الاقتصاد الرياضي ودوره المؤثر في مجموع الدخل القومي
تحسن الحس الاستثماري للأندية في السنوات الثلاث الأخيرة
لم تعد الرياضة في الوقت الحالي مجرد نشاط اجتماعي أو ترفيهي، بل أصبحت أحد مصادر الدخل الاقتصادي للعديد من الجهات بل دول العالم، والتي تتسابق على استضافة الأحداث الرياضية المختلفة لما يترتب على هذه الاستضافة من مردود اقتصادي، وقد باتت الرياضة الحاضر مصدراً كبيراً جداً للأموال، وتحولت اليوم من هواية إلى صناعة بارزة في مجال الاستثمار.
وكان هذا الحوار مع الباحث الاقتصادي عارف عبدالله خليفة هو ثمرة سؤالنا الذي يتعلق بمعضلة قلة موارد أنديتنا المالية قبالة الصرف الكثير على احتياجاتها، والذي توجهنا به إلى ضيف الملحق الرياضي في «أخبار الخليج» والذي لم يتوان في إشباع السؤال إيضاحا وإفهاما.
الاستثمار الرياضي
وأكد عارف عبد الله خليفة على أن الاقتصاد والاستثمار الرياضي يعد من ضمن أحد فروع الاقتصاد الحديث ويسمى «الاقتصاد الرياضي» نظرا لدوره المؤثر في مجموع الدخل القومي، لافتا إلى أن البرازيل على سبيل التمثيل لا الحصر إذ يمثل دخل الاقتصاد الرياضي في الدخل القومي ال GDP ما قيمته 5% ويمثل ايضا لبعض الدول ما قيمته 2% بحسب قوله.
وتابع قائلا: عندما نتكلم عن دور الاقتصاد الرياضي في مملكتنا الغالية، ورغم أن واقع الاستثمار في الأندية لا يعد استثمارا عقاريا في معظمه، ولكن لدينا تحسن في الحس الاستثماري الرياضي للأندية في الثلاث السنوات الأخيرة.
ويرى الباحث خليفة بأنه مع كثير من التخطيط والتنبؤ المستقبلي خلال الـ5 سنوات الماضية لواقع الاستثمار الرياضي، وآخر خطة وضعت لذلك قبل سنتين، وبعد وضع الحلول المناسبة من قبل الجهات المعنية تأملنا صراحة خيرا فيما يتعلق بموضوع اعتماد الأندية ماليا على استثماراتها، وقد رأينا تحسين بعض التشريعات من أجل تسهيل ذلك عبر تعاون السلطة التنفيذية والتشريعية.
الواقع المتناقض
ويرى بأن الواقع المتناقض بين ميزانية الأندية والاستثمارات ومتطلبات صناعة الاحتراف الرياضي في المملكة وعبر اطلاعه المتواضع على شأن تحديات الأندية فإن هناك عدة عناصر رئيسة ضاغطة على ميزانية الأندية وهي:
المخصص الحكومي (بين الرمزية والتأخير).
الاستثمار الأمثل (بين المخاطر والرؤية المستقبلية).
المنافسة الرياضية (بين التميز او الهبوط).
اللاعبون والأجهزة الفنية (بين الاحتراف أو الهواية).
الجمهور (بين منصات التتويج أو السخط).
جهد عملي واحترافي
وقال إنه بعيدا عن التنظير الإداري لكل ما ذكره أعلاه ينبغي أن يكون هناك جهد عملي واحترافي لإدارة هذه العناصر والمتطلبات من قبل مجالس إدارات الأندية.
وتوقف عند بعض العناصر المذكورة وقال إنها تريد مالا، والبعض الآخر يرغب في نتيجة إيجابية، غير أن النتيجة لا تتحقق إلا بالمال والميزانية المناسبة.
وتابع: ومن هذا المنطلق أصبحت الرياضة صناعة واستثمارا وموردا اقتصاديا كما نراه في الدول المتقدمة، وخصوصا استثمار الجمهور في دعم استثمارات النادي ومرافقه (رعاية إعلانية، منتجات، محلات، صالات، إيجارات، وغيرها).
إدارة المخاطر
وأضاف في السياق نفسه قائلا: ولكن للأسف معظم مشاكل الأندية المالية وديونها هو في عدم تقييم ما يسمى «بإدارة المخاطر» عند فتح باب للمصاريف الجديدة وعدم وضع خطة مالية واستثمارية للنادي من قبل أعضاء مجلس الإدارة والجمعية العمومية.
وأكد على أن معظم أسباب ديون الأندية حاليا تكمن في مشروع الاحترافات المحلية والخارجية ورواتب المدربين، فعلى سبيل المثال لا يوجد باب يسمي أو يعني برواتب اللاعبين، وعليه يجب وبشدة عدم تجاوز الأبواب المحددة محاسبيا.
أساس التناقض
وقال: إن مشكلة التناقض تكمن في ضعف الميزانية، وكثرة مصاريف الأندية (مصاريف استقطاب اللاعبين المحترفين) ويرى فعليا بأن كثيرا من اللاعبين المحليين يستحقون الكثير من المبالغ إذا ما قارنا ذلك بالدول الشقيقة المحيطة بنا، والتي تتميز بميزانيات خرافية للواقع الرياضي يوازيه دعم كبير وغير محدود، فلاعبونا مثلا يستحقون عروضا احترافية في دول الخليج ليحصلوا على أضعافا مضاعفة مما يحصلون عليه محليا، ويرى أن هذا التحدي تقع مسئوليته للأسف على مجلس الإدارة، وفي الأخير نجد أن استنزاف ميزانية النادي لربما وراءه عقد لاعب واحد في لعبة جماعية على حساب دين كبير، أو استنزاف دعم داعم وحيد يوجه لهذا اللاعب على حساب بقية اللاعبين في الألعاب الأخرى.
وأضاف بأن التناقض الموجود ليس بسبب ضعف المهارات الإدارية والمالية والاستثمارية لأعضاء مجلس الإدارة أو العاملين فيها، ولكن الأمر يتعلق بجهة الصرف، وهذا ما أدى إلى تراكم الديون على بعض الاندية الكبيرة مرة أخرى.
وتابع: بأننا علينا الرجوع إلى ما تم تداوله وإقرار الكثير منه ضمن توصيات قمة الرياضة البحرينية عام 2023.. منها دفع ديون الأندية والخصخصة لصالح الشركات (ربح أو خسارة) وكيفية الربح التجاري والاستثماري في الرياضة وعوائد شراء التذاكر (لا يمكن إنجازه في البحرين) وحقوق نقل وبث المباريات (غير متحقق عندنا) بيع منتجات الأندية، واستثمار الصالات الرياضية وملاعب الكرة.
العودة لقواعد الاقتصاد
وقال: علينا بالعودة للكثير من قواعد الاقتصاد والمال والاستثمار إذ أنه ومن أبجديات الاستثمار علميا وعمليا ومحاسبيا رفع قيمة الأصول قبل بيعها عبر تقوية مركزها المالي (يجب ان نطبق ونفعل هذه القاعدة في الاستثمار الرياضي).
وقال إنه بعيدا عن إخفاق أو نجاح الاتحادات في تسويق مسابقاتها والتي نجح معظمها بعد توصيات القمة الرياضية لنرى كيفية تنمية الاستثمارات في الأندية وتسويق منتجاتها:
أولا: نحتاج إلى وجود لجنة متخصصة من قبل الهيئة العامة للرياضة وبإشراف المجلس الأعلى للشباب والرياضة تعني بإدارة الاستثمارات في جميع الأندية، والإشراف الكامل عليها، وفصل أعضاء مجلس الإدارة عن الجانب الاستثماري، لأنهم بعيدون عن الاختصاص في الجانب الاستثماري.
استثمارات تقليدية
ووصف جميع الاستثمارات التي نراها «بالتقليدية» ولا ترتقي إلى مسمى الاستثمار على أرض الواقع وهي تنحصر في الجانب العقاري ليس إلا بحيث يتم تأجير الأراضي للمستثمرين بمبالغ زهيدة لا ترقى إلى الجانب الاستثماري، بخلاف مثلا مشروع نادي النجمة حيث اعتمد على أسلوب المشاركة في الإيرادات بشكل استثماري وهذا ينم عن عقلية استثمارية متميزة..
ويرى على سبيل المثال أن أندية المحرق والأهلي والنجمة والرفاع تملك قواعد جماهيرية جارفة تتعدي حدود المملكة لا يعقل ألا يوجد متجر لبيع التذكارات ومنها قمصان النادي واللاعبين أسوة بالأندية العالمية والخليجية وغيرها من الأندية الأخرى.
نماذج من الاستثمارات
ولفت إلى بعض المشاريع الناجحة والمطلوبة مثل الاستثمار في إيجاد ناد صحي متكامل في كل ناد، وهذه المشاريع أثبتت نجاحها على المستوي الريادي الفردي في البحرين، إذ نري أكثر من 100 ناد صحي وبرؤوس أموال متجمعة فاقت الـ5 ملايين وبهوامش ربح سنوية تصل الي اكثر من 30 بالمائة من رأس المال.. متسائلا: أين الأندية من هذه الاستثمارات حتى ولو كانت لهم تجارب سابقة أو حالية؟ ولكن لا ترقى إلى المستوى الاستثماري.
وتابع قائلا: توفير صالات تأجير للأفراح والمناسبات في الأندية، وترويج وتسويق هذه المشاريع يقع على عاتق أعضاء الجمعية العمومية للنادي.
ويرى بأنه يمكن القيام باستثمار جماعي للأندية، ويدار مثل هذا المشروع من قبل اللجنة اللي أشرنا إليها سابقا، وهناك حسب ما يرى مشاريع أخرى مثل كمشاريع المواصلات للأندية، وتوفير الأطعمة الخاصة للرياضيين، وشركة لتجهيز الملابس والمستلزمات الرياضية باعتمادات عالمية وبإدارة بحرينية، ويمكن أن تسهم مثل هذه الشركة لاحقا في توظيف اللاعبين.
ولفت إلى أن توفير المرونة أو تغيير قانون الأندية الحالي بحيث يسمح لها بالدخول في استثمارات أخرى غير العقار، وأن التحديات المقبلة التي تنتظر أنديتنا المحلية هي تحديات مالية واقتصادية كما تشير أرقام الديون.
حذار
وحذر الباحث الاقتصادي الأندية بقوله إذا لم يتم العمل على إيجاد إيراد تجاري استثماري ذاتي لجميع أندية المملكة خلال الـ10 السنوات القادمة فسيترتب على ذلك توقع اختفاء كثير من الأندية، ووجودها في قاعات المحاكم بدلا من ملاعب وصالات الرياضة.
أمنية
نتمنى أن نرى قانونا يسمح بإدراج أسهم أحد الأندية العريقة بعد تحويله لشركة مساهمة بحرينية في بورصة البحرين، ويكون المستثمرون هم جماهير النادي، نبدأ بناد واحد فقط ونراقب التجربة.
نعم الأمر صعب جدا جدا، ولكن غير مستحيل، ولو حدث سنكون رائدين جدا في التجربة على مستوى جميع الدول.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك