زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
شيء مؤسف ومُقْرِف
مازالت فرنسا تحاول نسيان صدمة مثول عدد كبير من العائلات تقيم في مبنى واحد أمام القضاء بتهمة ممارسة الدعارة. والدعارة في حد ذاتها ليست جريمة في فرنسا. وبالمناسبة هناك قانون عجيب في بريطانيا بشأن الدعارة، فليس ممنوعا ان تعيش امرأة علنا من بيع جسدها، ولكنها تعتبر مجرمة وخطرة على المجتمع إذا حاولت استدراج الزبائن! طيب يا أهل الحضارة والديمقراطية كيف يكون من حقها ممارسة الدعارة والتكسب منها دون أن تعرض بضاعتها على الزبون؟ يقول المثل العربي عن مثل هذه الأمور: «عريان ويغطي ذقنه»!
نعود الى حكاية تلك المجموعة التي تعرضت للاعتقال في فرنسا لأنها كانت تمارس دعارة، ولكن من الصنف الذي يتقزز منه حتى عتاة المجرمين الذين لا يأبهون بسلامة وشرف الآخرين. فقد اكتشفت الشرطة الفرنسية ان تلك العائلات كانت تتاجر ببناتها وأولادها وتبيعهم لتجار اللذة، وكان من بين الذين يتعرضون لهتك العرض برضا الوالدين أطفال في الثالثة من العمر. تخيل أن أمّا أو أبا يعرض على رجل كبير في السن ان يزني بطفلته مقابل كذا يورو، بل ويوزع «دعايات» سرّا عن عياله كي يستقطب الزبائن لهم.
لا أستطيع الاسترسال حول تفاصيل هذه القضية كي لا أصيبكم بالغثيان! ولكنني سأحكي لكم حكاية أخرى ستصيبكم بالقرف والغضب، وتتعلق بشخص اسمه «راء» يعمل بائعا متجولا في مدينة عربية، ولديه بنتان: سوزان وعمرها خمس سنوات ومروة وعمرها ثلاث سنوات، كانت البنتان تعيشان مع والدهما «راء» هذا بعد انفصاله عن زوجته وإصراره على حضانتهما، ولكنه عانى من توفير القوت لهما فقرر اللجوء الى حل عجيب: البنتان تتناولان كميات كبيرة من الطعام ولا بد من التخلص من إحداهن، وهكذا شرع في تعريض مروة بنت الثلاث سنوات لشتى صنوف التعذيب.. ضرب مبرح وتنكيل متواصل على أمل ان تموت ببطء دون ان يكون هناك دليل واضح على أنها ماتت نتيجة عمل عنيف، ولكن مروة لم تمت، وهنا قرر رجب التخلص من بنته هذه بالبيع، ولجأ إلى صديق له يدعى موسى وطلب منه العثور على شخص يشتري مروة نظير ثلاثين ألف جنيه (أقل من ثمن عجل).. للحكاية نهاية سعيدة نوعا ما، فقد اكتشفت الأجهزة الأمنية أمر الصفقة وألقت القبض على رجب، ومن المؤكد أنه لن يعاني من أي متاعب مالية لعدة سنوات لأن إدارة السجون ستتكفل بإطعامه، وعادت مروة وأختها سوزان إلى حضن أمهما معززتين مكرمتين، وقد تكفل فاعل خير ذو مروءة بكفالة الأم وبنتيها.
أي انحطاط هذا الذي يجعل إنسانا يبيع بنته أو ولده في مزاد ويحدد السعر الأدنى للصفقة، أو يعمل قوّادا لأطفاله؟ هل يفعل ذلك بشر سويّ؟ الواحد منا يهبّ من فراشه كالثور الهائج اذا سمع صوتا غير طبيعي صادرا من غرفة أحد عياله خشية ان يكون مكروها قد حل به، ولكن هناك آباء وأمهات يعرضون البنات والأولاد للتحرشات الجنسية وشتى أنوع المخاطر بسبب الغفلة أو الغباء.. وهناك آباء وأمهات يعانون من اختلال القيم ويسمحون لعيالهم بالمشاركة في أنشطة ذات مردود مالي كبير وكلفة «أخلاقية» عالية. في دولة عربية مسلمة أقام أحد المحامين قبل أعوام دعوى على مطربة معروفة شخلوعة، رأسمالها الأساسي جسدها الذي تحرص على الكشف عن خباياه، وكانت الطامة الكبرى تتمثل في أنها استعانت في شريط مصور ببنات في العاشرة او ما دون ذلك، صاحبنها في الرقص وكشف ما ينبغي أن يكون مستورا. والعتب هنا ليس على المطربة بل على آباء وأمهات الفتيات القاصرات الذين سمحوا لهن بالشخلعة.. وعلى بلاطة فإن من يسمح لابنته ان تتعرى باسم الفن على الشاشات يستحق لقب «قواد» بجدارة، ونجح المحامي النبيل في الزج بالمطربة في السجن ثم عالم النسيان.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك