زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
بول الإبل فيه شفاء؟
زاوية غائمة
لا تغيب عن بالي قط ذكرى الحبيب الراحل الدكتور غازي القصيبي، رحمه الله، ليس لأنه من قدمني الى الصحافة السعودية التي قدمتني بدورها الى صحف عدد من الدول العربية، ولكن لأنني احتفظ بدواوين شعره على طاولة مكتبي على الدوام، ولأنه كان شخصا حلو الروح ودودا ظريفا، ومتواضعا بدليل انه من بادر بالتواصل مع شخص أكثر من «عادي» مثلي، بل شجعني على اصدار كتابي «زوايا منفرجة وأخرى حادة» وكتب مقدمته.
وفي الفترة التي كان فيها القصيبي سفيرا للسعودية لدى بريطانيا بعث إليّ رسالة عن طبيب سوداني أجرى بحوثا أثبتت ان بول الإبل يعالج حالات معينة من التهابات الكبد، واعترف بأنني كتبت مقالا استخف فيه بهذا الاكتشاف، وأعاتب الطبيب بكلام مثل: ما لقيت غير بول الإبل تعمل عليه أبحاث. كان الطبيب فيما أذكر يحمل اسم أوهاج ما يدل على أنه من القبائل البجاوية التي تعيش في شرق السودان وتشتهر بتربية الإبل، وكان قد لاحظ ان قومه يتداوون ببول تلك الكائنات فكان ان أجرى تجارب سريرية في عدد من المستشفيات قبل ان ينشر نتائج دراسته، ثم تلقيت رسائل إلكترونية عديدة أكد أصحابها ان التداوي ببول الإبل مجرب ومؤكد المفعول منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. بل ان قارئة أبلغتني أن وقوف المرأة تحت الناقة لتلقي بولها مباشرة على رأسها يكسب الشعر لونا أشقر تدوم شقرته أكثر من الأصباغ الكيميائية، فكرهت الشقراوات منذ ذلك اليوم لأنني صرت أتخيل أنهن جميعا يأخذن «دُوش» من الإبل.
وقبل سنوات قليلة قرأت خلاصة تقرير أصدره الدكتور أحمد عبدالله عميد كلية المختبرات الطبية بجامعة السودان يؤكد أن بول الإبل ناجع بالفعل في علاج أورام الكبد، وأن خلط بول الإبل مع لبنها بجرعات محسوبة يؤدي إلى علاج الاستسقاء (انتفاخ البطن الناجم عن نقص الزلال أو البوتاسيوم)، ويمضي الدكتور عبدالله معددا فوائد بول الإبل ويقول إنه يساعد على خفض معدل السكر في الجسم بدرجة ملحوظة لأن تركيب الأحماض الأمينية في بول الإبل يماثل تركيبها في هرمون الإنسولين، ولكن المفاجأة بالنسبة إلي تمثلت في قول صاحبنا ان بول الإبل يستخدم سلفا كشامبو ما يعني ان الشقراوات اللواتي تؤلف النكات حول غبائهن في واقع الأمر عاليات الذكاء بدليل أنهن عرفن سرا لم تعرفه ذوات الشعر الأسود أو البني! ولكن شيئا ما قاله الدكتور السوداني «سد نفسي»؛ فقد ذكر في تصريحات صحفية ان بول الإبل يصلح كمحفز جنسي للذين يعانون من ضعف في الذكورة! أرجو ان يكون الرجل مخطئا في هذه الجزئية، وحتى إن كان مصيبا فإنني أعتقد ان إحلال بول الإبل محل الحبة الزرقاء سينسف الحياة الزوجية، فالبصل والثوم مفيدان في خفض ضغط الدم وتعزيز مناعة الجسم، ومن يتعاطاهما بكميات تجارية قد يكسب صحة جسدية طيبة ولكنه سيصاب حتما بأمراض نفسية بعد أن يهجره الأقارب والأباعد.
المهم انه تأكد ان بول الإبل ذو خواص طبية علاجية، وقد شرعت في إجراءات احتكار تعليبه وتصديره، بل قد أعود الى السودان لافتتاح حظيرة للإبل (يقولون إن بول البكر منها هو الأكثر فائدة) حتى أتمكن من بيع البول الفريش الطازج للمرضى، ويتطلب ذلك إقامة فندق قرب الحظيرة. ومن يربون الإبل يشهدون للسودانيات منها بالجمال والرشاقة والأنوثة، فأهلا بكم زبائن في شركة أبو الجعافير لبول البعير. وبما انني أعاني من رهاب (فوبيا) الإبل ولا أطيق مجرد النظر اليها فمرحبا بطلبات الراغبين في العمل في مجال تسويق بولها على ان يكونوا من حملة درجة الدكتوراه لأن وجود بائع أناديه بدكتور فلان يعطي الزبائن انطباعا طيبا ويعطيني فرصة شرشحة تلك النوعية من الدكاترة التي تسير في الأرض مرحا مختالة فخورة.. على الفاضي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك