفاعُ رنت في موسمِ المطرِ..».
نحن من جيل قرأ وتأثر بكتابه «حياة في الإدارة»، وتعرف كيف يكون المسؤول إنسانا قبل أن يكون وزيرا، وكيف يصبح إيجابيا ويتفاعل مع الموظفين والمراجعين قبل أن يصبح رقيبا ومحاسبا.
حدث خلال توليه وزارة الكهرباء السعودية أن انقطع التيار الكهربائي عن أحد أحياء العاصمة الرياض فذهب إلى مقر العمل باكرا، وجلس في مكتب السنترال، ليتلقى الشكاوى الهاتفية مع الموظفين، وأثناء تلقيه الاتصالات من أحد المواطنين غاضبا ولم يعرف أن الذي رد على المكالمة هو د. غازي القصيبي: «قل لوزيركم الشاعر أنه لو ترك شعره واهتم بعمله لما انقطعت الكهرباء عن الرياض» فرد عليه الوزير القصيبي: «شكراً.. وصلت الرسالة».. فقال له المواطن: ماذا تعني؟ فقال له: أنا الوزير شخصيا، فاستغرب المواطن وتعجب وقال له: احلف بالله؟ فقال له: والله.. فما كان من المواطن إلا أن أغلق الهاتف متعجبا ومحرجا من الموقف.
في العام الماضي، بمناسبة مرور 13 عاما على رحيل د. غازي القصيبي، كتب الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن التركي قائلا: «لا يمكن النظر إلى غازي القصيبي على أنه واحد بل هو متعدّد.. ولا يمكن النظر إليه على أنه شاعر، أو روائي فحسب.. أو باحث أو أكاديمي أو وزير أو سفير أو ما تلا هذا أو تبعه.. وما اهتم به من أنشطة متعدّدة.. لذلك فإن بقاء القصيبي بيننا على الرغم من مرور ثلاثة عشر عاما على وفاته وبجذوة لم تختلف لا يمكن أن يُعزى الى أي اهتمام آخر أو الى أي وسيط آخر، فهناك من رحلوا وربما كانوا أكثر وجاهة في المجتمع، وأكثر مقدرة على التواصل والتأثير في حياة الآخرين، ولكن حضور غازي القصيبي امتدّ بيننا وسيظلّ ممتدّا أكثر».
لذلك أرى من الوفاء الجميل لو بادرت مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني في مملكة البحرين بتنظيم جلسة حوارية عن فكر وإدارة د. غازي القصيبي رحمه الله، بمناسبة ذكرى «14» عاما على رحيله.
ذات مرة سُئل «د. غازي القصيبي» رحمه الله ما أفضل شيء عملته في حياتك؟ فأجاب قائلا: بـ«المعيار التعليمي»، أفضل ما عملته هو التدريس في الجامعة، لأنه مكنني أن أرى من بين تلاميذي أساتذة ومسؤولين يخدمون الوطن.. وبـ«المعيار التنموي» فإن أفضل ما عملته هو أنني أسهمت في العملية التنموية الشاملة التي شهدتها المملكة.. وبـ«المعيار الحقيقي» فإن أفضل شيء يمكن للإنسان أن يعمله هو ما يراد به وجه الله وحده، الباقيات الصالحات.. فرصيدي الوحيد هو الأمل في رحمة الرحمن الرحيم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك