عايشنا عن قرب تفاصيل البطولة الآسيوية تحت 18 عاما للكرة الطائرة التي استضافتها المملكة على مدار تسعة أيام من 28 يوليو الفائت حتى 5 أغسطس الجاري، ولا يختلف اثنان على أن المستوى الفني العام للبطولة كان مرتفعا، وهناك منتخبات ظهرت بشكل ومضمون يفوق المرحلة العمرية التي تلعب تحتها، ومن الطبيعي أن البطولة حفلت بالكثير والكثير من المواقف والدروس والعبر، ونحاول في هذه الوقفة أن نتوقف عند بعض المحطات بالإشارة والتعقيب معا.
الدور الثاني والمركز السابع
خاض منتخبنا البطولة بعيدا عن الضغوط بحسب تأكيد رئيس الاتحاد الشيخ علي بن محمد آل خليفة الذي قال لنا في تصريح موثق: نحن كمجلس إدارة طالبنا المنتخب اللعب بدون ضغوط، ونعرف جميعا بأن المنتخب كان هدفه التأهل إلى الدور الثاني ليكون ضمن المنتخبات الثمانية، وتحقق ذلك في الرمق الأخير أمام المنتخب الأسترالي.
وإذا ما أردنا أن نسمي الأشياء بمسمياتها، فإن منتخبنا الوطني خاض البطولة بشعار «رحم الله من عرف قدر نفسه» وخاصة أن العناصر تشارك للمرة الأولى في مثل هذا المسمى من البطولات، وتلعب أمام منتخبات لها ثقافتها الخاصة، هذه الثقافة لم يسمع حتى بها لاعبو المنتخب، بل لم يعايشوها إلا في هذه النسخة.
ونجح منتخبنا في اقتناص المركز السابع وهو مركز مناسب وفق الإمكانات ووفق ظروف المنتخبات المشاركة، وتعد النتيجة التي حققها منتخبنا هي النتيجة الأفضل مقارنة بما حققته بقية المنتخبات الشقيقة مثل لبنان في المركز 14، والسعودية في المركز 15، والكويت في المركز 16 (المراكز الثلاثة الأخيرة).
العارف لا يعرف
رصدنا مدرب المنتخب الياباني تاكيشي هيرويوكي خلال الأوقات المستقطعة، فالياباني يكتفي فقط بطلب مثل هذا الأوقات، ولكنه يقف يتفرج ويستمع إلى ما يقوله لاعبوه لبعضهم البعض، ولا يتدخل بقول أي كلمة.
وكان الفضول يراودني كي أسأله عن ذلك، عندما التقيته في منصة صالة عيسى بن راشد في الرفاع.
وسبق أن لفتنا النظر وقلنا إن مدرب منتخب أمريكا خلال كأس العالم للشباب قال لنا لما سألناه عن سبب عدم تحدثه للاعبيه خلال الأوقات المستقطعة: الكلام يكون في الغرف والاجتماعات المغلقة، أما في المباريات فالمطلوب هو ترجمة ما قيل لأداء في الملعب.
والياباني تاكيشي يريد أن يلفت النظر إلى أن لاعبيه على معرفة بالأخطاء التي ارتكبوها، ولا يحتاجون إلى من يذكرهم بذلك، ولهذا يتركهم يناقشون أخطاءهم بأنفسهم.
شوندي.. حكاية أخرى
على مدار المباريات التي لعبها المنتخب الصيني لم يفارق الملف يد مدربه هو شوندي الذي كان يحمله طوال المباراة، ولاحظنا أنه كان يدون فيه كل شاردة وواردة يقوم بها لاعبوه أثناء المباراة، رغم وجود المرافق الإحصائي مع المنتخب، وكنا نلاحظه يسجل فيه كل لعبة يؤديها لاعبوه، ويبقى السؤال المعلق: ماذا كان شوندي يرصد؟ وماذا كان يكتب؟
سور الصين العظيم
أثبت منتخب الصين الحاصل على لقب البطولة بأنه «سور الصين العظيم» عن حق وحقيقة، فقد أثبت لاعبوه العمالقة أطوالا وأداء بأنهم مصداق من مصاديق سورهم العظيم.
من شاهد أداءهم أمام منتخبنا لا يمكن أن يصدق بأن هذا المنتخب هو من فاز على المنتخب الإيراني في دور المجموعات وتصدر مجموعته الثالثة، ومن شاهد منتخب الصين في المباراة النهائية أمام المنتخب الإيراني لن يصدق بأن هذا المنتخب هو الذي لعب أمام منتخبنا.
وأثبت الصينيون أن المنتخب القوي دائما ما يظهر وجهه الحقيقي أمام المنتخبات القوية التي تناطحه رأسا برأس، وفي المباراة النهائية أمام المنتخب الإيراني لعب الصينيون بذكاء وبثقافتهم الآسيوية من وجهة نظرنا، في الوقت الذي دفع فيه الإيرانيون في نهاية الطواف الثمن باهظا عندما بالغوا في اللعب على الأطراف دون استثمار مركزي 3 و6 رغم وجود عناصر مبرزة يمكنهم إعطاء الإضافة من خلال تفعيل المركزين.
وقد قدم الإيرانيون خدمة على طبق من ذهب عندما اقتصر هجومهم على مركزي 4 و2 وهذا سهل مأمورية حوائط صد الصين العالية زد على ذلك أن الأخير لديه حصانة دفاعية في التغطية الخلفية، ورغم أن الصينيين لعبوا على الأطراف ولكن كرتهم كانت منخفضة الارتفاع وسريعة، فضلا عن تفعيل مركز 3 و6، فالصينيون هاجموا بالمدرستين الآسيوية والحديثة، ودافعوا وغطوا ملعبهم وفق الثقافة الآسيوية، أما عن صانع ألعابهم هاوكين الحاصل على جائزة افضل صانع لعب في البطولة فحدث ولا حرج، ونحن نتكلم عن صانع لعب تحت 18 عاما، فالدرس البليغ الذي على كل من يواجه منتخبات شرق آسيا أن يأخذه بعين الاعتبار ويحذره يتمثل في الحذر من إرجاع كرة سهلة لهم لأنهم سيعيدونها لك قنبلة ولن تدري من أي حدب أو صوب يوجهونها لك.
الباكستان القنبلة الموقوتة
هل هناك أحد دخله الاستغراب جراء حصول المنتخب الباكستاني على المركز الثالث والميدالية البرونزية، هذا المركز له شأن عند الباكستانيين وخاصة أن الفوز جاء على حساب منتخب كان بطلا للنسخة السابقة أضف لذلك أن اليابانيين لم يكونوا في البطولة «الطوفة الهبيطة» غير أن مجيئهم في المركز الرابع هذا في حد ذاته يترك علامتي سؤال وتعجب.
فالذي يستغرب من برونزية الباكستانيين نقول له: لا تستغرب، فهناك من يرى أن الباكستانيين يستحقون اللعب في النهائية، ولو حصل ذلك فلا عجب، فالمنتخب يملك ضاربين قويين يمكن أن يصنفوا بأنهم أصحاب مهمات خاصة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك