زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
التلفزيون وبيع الوهم
أقر وأعترف بأنني كتبت كثيرا عن نانسي عجرم وفيفي عبده ورزان وأليسا وهيفا وغيرهن من نواقض الوضوء، كلاما ليس فيه كلمة طيبة واحدة بحقّ أي منهن (كنت أناقش مع بعض الأصدقاء مجريات الأحوال في ليبيا، وكيف إن من قتلوا بعد سقوط القذافي أكثر من الذين قتلهم القذافي كي يبقى في السلطة، فقلت إن القذافي مسؤول عن كل ما يحصل لأنه حرم مواطنيه أبسط حقوق المواطنة، بما في ذلك حق تكوين جمعيات خيرية وأندية أدبية، وختمت كلامي بشتم الرجل والدعاء بأن ينال جزاءه أمام عزيز مقتدر، فإذا بأحدهم يقول لي: اذكروا محاسن موتاكم، فقلت له: أولا القذافي ليس من «موتاي»، ثم اذكر لي حسنة واحدة للقذافي وسأذكرها بدوري ف.. انكتم صاحبي)
المهم أن بعض القراء يستاء من شتمي لذوات الأثداء أولئك لأنهم يرون فيهن، وأشباه الرجال الذين يملأون الأثير ولولة وغنجا «شيئا يشرح الصدر»، بينما يقول قراء آخرون: ذبحتنا بنانسي وأخواتها.. فكّنا من ها السيرة! ولكن هيهات، فالحرب بيني وبين هذه الفئة سجال، ربما لأنني متخلف، وربما لأن ذوقي شديد الرقي، وربما لأنني أعتقد ان خطر فتيات وفتيان الفياغرا الذين يتسللون الى بيوتنا عبر قنوات الصرف الصحي الفضائية أشدّ وأعظم من خطر إنفلونزا الطيور والصراصير، فكثيرون لا ينتبهون الى أن ذلك الصندوق العجيب أبو شاشة بلورية، الذي لا يخلو منه بيت، صار مصدرا لجراثيم فتاكة تتطاير من البضاعة الفاسدة التي يحويها.
عرضت القناة الرابعة البريطانية (تشانيل فور) برنامجا شارك فيه تسعة شبان وشابات متعلمون، وكان البرنامج عن رحلة في الفضاء يقومون بها انطلاقا من قاعدة روسية، وأقلعت الطائرة بالمجموعة، وبعد عدة ساعات من الطيران حطت في مطار، واستقبلهم نفر من الروس يتكلمون انجليزية مكسرة، واقتادوهم الى مركز التدريب الذي سيعدّهم للرحلة الفضائية، وهناك ألبسوا كل واحد منهم قطعة بامبرز (حفاظات منع تسيب السوائل والفضلات من الجسم) وملابس ضيقة جدا. ولأنني لست كاتب قصة فسأضحي بعنصر التشويق وأقول لكم ان المسألة كانت «استهبال في استهبال»، فالطائرة التي ركبوها ظلت تطير حول بريطانيا لعدة ساعات ثم حطت قرب مدينة إبسويتش بإنجلترا، ولم تكن هناك قاعدة جوية او بطيخ، بل كان كل شيء مفبركا، وكان الخبراء الروس الذين يلقنون المجموعة فنون قيادة مركبات الفضاء ممثلين عاديين لا يعرفون الفرق بين الصاروخ واسطوانة الغاز.
أسرة البرنامج أعدت الخدعة بإتقان، وكانت اللافتات في المكان باللغة الروسية وفي غرفة جهاز محاكاة مركبة الفضاءsimulator ظل المساكين التسعة يتلاعبون بأزرار عديمة المعنى والجدوى، وقال لهم المدرب إنهم دخلوا مرحلة انعدام الجاذبية، وعندما تساءل أحدهم: ولماذا لا نحس بانعدام الوزن ونتشقلب وتصبح أرجلنا الى فوق ورؤوسنا الى أسفل؟ قال لهم المدرب انه استخدام شفاطات لمنع الجاذبية من التأثير عليهم، ثم أدخلوهم في جسم مخروطي يشبه المركبة الفضائية سرعان ما انطلق بهم الى الفضاء الخارجي.. طبعا لم يتحرك ذلك الجسم سنتيمترا واحدا، وكل ما هناك هو أنهم دخلوا أنبوبا كذلك الذي تجده في مدن الألعاب ويعطيك الإحساس بالطيران او السقوط من ارتفاع شاهق.
والشاهد هو ان الحكاية انطلت على تلك المجموعة، كما انطلت على نسبة عالية من المشاهدين الذين تحسروا على عدم نيل الفرصة للمشاركة في برنامج يتيح لهم فرصة السفر في الفضاء. وهكذا يبيع التلفزيون الوهم، وزبائن الوهم كثيرون! هل تذكرون حرب الخليج الأولى (تحرير الكويت) قال الأمريكان انهم استخدموا قنابل ذكية لا تلحق الأذى بالبشر وصدقهم الكثيرون، وجاءت حرب الخليج الثانية واستخدمت فيها قنابل أكثر «ذكاء»، ولكن وسائل الإعلام كشفت ان تلك القنابل، من فرط غبائها تقتل الناس ولا تلحق الضرر بالمنشآت... ومع هذا لا تزال قناة فوكس نيوز الأمريكية تتغنى بمحاسن القنابل الذكية الحنينة الرؤومة!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك