اطلالة
هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
عن سؤال تتلظى!
شهدت الساحة المصرية مؤخرا تحركا برلمانيا بسبب سؤال «تتلظى» في امتحان اللغة العربية لمرحلة الثانوية العامة، الذي يرى البعض أنه وضع للتعسير، وللاستعراض على الطلاب الذين أعربوا عن استيائهم الشديد منه.
أصل الحكاية كانت طرح تساؤل عن معنى كلمة «تتلظى» بامتحان اللغة العربية بالثانوية العامة، إذ سئل الطلاب عن أي من الكلمات التالية تعبر عن معنى «تتلظى الصدور لنعمتك» وهي (تتطلع.. تحقد.. تتأسى.. تتحسر)، لتأتي المفاجأة بأن الإجابة الصحيحة هي (تحقد) وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية، علما أن أغلب الإجابات رجحت خيار (تتطلع)، ما أشعل امتعاضا بين الطلاب وأولياء أمورهم.
العجيب أن بعض العلماء والمختصين قالوا إن الكلمة الصحيحة هي «تلظى» وليست «تتلظى» وأن المعنى المقصود منها «تشتعل» أو «تلتهب»، وهذا يعني أن السؤال خطأ من الأساس، وذلك بحسب ما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبعيدا عن هذه الواقعة، وذاك الجدال الذي أثير حول هذا السؤال، وعن مدى صحته، دعونا نتوقف هنا من جديد عند قضية في غاية الأهمية وهي تتعلق بالأهداف التي نسعى إلى تحقيقها من وراء الاختبارات بشكل عام، وبمدى ما يتمتع به واضعوها من مهارة واحترافية تؤهلهم للقيام بهذه المسؤولية الصعبة.
بداية يجب الاعتراف والإقرار بأن الكثيرين من واضعي الامتحانات في مجتمعاتنا العربية وللأسف الشديد باقون محسورون في دائرة نظرية الحفظ، والتكرار الذي يعلم الشطار، والتي نشأ عليها جيلنا وكنا نرددها دوما وعن ظهر قلب، وبأن هناك أسئلة يتم وضعها لمجرد التعجيز أو لفرد العضلات على أبنائنا، وأننا مازلنا بعيدين عما يسمى الأفكار والابتكار والإبداع والتحليل والنقد والفهم سواء فيما يتعلق بالمقررات أو بأسلوب التعليم أو بطرق التقييم.
الطلاب وكذلك الأهالي يسعون طوال العام بالجهد والمثابرة من أجل مستقبل منير ومشرق وثري، ويبذلون في سبيل ذلك الغالي والنفيس، حتى هؤلاء الذين ينتمون إلى الطبقات ذات الدخل المحدود، وفي نهاية الأمر يأتي نظام الامتحانات ليخيب الآمال، فضلا عن عدم قدرته على التعبير عن المستوى العقلي والفكري للممتحنين، فيصاب الجميع بالإحباط.
الامتحان وضع لاختبار قدرات الطالب على فهم واستيعاب الموضوعات التي تشملها المقررات، ومن أسسه المهمة أن يبنى على التيسير وليس التعسير، ومن ثم قياس مستوى التحصيل وليس التأديب أو العقاب، أو إشعاره بأنه يخوض حربا ضروس عليه أن يصارع فيها من أجل البقاء وإلا الفناء.
لذلك يجب اختيار لجنة وضع الأسئلة بحرص شديد، فمهمتها تتطلب مهارة وإنسانية وحرفية لا يمتلكها الكثيرون، لأن أي خلل أو خطأ بأي امتحان الطالب وأهله هم من يدفعون الثمن وليس واضعه!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك